الديوان

صور تكافلية سودانية المنشأ في طريقها إلى الانقراض

السند في ساعة الحوبة 
تقرير:آيات مبارك
تجمع أصناف من البشر على ضجة  مشاجرة وقعت بين مسؤول الاستقبال بالمستشفى الحكومي وبعض من أقارب مريض قدموا لمعاودته.. وما بين إصرارهم على الزيارة وتعنت الخفير بدعوى أن زمن الزيارة انتهى .. تدخل أحد العقلاء مقدماً اقتراحاً بأن على الجميع كتابة أسمائهم على ورقة.. ومعها إضافة مبلغ من المال – إن أرادوا –  عندها ضج معظمهم  بالرفض.. بينما وافق البعض على الطرح  بكل عقلانية
هذا المشهد وغيره يوضح مدى التكافل الاجتماعي الذي ينعم به المجتمع السوداني.. فهناك من يرى بأن زيارة المريض واجبة والنية الشوفة .. بينما البعض الآخر يرى خلاف ذلك بأن المريض وذويه أحوج للمال.
ودفع النقود في كل المناسبات أفراحاً كانت أم أتراحاً هي عادة اجتماعية سودانية متوراثة ومن قيم التكافل الاجتماعي السامية تمسح آثار كل النكبات، تثبت القلب وتشعرك بأن الجميع من حولك لأنها تخفف حجم المصاب. بينما تضيف الفرحة أبعاداً معنوية عالية، وقبل ذلك هي قيمة دينية عالية فقد ورد ذكرها في السنة في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم “اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم أمر يشغلهم” وليس المجتمعات السودانية ببعيدة عن هذا الحديث الشريف.. فعند حدوث وفاة.. يهرع الجميع بـ(صواني الطعام) والمشروبات الساخنة إلى بيت العزاء .. لكن توارت هذه القيم  قليلاً وآثرت الصواني البقاء بالمنزل… وتبقى من كل ذلك (كشف الواجب) في جميع المناسبات كالزواج، الوفاة. وهناك أيضاً مناسبة الحج التي تقدم فيها المياه الغازية، حلاوة سكر، خبيز، خروف أما في (الوضوع) فيدفع ما يسمى بـ (حق اللبن) أو بعض مستلزماته كسرير الطفل.
كشف الزواج
يختلف كشف الزواج عن المناسبات الاخرى فقد تطغى عليه صبغة التفاخر والمباهاة لأن من يدفع 100 جنيه يجب أن تدفع له الضعف أو أي زيادة 200 جنيه وقد تكون هناك بدائل مثل (دق الدهب) أو شراء هدايا والمساعدة في أي عمل يعين على الزواج..
وهنا تحدثت إلينا سعدية إبراهيم: قائلة في معظم أماكن غرب السودان مافي زول بشيل هم عرس، الكشف يبدأ بالأخوان ثم الأقرباء وهناك منافسة خطيرة جداً في المجاملة لأنها تبدأ من شوالات العيش والخرفان والدهب أما بالنسبة للنسوان عندهم إناء مصنوع من السعف الملون (المكماد) وهو طولي أقرب لشكل (السبت) يحمل ما يساوي ربعين عيش (عيش الدامرقة، الذرة العادي) لو فالحة بتجيبي مليان سكر أو بلح أو فينو) وده في عرس الولد، صابون غسيل أو حمام، حلاوة ويزين المكماد بالزهور  ونضع عليه فرع نخل أو لالوب  و دلالة على الخير .والعطاء يكون حسب علاقة العريس ووالدته وتعاملهم مع الناس معنوياً كمساعدة الناس لذلك يحمل قيم سامية والماعنده حق المكماد بجيب قروش. وأبسط مكماد العيش وأفخر مكماد السكر ثم البلح .دقيقة الفيني ثم الدامرقة والعيش الذرة. والولد الما ساكن في البلد يدفعوا ليه عشان أهله القاعدين. وناس الضواحي المعزومين يجمع الرجال قروش.. لشراء شوال سكر أو خراف، بالإضافة للكشف.
 كشف الوفاة
عمر بسيوني – موظف
يرى وجود (الكشف) الذي تسجل الأسماء فيه يشكك في المعنى السامي لمبدأ التكافل وبمجرد ذكر اسمك تخرج من دائرة الإخلاص لله في العمل بالسر أؤكد بأن هذا الكشف عبارة عن دين بدليل أن أهل المتوفى يحتفظون بالكشف ويراجعونه عندما يتوفى لأحد المساهمين في الكشف شخص كي يردوه إليه بالمثل أو أكثر  كلما كان الشخص المتوفى “ضعيفاً” اجتماعياً ومادياً نلاحظ أن كشف عزائه قليل جداً رغم حوجته !!!! .لكن بالمقابل هناك أسر لا تقبل بالدفع أصلاً  وذلك لفداحة المصيبة
 لكن المفروض من مدير لي عامل ومن غني لي فقير تتجمع قروش وتتسلم بدون كشف.. عشان ما يعرف فلان دفع كم وعلان دفع كم .
–    رندة محمد عبد المطلب :
–    تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وعليه وجود المبالغ مكتوبة قد يؤدي لعواقب مثلاً نحن الموظفين الواحد لو ما راجع الكشف وشاف فلان دافع كم ما بيدفع ممكن يستلف كمان ومع الأسف هناك مثل سوداني يقول (إدين واتبين) وكل زول مفروض يعرف الحاجات دي لوجه الله سبحانه وتعالى.
وفي هذا السياق التقت (المجهر) بالباحثة الاجتماعية (إخلاص المجدي)
–    قالت (كشف البكا ) أخذ مكان صواني الغدا والفطور لكن بالمقابل هذه العادة موجودة حتى الآن بالولايات  وزمان كان في حاجة اسمها (النقطة) وتكون عادة قبل الزواج (يقولوا ليك فلان ده داير يعرس) معناها تهدي قطعة أثاث أو حاجة مساعدة إلزامية وأيضاً هي للتعبير عن الفرحة والإبتهاج بالمناسبة حتى أن أحدهم أراد المشاركة ولم يملك المال فنقط بي (طاقيتو) ، كل هذا يساعد في السيطرة على المتطلبات المادية المتزايدة  . لكن المؤسف في المجتمع السوداني العطاء للفقير مابكون على قدر حوجته بل على مايستيطع أن يدفع. لذلك يجب النظر إليهم بعين الاعتبار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية