المؤتمر
التجديد في القيادة تضيق مقاصده إن تم اختزاله في تغيير الأشخاص دون النفاذ
لجوهر السياسات الاقتصادية واﻻجتماعية والتوجهات الفلسفية للدولة، فذهاب “البشير” أو التجديد له يصبح إجراءً شكلياً إذا لم يصحبه تجديد حقيقي في السياسات، حيث فشلت السياسات التي اتبعت في الأعوام الماضية خاصة بعد
انفصال الجنوب، في تحقيق قدر من العيش الكريم لأغلبية الشعب الذي يعاني
كثيراً في الحصول على ضروريات الحياة من خبز وجرعة دواء وتعليم، وقبل أن يؤمن نفسه وماله وعرضه خاصة في مناطق النزاعات. اليوم يبدأ المؤتمر الوطني أولى مراحل اختيار قيادته الجديدة بانعقاد مجلس الشورى من أجل اختيار خمسة مرشحين إلى المؤتمر العام (الخميس) القادم.
وقد سعى المؤتمر الوطني لتجديد شخوص وأفراد تسنموا القيادة لسنوات طويلة
وقبل تقييم الوطني لتجربة التجديد، سلبياتها وإيجابياتها، اندفع بعض قادة الحزب الحاكم نحو تغيير القيادة التاريخية للسلطة، بعد أن أفلحوا من قبل في إقصاء “الترابي” من الحزب والدولة والحركة، واليوم هناك من لا يقرأ حقائق الواقع وينادي بتغيير الرئيس بقيادة جديدة دون التروي المطلوب حتى لبلوغ دعوة الرئيس مبتغاها في التسوية والمساومة التاريخية التي دعا لها في فبراير الماضي والتي رغم العثرات ﻻتزال على قيد الحياة.
إن التجديد لـ”البشير” لا يناقض مبدأ التغيير والتجديد واﻻستجابة ﻻستحقاقات
المستقبل بقدر ما يشكل التجريب ومحاولة إضفاء مجرد مساحيق على الوجوه دون تغيير السياسات الحالية ردة حقيقية عن خطاب الوثبة الشهير.
إن المراقب لما يجري الآن في ساحة الحزب الحاكم يدرك أن أغلبية قواعد
الحزب وقيادته الوسيطة مع التجديد للرئيس “البشير” لدورة قادمة أخيرة، تؤول
من بعدها القيادة لجيل جديد. وتخشى القواعد من الاندفاع بلاء تروي في
التجديد ويفقد الوطني قيادته الحالية وتسود حقبة التكالب على المغانم
ويتبعثر صف الوطني، وتدخل بلادنا حقبة صراعات جديدة ﻻيعرف إلى أين ستقود البلاد. وفي خضم مثل هذه المناخات تصبح الأبواب مشرعة لأي طامح ومغامر من المؤسسة العسكرية للانقضاض على السلطة بذريعة إنقاذ البلاد من الفوضى، ولكن في وجود “البشير” الذي يشكل وجوده أكبر ضمانة لعدم تكرار الانقلابات العسكرية مرة أخرى، حتى تكتمل مرحلة التحول القادمة ليتنحى “البشير”، وقد تحقق السلام بالتفاوض وتوحدت القوى السياسية على برنامج الحد الأدنى.