(المجهر) ترصد معاناة الحجيج السوادنيين …
جهات تحتال لاستقطاع أموالا من الحجاج نظير تقديم خدمات لا توجد علي أرض الواقع …
متضررون يروون قصص معاناتهم واهمال مسئولي بعثة الحج والعمرة لهم …
الحاجة “انتصار عثمان عبد الرحيم” : قطعت تذكرة على نفقتي بستة مليون ذهاب وعودة، وبعد وصلنا ما لقينا لا سكن لا معيشة.
حجاج عالقون يفترشون الأرض طردوا من موقع سكنهم بمكة وأمروا بإخلاء سكنهم
رصد- أمل أبو القاسم
الصورة أصدق أنباء من تصريحات المسؤولين والمعنيين بأمر الحجيج، الذين ما انفكوا يتفوهون ويتحدثون بما ليس هو مطبق على أرض الواقع، وقد سبق بدء مراسم تفويج الحجاج هذا العام أحاديث متنطعة هنا وهناك تنبئ عن كامل والاستعدادات كافة للموسم ومدى الجاهزية على الأصعدة كافة التي من شأنها إتاحة حج هادئ وهانئ للرجال والسيدات، الشيوخ منهم والشباب، وأن الجهات المعنية فرغت من ذلك بفعل كذا والإعداد لكذا، ولم تنس بث التطمينات في نفوس ذوي الحجاج بعد وصولهم أرض الحرمين، وحتى بعد قضاء مناسك الحج وعودة بعضهم،
مبشرات قبل أداء المناسك
ومنها على سبيل المثال:
(وصل إلى ميناء جدة الإسلامي ظهر اليوم الاثنين الفوج الأول من الحجيج السوداني البالغ عددهم (792) حاجاً لقطاعي الخرطوم والشمالي عبر الباخرة (محبة) التابعة لشركة نما العالمية وذلك من جملة (25) ألف و(600) حاج يمثلون حصة السودان من حجيج هذا العام.
وقال السفير “خالد الترس” القنصل العام لسفارة السودان بجدة لدى استقباله الوفد الذي رصده (المركز السوداني للخدمات الصحفية)، إن الحج لهذا العام سيكون أفضل من الأعوام الماضية، مؤكداً توفير الخدمات والإجراءات كافة التي تتضمن نقل الحجاج والسكن والإطعام، مطمئناً أهالي الحجاج بالسودان بأن ذويهم قد وصلوا إلى المملكة بسلام وصحة جيدة.
من جانبه رحب الأستاذ “عصام الدين خلف الله” المنسق العام للحج والعمرة بالمملكة بالحجاج، مؤكداً اكتمال الترتيبات كافة والمستلزمات التي تمكن الحجاج من أداء مناسكهم.
وقال د. “إدريس موسى عوض الكريم” رئيس مركز ميناء جدة لبعثة الحج السودانية لـ(المركز السوداني للخدمات الصحفية)، إن الفوج الأول من الحجاج الذين وصلوا اليوم يضم (15) فوجاً من قطاع الخرطوم و(3) من الشمالي، مبيناً أن الفوج يضم (45) حاجاً، مؤكداً اكتمال الترتيبات لنقل الحجاج إلى المدينة المنورة، مشيراً إلى توفير الإسكان والعيادات الطبية، فضلاً عن البرامج والزيارات والإرشاد والتطعيم بواسطة السلطات السعودية).
زوبعة في فنجان
هذا أنموذج من مجموعة الأخبار التي تدفقت تترى على مسامع الحجيج والمواطنين الذين يهمهم أمر ذويهم، لكن ما حدث في حج هذا العام فند كل ما ورد ذكره من أنباء، وكل تلك الزوبعة التي لم تك سوى في نطاق الفنجان وسقطت ورقة التوت!!.
فمنذ أن بدأ الحجاج في سعيهم نحو أرض الحرمين وقبيل أن يخطوا نحو عتباتها عن طريق النواقل بحرية كانت أم جوية، لازم ذلك كثير من الإشكالات التي كادت أن تفتك بنية بعضهم لزيارة بيت الله الحرام. والحج رغم عظمته إلا أن به مشقة سيما للشيوخ الذين وهن العظم منهم حد السماح لهم باستئجار مطوفين كيما يقيلوا من تعثرهم، ومع ذلك فقد عانى هؤلاء مشقة جسدية ونفسية نعتقد أنها الأولى في تاريخ الحج، وطفق بعضهم يخاطب الصحف يشكو ما تعرضوا له من احتيال قبل وبعد السفر، والجوع والتشرد الذي عانوه بعد وصولهم رغم أن تكلفة هذا العام تضمنت الوجبات الثلاث للحاج طيلة فترة إقامته التي تصل الثلاثة أسابيع لدى البعض.
رواية شهود عيان
وقال مصدر ذو صلة وهو أحد السودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية، الذي كان شاهداً ومستمعاً لشكوى مواطنيه من الحجاج، إنهم عاشوا أوضاعاً مزرية، واستمع إلى شكوى أولئك الذين باعهم أحد منتسبي الجيش برتبة كبيرة فرص الحج التي اشتراها من وكالة معروفة وهي مائة فرصة وباعها لهم بمبلغ (30) مليون بالقديم وعند وصولهم لم يجدوا لا ترحيلاً ولا سكناً، الأمر الذي اضطرهم إلى الشكوى لوزارة الحج التي بدورها وفرت لهم السكن والترحيل وفرضت غرامات على الوكالة، ومن سافر منهم وصل قبل عرفة بيوم واحد.
الوقوف علي الحقيقة
(المجهر) اتصلت هاتفياً بواحدة من السيدات اللائي عانين الأمرين في حج هذا العام وهي ما زالت بعد في المدينة المنورة تبحث عن كيفية العودة، وهي الحاجة “انتصار عثمان عبد الرحيم”، وبصوت هده التعب قالت: (الحمد لله على كل حال وربنا يتقبل لكن بالجد التعب التعبناه في الحج السنة دي مافي حاج تعبو، نحن وصلنا يوم الثلاثاء ومعاي كم وأربعين حاج دفعنا للشخص الذي تكفل بنا مبلغ 30.825 مليون، قالوا لينا فيها الأكل والسكن وحتى الهدي فيها، لكن بدت العراقيل من قبل ما نتحرك حتى اضطريت قطعت تذكرة على نفقتي بستة مليون ذهاب وعودة، وبعد وصلنا ما لقينا لا سكن لا معيشة.. من جانبي قعدت مع ناس معسكر شمال كردفان والبقية المعاي العندو استطاعة أجّر السكن والما عندو كان يؤدي المناسك ويجي يبيت في الواطة قدام المكاتب، وهسع نحن أمس جينا من مكة للمدينة ودفعنا مائة جنيه بدل سكن في مكان إسمو (دار أفندي) واليوم جوا قالوا لينا أخلوا السكن وأمشوا جدة-
هذه المهاتفة ظهر أمس- وجوازاتنا في المكاتب قالوا أمشوا شيلوها براكم).
وبسؤالنا لها عن مكان وجودها الآن بعد طردها قالت: (مرقت مشيت الحرم وهسع قاعدة مع واحدة في معسكر ناس شمال كردفان).
وختمت الحاجة “انتصار”: (والله نحن من جينا ما ضقنا راحة، محل ما نقبل ناس البعثة يقولوا لينا أمشوا أجروا براكم وتعالوا راجعين اليوم كذا أو الساعة كذا).. ثم تنهدت وتمتمت: (غايتو ربنا يتقبل).
مع العلم أن المحصلة التي جمعناها من الحاجة “انتصار” كانت بشق الأنفس، لأنها بالكاد تنطق الكلمات التي خرجت إلينا متعثرة جراء بحة صوتها الذي أنهكه التعب أسوة ببقية أعضاء جسمها. الصور أمامكم لا تحتاج إلى تفسير.. تقبل الله منهم، وأعاد الذين ما زالوا يتجرعون الويل بالسلامة.