رأي

بكل الوضوح

عامر باشاب 

“أبو قطاطي” و(الفينا مشهودة)
أخي العزيز عامر باشاب أستميحك عذراً لأحتل مساحة زاويتك المقروة (بكل الوضوح ) لاتحدث عن مبدع سوداني معتق وخصال سودانية نادرة.
الفينا مشهودة “محمد علي أبوقطاطي” شاعر مجيد وأديب رائع، أسهم بقدر كبير وعطاء وفير في مسيرة الشعر الغنائي السوداني، وهذا الشاعر الجميل رفد مكتبة الغناء الأصيل بالكثير من الروائع والدرر التي لاقت حظها من الانتشار الواسع وقد شاركه فيها بالأداء الجميل كثير من عمالقة الفن السوداني، ومما يجدر ذكره أن هنالك ثلاثة أعمال فنية من نظم الشاعر “أبوقطاطي” تربعت على عرش الإعجاب عند المتلقي السوداني وهي (الفينا مشهودة)، (سواة العاصفة)، (الأماني العذبة)؛ لذلك رأيت أن أعطر حروفي بالشذى الفواح والجمال المنداح من رائعته (الفينا مشهودة) وهذا العمل الكبير سكب فيه “أبوقطاطي” عصارة موهبته إلا أن الفنان الرقم “عبد العزيز محمد داؤود” أضاف إليه أبعاداً جمالية وآفاقاً إبداعية أخرى جعلت منه عملاً متكاملاً وبديعاً٠
الفينا مشهودة/ عارفانا المكارم نحنا بنقودا/ والحارة بنخوضا ..
الزول بفتخر ويباهي بي العندو/ نحن أسياد شهامة والكرم جندو/ ما في وسطنا واحداً ما انكرب زندو/ والبعجز بقع بيناتنا بنسندو/ والحارة بنخوضا/ ركابين عليه الماصع أبغرَّة/ نتباشر وقت نلقي الكلام حرا/ ما بنفز يمين إن متنا فد مرة/ والخواف دا ما حُر منو نتبرا/ والحارة بنخوضا / للجار والصديق عشرتنا تتمنى/ بنصون الأمانة السيدا أمنا/ المغرور ندوسو نعدموا الطنة/ شافعنا بيرى الموت في الركاب سنة/ والحارة بنخوضا ..
 هذا النص الجميل يحتوي على الكثير من الخصال والأخلاق الكريمة التي عُرف بها مجتمعنا السوداني على مرِّ العصور (الشجاعة، الشهامة، الكرم، حسن الجوار والتكافل).
 وفي  هذه المساحة سأقف عند معنى جميل وسلوك نبيل أشار اليه الشاعر وهو إكرام الجار ويكون ذلك من خلال احترامه وأداء حقه وصيانة عرضه، فينشرح بذلك قلبه ويرتاح باله بأنه في رحاب أيادٍ أمينه ونفوس كريمة وفي ذلك دلالة عظيمة على حسن المعشر وأصالة الجوهر. وقد “عبر أبوقطاطي” عن هذا المعنى بروح الفنان ونبل الإنسان من خلال قوله: للجار والصديق عشرتنا تتمني / نصون الأمانة السيدا أمنا. وقد اشار لذات المعنى الشاعر “زيد بن أبي كاهل” من خلال قوله: لا يخاف الغدر من جاورنا / وعند مر الأمر ما فينا خرع.. وإذا نظرنا لما قاله “عنترة بن شداد” نجده يصب في ذات  المعنى: وأغض الطرف إذا ما بدت لي جارتي/ حتى يواري جارتي مأواها.
هذه نظرات عابره لرائعة “أبوقطاطي” وأما إذا أردت الوقوف عند كل المعاني والقيم التي حفل بها هذا النص فإن المساحة لا تكفي، والمجال لا يسمح، ولكن حسبي تلك الإشارات لمعاني الخير والجمال التي يذخر بها هذا العمل الباذخ. رحم الله “أبو داؤود” رحمة واسعة مع الدعوات الخالصات بالعافية وطول العمر للشاعر “محمد علي أبو قطاطي”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية