ما قصروا
خسر منتخبنا الوطني لكرة القدم مبارياته في الجولة الرابعة لتصفيات المجموعات المؤهلة لمونديال المغرب الذي هو في كف عفريت أمام المنتخب النيجيري بأبوجا بثلاثة أهداف نظيفة لهدف، والحق أن الخسارة محصلة موضوعية لمجمل حجم خبرات لاعبينا وشكل الإعداد المسبق ناهيك عن أوجه قصور أخرى تتعلق بالتدريب وحتى إمكانيات بعض اللاعبين. وقياساً على الأداء والانتصار الذي حققوه في المباراة السابقة فإنهم يشكرون وجزاهم الله خيراً، فليس أفضل من هذا لأننا في حقيقة الأمر لا نتعامل بواقعية مع الأمور، ونطلب أحيانا فوق طاقاتنا وحجمنا وهذا غير ممكن ومتاح خاصة في عوالم الرياضة.
الحديث سيطول عن مشاركة المنتخب وأين إيجابياتها وأين سلبياتها وكل هذا يجب ألا ينسى الناس حقيقة ضرورة الانضباط في التعامل مع المحصلة النهائية، بحيث لا تتحول الهزائم إلى مذابح تطال كلية المنتخب من اللاعبين والجهاز الفني والذي عليه في كل حال الاعتراف بأنه فشل ولن يقدم شيئاً، وأول المعنيين بذاك الأمر هم الإعلاميون الذين عليهم التعامل بشكل يفصل بين التعاطي الإيجابي المفيد وبين التهييج العاطفي، والذي تحولت بسببه بعض الإذاعات إلى مخلوقات تردد أغنيات مصنوعة على عجل تمجد لاعبينا، أعمال من أناشيد وأغان تبدو مفيدة وما يثير الحنق أن كثيراً من الإذاعات السودانية تحولت إلى هذا الضرب، وكأنما كسب مباراة يتم باحتساب عدد (العرضات) في اللحن أو كمية الأبواق المستخدمة لترديد اسم السودان.
التعليقات والتحليلات والبرامج الممتدة إلى الجماهير حدث ولا حرج نحت إلى ذلك الاتجاه وكتابات الصحافة الرياضية قبل يومين أو ثلاثة كانت كلها تنثر القصائد والعبارات الفخيمة بشكل حولت معه مهمة اللاعبين من الحصول على نقاط في مباراة تنافسية إلى عمل أقرب ما يكون إلى المعركة الحربية، ما جرى لم يكن بأي حال من الأحوال دعماً معنوياً، ما حدث أننا حملنا أولئك الرجال فوق طاقتهم وصورونا للجمهور أننا قد نتأهل وهذا غير واقعي، وقد تعجب صديق إثيوبي تابع نقاشاً بين مجموعة من المشجعين مما يرى وأخبري أنهم في المجموعة التي تلعب فيها بلادهم بنيت خطتهم على التعويل على الدخول إلى النهائيات من باب أفضل الثوالث، لذا فإنهم لا يندفعون إلى انتصارات وهمية ولا يخفون في خسائر عشوائية وكل أمر عندهم بحساب وقدر. وكان يمكن للسودان تحديد إستراتيجية ما فإن أحس في مجموعته ضعفاً وأدرك فرصاً أفضل قفز بطموحه إلى أعلى فهذا أفضل من اللعب على فرص خاسرة ومستحيلة، اعتماداً على حسن الأداء في مباراة أو اثنين أو ارتكازاً على مقولات تاريخية من شاكلة نحن المؤسسون للاتحاد الأفريقي ونحن أصحاب بطولة سابقة.
البطولات في كرة القدم تكسب بالتخطيط والإعداد والبذل والعطاء، لا مكان هنا للصدفة أو الكسب بطق الحنك ورفع الأشعار والشعارات، وحيث أننا لم نفعل شيئاً سوى الثرثرات فلا داع للتشنج وعلينا جميعاً تقبيل رأس مازدا والمعز وبكري المدينة وجعفر وأمير .. ما قصروا والله.