(إعلان الخرطوم) لمكافحة الاتجار بالبشر .. خارطة طريق لتلافي الظاهرة
(3) أوراق عمل شخصت القضية
الخرطوم – منى ميرغني- تصوير محمد تركي
وسط ترقب عالمي ومحلي توجهت أنظار العالم إلى العاصمة “الخرطوم” لمعرفة ما خلصت إليه أعمال المؤتمر الإقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر والتهريب في القرن الأفريقي. أربعة أيام متواصلة قضاها خبراء من(28) دولة من بينهم خبراء الاتحاد الأفريقي ووكالات الأمم المتحدة وممثلون لدول القرن الأفريقي والشركاء من الدول والمنظمات،في التباحث حول آفاق التعاون بين دول الإقليم فيما يتعلق بمعالجة قضايا وتحديات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين. النتائج التي توصل إليها الخبراء من خلال الاجتماعات تم عرضها على مسؤولي ووزراء البلدان للمصادقة عليها توطئة لإنزالها على أرض الواقع، فيما يعرف بإعلان الخرطوم وهو الصيغة النهائية التي توصلت إليها أعمال المؤتمر.
المطالبة برفع العقوبات
الحكومة السودانية اغتنمت الفرصة خلال الجلسة الختامية التي شرفها نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن”، وطالبت برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، ولفت “حسبو” في كلمته إلى أن المجهودات التي بذلها السودان في محاربة الظاهرة في ظل العقوبات السياسية والاقتصادية المفروضة عليه، أدت إلى حرمانه من تقديم المعينات اللازمة لمكافحة الظاهرة، وبالرغم من ذلك ظل يبذل جهوداً في محاربة الظاهرة وفق إمكانياته المتاحة.
في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية الفريق أول “عصمت عبد الرحمن” أن الاجتماع خرج بثلاث ورقات رئيسية، استندت إلى المرجعيات والخطط الإستراتيجية بالإضافة إلى (إعلان الخرطوم) .
ويعول السودان على استضافة المؤتمر داخل أراضيه إلى تحقيق مكاسب سياسية وأخرى اقتصادية، وبدا المشاركون في المؤتمر أكثر جدية حيث أعلن ممثل الاتحاد الأوربي الالتزام بكافة مخرجات المؤتمر، مشيراً إلى أن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا ساهم بشكل رئيسي في عبور أكثر من(77%) من المهاجرين إلى داخل القارة العجوز.
آراء الخبراء الفنيين
وتلا ذلك تقسيم الخبراء المشاركين من الحكومات والشركاء إلى ثلاث مجموعات عمل فنية، ناقشت المجموعة الأولى مواضيع حماية واحترام حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، وغيرها من الفئات المعرضة للوقوع في براثن الاتجار بالبشر أو التهريب، بينما ناقشت المجموعة الثانية منع الاتجار بالبشر وتهريبهم والالتزامات الأخرى المترتبة على الدول، حيث تمت مناقشة ضرورة المنع باعتبار ذلك أحد أهم الجوانب الرئيسية في منع الظاهرة. وناقشت المجموعة الثالثة تعزيز استجابات العدالة القانونية على المستويين الوطني والإقليمي لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر.
الأوراق التي نوقشت
شهد المؤتمر تقديم عدة أوراق عمل حيث استعرضت ورقة منظمة العمل الدولية السياسات التي تتبعها المنظمة من أجل تطوير العمل لدى الدول الأعضاء إلى جانب مناقشة هجرة العمالة، لا سيما التي وقعت ضحية عمليات الاتجار بالبشر. وتطرقت الورقة للتحديات الماثلة والمتعلقة بحركة العمالة المهاجرة في الإقليم والفرص المتاحة لهم، وحصرت أهم التحديات التي تواجهها عدم توفر قواعد بيانات أو إحصائيات دقيقة للعمالة المهاجرة في أفريقيا في منطقة القرن الأفريقي، وضعف التنسيق بين الدول والمؤسسات وعدم وجود استراتيجيات الهجرة في الإقليم والحاجة إلى بناء القدرات، إضافة إلى تحديات ظهرت مؤخراً فاقمت من مشكلة انتقال العمالة بين الدول، مثل تفشي فيروس الايبولا. وذكرت الورقة أن هنالك تقدماً ملموساً حيث بدأت بعض الدول الأفريقية في سن تشريعات وقوانين خاصة بإدارة الهجرة نتيجة لانتشار الوعي الهجري بين الدول، وقطعت أن تطبيق هذه التشريعات من شأنه أن يعظم فوائد الهجرة ويعزز من حركة وهجرة العمالة بشكل منظم يحفظ حقوق وكرامة العمال. وقدمت منظمة الإيقاد عرضاً ناقشت عبره أهمية التعاون والتنسيق الإقليمي بين دول الإيقاد من أجل مكافحة الاتجار بالبشر. وأشارت إلى أهم الخطوات التي تعين الإقليم على إيجاد خارطة طريق، كما أشارت الورقة لأهمية مؤتمر الخرطوم وأهمية المخرجات التي انبثقت عنه، ومن ثم جرت مداخلات من قبل ممثلي كل من النرويج وسويسرا واليمن، وخضعت الأوراق المقدمة من منظمة العمل الدولية والإيقاد للمناقشة.
مبادرات أوروبية
الاتحاد الأوروبي قدم للمؤتمر مبادرة لمعالجة قضية الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر أو ما يعرف بإعلان روما ومبادرة طرق الهجرة للاتحاد الأوروبي عبر القرن الأفريقي،ونادي الاجتماع بضرورة بتفعيل التعاون بين كافة الدول التي تتعرض لهذه الظاهرة بما فيها الدول الأفريقية ودول أوروبا، باعتبار أن التهريب والاتجار بالبشر يبدأ بدول المنشأ مروراً بدول الممر وصولاً إلى دول المقصد. واعتبرت المبادرة أن هذه الظاهرة مميتة مستصحبة الحادث الذي وقع قبل عام قرب جزيرة (لامبيدوسا) في البحر الأبيض المتوسط فضلاً عن من يتوهون ويفقدون حياتهم في الصحراء، الأمر الذي يستدعي الانتباه الدولي للبحث في سبل معالجة قضية الاتجار بالبشر والعمل الجاد المشترك بين جميع الدول لوقف معاناة المتاجرة بهم. والتزم الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، لإيجاد أسس وآليات لمعالجة هذه الظاهرة. وكانت الاجتماعات قد خلصت إلى (إعلان الخرطوم) ومن المؤمل مناقشة مخرجات المؤتمر في نوفمبر القادم في العاصمة الايطالية “روما”، ويمثل مؤتمر “الخرطوم” خارطة طريق وإستراتيجية دولية للتصدي للاتجار بالبشر وتهريبهم، والتزمت كل الدول المشاركة في الميثاق الموقع بذلك.