حوارات

مدير (المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي) لـ(المجهر)

كل الجهات التي جلسنا إليها في الاتحاد الأوروبي أو الأمريكتين نظرتهم واحدة للوضع في السودان!!
شاركنا في تقديم النصح للقوى السياسية حول كيفية الخروج من النفق المظلم!!
الوضع الداخلي السوداني يحتاج إلى تراضي الناس حول طريقة حكم الدولة لا تقصي أحداً!!
لابد من إيقاف الحرب في المناطق الملتهبة فاستمرارها سينتج عمليات انقسام أخرى!!

حوار – صلاح حمد مضوي

يقدم (المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان) بالاتحاد الأوروبي وهو من المراكز التي أسسها مجموعة من الصحافيين الأوروبيين، ونظرائهم من أغلب دول العالم، في كل فترة عمليات إضاءة حول ما يحدث في السودان للدول الأوروبية وللمهتمين بالوضع السياسي السوداني، وبرز عمله إبان مفاوضات اتفاقية (الدوحة)، كما شارك في تقديم النصح للقوى السياسية السودانية حول ما يدور في الساحة السودانية وكيفية الخروج من النفق المظلم الذي تواجهه البلاد، ليقدم أخيراً ما وصفها بخارطة طريق للفرقاء السودانيين كافة لإيجاد هبوط آمن عقب تحذيره من حالة انشطار البلاد وتمزقها.
(المجهر) جلست إلى الدكتور “عبد الناصر سلم” مدير المركز لمعرفة رؤيتهم حول مختلف القضايا السودانية ونظرة المجتمع الدولي حولها.
{ دعنا أولاً نبدأ بالتعرف عليك؟
_ دكتور “عبد الناصر سلم حامد” مدير (المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي)- نائب رئيس قسم البحوث في (فوكس) للدراسات بالسويد – مدير مكتب (التحرير والعدالة) سابقاً بالدول الاسكندنافية- مدير مكتب حركة (العدل والمساواة) السابق بالدول الاسكندنافية– أمين التعبئة والاتصال الجماهيري سابقاً لـ(العدل والمساواة) بالخارج.
{ ما هي طبيعة عمل المركز الحالية؟
_ (المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان) هو من المراكز التي أنشئت في العام (2005) بعمل ذاتي من مجموعة من الصحافيين الأوروبيين والصحافيين من أغلب دول العالم، وهدفنا الأساسي هو توعية المواطنين في منطقة القرن الأفريقي تحديداً نسبة لكثرة المشاكل السياسية في المنطقة، بالإضافة إلى إعادة دمج المسلحين في الحياة المدنية، وعملية التوعية وتقديم النصح في مجال التفاوض، ودعم عملية السلام في أغلب دول المنطقة.
{ علاقة المركز بالسودان وأبرز مساهماتكم؟
_ أبرز ما قدم في السودان من مساهمة كانت في (اتفاقية الدوحة) ما بين الحكومة و(حركة التحرير والعدالة) حول ملاحظات قدمت لكبير مفاوضي التحرير والعدالة الأستاذ “تاج الدين بشير نيام” في فترة التفاوض قبل التوقيع على الاتفاقية.. وكذلك شاركنا في تقديم النصح للقوى السياسية السودانية حول ما يدور في الساحة السياسية السودانية، وكيفية الخروج من النفق المظلم الذي تواجهه الدولة في المرحلة الماضية، أيضاً نصدر كل فترة تقريراً شاملاً حول الوضع في السودان وتحديات المرحلة المقبلة وكيفية إعادة لحمة النسيج الاجتماعي في المناطق المضطربة في (النيل الأزرق) و(جنوب كردفان) و(دارفور)، ونقدم في كل فترة عمليات إضاءة حول ما يحدث في السودان للدول الأوروبية وللمهتمين بالوضع السياسي السوداني.
{ قدمتم نصحاً للقوى السياسية؟
_ قدمنا النصح للقوى السياسية في بيانات من عدة نقاط في خارطة طريق…
{ (مقاطعة).. متى كان ذلك؟
– في زيارتي الأخيرة للسودان قبل شهرين…
{ (مقاطعة).. لمن قدمتموها؟
_ لكل القوى السياسية، حيث صدرت بيانات وزعناها عليهم وهي تتعلق بالوضع الداخلي السوداني وتحديات المرحلة القادمة، قلنا لهم إن الوضع الداخلي السوداني يحتاج أن يتراضى الناس حول طريقة حكم الدولة وأن يعمل الجميع على إيقاف الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور عبر عملية سياسية لا تقصي أحداً من المشاركة فيها، وتقود إلى تحول ديمقراطي شامل في البلاد بصورة عامة، كما قلنا لهم إن هذه العملية لابد أن تشمل وقفاً شاملاً لإطلاق النار في المناطق الملتهبة، والعفو عن حملة السلاح الذين صدرت في حقهم أحكام بالإعدام وغيرها، وأقصد تحديداً قيادات (قطاع الشمال) في الخارج، كما تشمل عملية إطلاق سراح للمعتقلين السياسيين من الطرفين، بالإضافة إلى تهيئة الأجواء، وبعدها الدخول في عملية تفاوض مباشر أو غير مباشر فيما يتعلق بالحوار تمهيداً لحوار شامل يجمع القوى السياسية دون إقصاء لأحد.
{ الحكومة ضمن من قدمت لهم (خارطة الطريق)؟
_ قدمت لكل القوى السياسية والقوى الراعية للسلام مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أرسلنا نسخة إلى وزارة الخارجية الأمريكية وهي تتعلق بالنقاط التي ذكرتها لك سابقاً، ولا تخرج عن إطار أن المركز يسعى بكل جهده لأن يصل السودانيون إلى حوار يرضي كل القوى السياسية ويوقف الحرب في المناطق الملتهبة، لأن استمرار الحرب في تلك المناطق يمكن أن تنتج عنه عمليات انقسام أخرى في البلاد.
{ هذا الطرح يتوافق مع كثير من مطالب القوى المعارضة.. ماذا كان رد الحكومة تجاهه؟
_ للأسف لم نتلق أي رد سواء من الحكومة أو من المعارضة حول ما قدمنا…
{ (مقاطعة).. لماذا برأيك؟
_ أعتقد أن بعضهم لم يتقبل ما قدم، وبعضهم كان متحفظاً على ما قدم، وبعضهم توجس خيفة من ما قدم.. وهذه هي المرحلة التي تلاها نوع من أنواع الاستهداف للمركز ومديره والتشكيك بوطنية وقيادات المركز.
{ هنالك من يرى أن أفق أغلب قادة الأحزاب لا يتسع لحل يرضي الشعب السوداني.. هل لمست مثل هذا الأمر؟
_ أعتقد أن السياسة السودانية تمر بمرحلة ضيقة جداً هي مرحلة الثنائيات أو التضاد الموجود ما بين القوى السياسية، ومرحلة عدم تطور الفكر السياسي السوداني في أغلب الأحزاب السياسية التي أوصلت الشباب إلى العزوف عن العمل السياسي مع الأحزاب القديمة أو المتأصلة في المجتمع السوداني، الأمر الذي أخرج بعضهم للفكر الضال، أو لحملة السلاح أو غيرهم.. الأحزاب تمر بإشكالية حقيقية متمثلة في عدم تداول الديمقراطية داخل مؤسسات الحزب الواحد، الأمر الذي يجعل الشباب يفقد مصداقيته في الحزب، ويفقد أعضاء الحزب في حزبهم، ويفقد الحزب قيادة أي مبادرة، العمل السياسي السوداني يمر الآن بمرحلة من الخمول السياسي الكامل، لا يمكن أن نتحدث عن ديمقراطية بالمفهوم الحديث.. وهنالك قيادات كانت وما زالت موجودة في القيادة لأكثر من (30) سنة، من الطبيعي والحال كذلك أن لا تحدث عملية تطور طبيعي للعملية السياسية.
{ هل هذا الحال ينطبق على الأحزاب الأيديولوجية إسلامية أو يسارية؟
_ ذات الشيء ينطبق على كل الأحزاب السياسية.. هذه أزمة حقيقية وأنا أسميها (ديناميكية الفشل) في العمل السياسي السوداني، مربوطة بأنه لا توجد عملية تطور طبيعي داخل الأحزاب السودانية، وهذا التطور في نهاية المطاف يؤدي إلى فشل في المشاريع وفشل في تنفيذ ما يتفق عليه داخل الحزب، وهذا ما قاد منذ الاستقلال وصولاً إلى العام (2005) إلى ما عرف بصراع الثنائيات ما بين الأحزاب السياسية السودانية، والصراع الشخصي ما بين قيادة هذا الحزب والحزب الآخر هو ما أفشل البلاد في المرحلة الفائتة وأوصلها إلى هذه الحال.
{ بدعاوى الإصلاح خرجت بعض الأحزاب عن السلطة الحاكمة.. هل جلست إلى الدكتور “غازي صلاح الدين”؟
 _ جلست إلى الدكتور “غازي صلاح الدين” في حوار مطول حول الصراع ما بين (الرزيقات) و(المعاليا)، وكنا نسعى إلى أن نجمع القبيلتين على مائدة إفطار في رمضان الماضي من أجل التوصل لوقف إطلاق النار وحقن دماء القبيلتين.. “غازي” من المفكرين السياسيين الذين اعتز بتواصلي معهم، وهو يمتلك رؤية سياسية واضحة، كما أنه يمتلك النقد الذاتي، وهذا أمر غير موجود لدى القوى السياسية السودانية الأخرى التي على طول الفترة التي تلت استقلال السودان لا تجد فيها من يقول لك إنه مخطئ في هذه النقطة، وعندما لا توجد عملية تصحيح أو نقد ذاتي فإن أجيالنا الجديدة لن تكتسب الخبرة من الأجيال التي سبقتها وتتعلم أنه في هذه المنطقة يوجد خطأ يجب أن يتجاوزه الشخص.. “غازي” شخص متمكن، وأتمنى لـ(الإصلاح الآن) أن يقود عملاً يؤثر على الساحة السياسية.
{ هذا ينطبق عليه كشخص.. لكن هل نجا حزبه من ما قلته عن بقية الأحزاب السودانية؟
_ لا أعتقد.. فسياسة الرجل الواحد تسيطر على كل الأحزاب السودانية، وهنا لا أقصد “غازي صلاح الدين” تحديداً، لكن كل الأحزاب تعاني من إشكالية قيادة الشخص الواحد الملهم الذي لا يوجد تحته تسلسل هرمي طبيعي للقيادة.
{ بعض الأصوات اتهمتكم بأن أطرافاً دولية تقوم بإعدادكم كقادة مستقبليين للبلاد.. هل ذلك صحيح؟
_ هذه اتهامات غير صحيحة.. وأعتقد أنه نسبة للنشاط السياسي الذي تم في المرحلة الماضية، ونسبة لصغر سني وسفرياتي العديدة للدول الأوروبية وغيرها في إطار العمل السياسي ومقابلة بعض الأكاديميين، وفي إطار تقديم تنوير حول الوضع السياسي السوداني.. هذه محاولة من بعض الجهات لتشويه الصورة واغتيال صورة الشخص أو المركز، وأعتقد أنها جدلية من هو هذا الشخص الذي ولد وتربى وعاش خارج السودان ثم يأتي ويعطينا نصحاً في حقوق الإنسان ويقارع قيادات كبيرة السن؟ حتى وصلت لاتهامي بأني الرئيس المقبل للسودان.. وأنا بالمقابل أقول إنني لست راغباً بالعمل في السياسة السودانية ولست رئيس السودان المقبل.
{ جلستم إلى أطراف دولية لها ملاحظاتها على ما يجري في السودان.. كيف ينظرون إلى ما يجري هنا؟
_ كل الجهات التي جلسنا إليها سواء في الاتحاد الأوروبي أو الأمريكتين نظرتهم واحدة للوضع في السودان، فهم يرون أن حل الملف الإنساني وإطلاق الحريات هما الكفيلان بأن تسير العملية السياسية إلى الأمام.. لا يمكن أن تتحدث عن حوار وتغيير سياسي وهنالك معتقلون في السجون، وعمليات اعتقالات عشوائية تجري.
{ ماذا عن رؤيتهم لما يجري في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟
_ كلنا متفقون على أن تنفيذ (اتفاقية الدوحة) تسير بشكل بطيء جداً، وأنا لا أريد أن أصفها بأنها في حالة (موت سريري)، لكن التنفيذ يسير بشكل بطيء جداً.. وعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية وإنزال الاتفاقية على أرض الواقع سيجعل المواطن الدارفوري الذي توحد ووقف مع هذه الاتفاقية ينبذها.. المواطن هناك يريد ثلاثة أشياء.. يريد الأمن والخدمات ودولة باسطة لسيطرتها على ولايات دارفور، ودون ذلك فالطاغي هناك هم حملة السلاح.
{ ماذا عن جنوب كردفان والنيل الأزرق؟
– كل الذين قابلناهم وتحدثوا عنهما قالوا إن الملف الإنساني لابد أن يفسح وتفتح ممرات آمنة لإيصال المواد الغذائية.. وفي هذا الصدد قدمنا مقترحاً للطرفين الحكومة والحركة الشعبية من ثلاث نقاط تتمثل في فتح ممرات لإيصال المواد الغذائية تحت إشراف دولي يضمن عدم إدخال الحركة الشعبية لمعدات عسكرية للمناطق المحاصرة، ويضمن إيصال المواد الغذائية، وتبديد مخاوف الحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية