شائعات (التراكوما) بالقضارف.. بوارد عزوف اضطراري عن التطعيم
(الصحة) في وجه العاصفة
تقرير– فاطمة عوض
هرج ومرج حدث الأسبوع الماضي بولاية القضارف بسبب شائعة سرت أثناء حملة علاج مرض (التراكوما) بفساد العقار، ما أدى إلى حدوث حالات إغماء وسط طالبات المدارس قدر عددهن بحوالي (180) طالبة، وتم إيقاف الحملة إلى حين إجراء تحقيق لمعرفة الأسباب، لكن لجنة التحقيق أثبتت سلامة العلاج ومأمونيته، وأن ما حدث وسط طلاب المدارس هو آثار جانبية متوقعة.
ما حدث بالقضارف ربما يؤدي إلى إيقاف الحملات بجميع الولايات بعد أن توجس المواطنون من أخذ العلاج، خاصة وأن كثيراً من الأسر رفضت تطعيم أبنائها، وهذا يتطلب من وزارة الصحة جهوداً كثيفة لإعادة الثقة للمواطن وتوعيته بمخاطر توقف التطعيم.
ثمة أسئلة كثيرة دارت في أذهان البعض عن نوع العلاج الذي يتم استخدامه في حملة مكافحة (التراكوما).. وما هي الدولة التي أدخلته؟ وهل له آثار جانبية أم لا؟ وما هي أعراضها؟
وقد سارعت وزارة الصحة الاتحادية إلى تشكيل لجنة للتحقيق والتقصي، حيث تم إرسال عينات لمعرفة أسباب ما حدث من حالات إغماء. وقد أوضح وزير الصحة “بحر إدريس أبو قردة” أن التحقيق أثبت عدم وجود أية إشكالات في حبوب العلاج الأمريكية الصنع التي تنتهي صلاحيتها في 2017م، مؤكداً سلامة العقار بجانب عدم وجود إشكالات في حفظة أو تخزينه أو ترحيله. وقال “أبو قردة” إن مدينة القضارف بها (54) حياً وحدثت الحالات في ثلاثة أحياء فقط، وأشار إلى أن معظم الحالات تتركز وسط العنصر النسائي، وقال في مؤتمر صحفي: (تأكدنا من سلامة الإجراءات وتدريب الفرق، التي لها خبرة)، وأكد الوزير وقوفه شخصياً على الأحداث ميدانياً على رأس وفد من وزارة الصحة لتشجيع المواطنين على استمرار الحملة، خاصة مع إمكانية تعرض المواطنين للعمى، وقال إنه تناول العقار أمام المواطنين لتأكيد سلامته، لافتاً إلى أن ولاية كسلا بها معدل إصابة بلغ أكثر من (6%)، وأوضح أن (التراكوما) تصيب الإنسان ما بعد (15) عاماً بالعمى. وقال: (قابلنا مواطنين واللجنة الشعبية بمحلية القضارف للاستمرار في البرنامج)، وأوضح أن ما حدث من ردة فعل كان جراء القصور في التوعية، وأكد أن الوزارة ستعمل على تكثيف التوعية المجتمعية للسكان من خلال اللجان الشعبية واللقاءات المباشرة.
وأكد “أبو قردة” حدوث أضرار سالبة في برامج التحصين الراتبة جراء شائعة حادثة القضارف الصحية في أعقاب امتناع أسر عن علاج (التراكوما)، وحذر من إصابة (10%) من الأطفال بالعمى في حالة عدم علاج المرض الذي وصفه بأنه المسبب الأول للعمى بالبلاد، وأن النساء يعانين ثلاثة أضعاف الرجال من المرض.. وأكد الوزير “أبو قردة” استئناف الحملة بالقضارف قريباً، وشدد على ضرورة ضبط التصريحات التي تطلق من بعض المسؤولين في القطاع الصحي على غرار وصف مسؤول طبي كبير بولاية القضارف التلميذات اللائي تعرضن لآثار جانبية لحظة تناولهن حبوب (التراكوما) بـ(المستهبلات). وقال “أبو قردة” في مؤتمر صحفي أمس في أعقاب عودته من ولاية القضارف: (إذا تحدث أي شخص بصورة مستفزة فاللوم يقع علينا في وزارة الصحة)، مشدداً على ضرورة التناسق في إعطاء المعلومات والانضباط في التصريحات.. وأكد الوزير خلال حديثه في المؤتمر أنه ليس لديه أدنى إحساس بوجود جهة مستفيدة من إطلاق الشائعات بشأن عقار (التراكوما).
من جانبه، قال المنسق القومي لمكافحة العمى د. “كمال هاشم” إن (التراكوما) هي المرض الوبائي الرئيسي المسبب للعمى في العالم وفي السودان السبب الأول والمسبب للعمى، وأشار إلى أنه منذ أوائل السبعينيات بدأت تتناقص نسبة الإصابة بالعمى جراء (التراكوما) إلى (3%) عام 2003م.. ونوه د. “كمال” إلى أن المرض مرتبط بالفقر، وقال إن علاج ومكافحة المرض تعتمد على استراتيجيات محددة تشمل إجراء عمليات بسيطة، بجانب توزيع مضاد حيوي لأفراد المجتمع، بالإضافة إلى التوعية.
وحول العقار المستخدم قال د. “كمال” إن العقار هو الـ(اويثرومانين)، والصحة العالمية هي التي تختاره وتطبقه لمكافحة (التراكوما)، ووصفه بأنه من أكثر المضادات الحيوية أماناً، لافتاً إلى أنه مجرب على مدى سنوات، مشيراً إلى تبرع شركة أمريكية بالعقار مجاناً بالرغم من أن السودان لم يكن مؤهلاً لنيل العقار لولا تدخل “كارتر” لتجاوز الحظر المفروض على السودان، وقال إن الوزارة بدأت تتلقى العقار ليبدأ توزيعه قبل (11) عاماً بدءاً بالولاية الشمالية في دنقلا، ثم تواصل التوزيع في الجزيرة وسنار وكسلا، مشيراً إلى تناول (2) مليون شخص العقار دون ظهور ردود أفعال مؤثرة، وقال إن البرنامج عمل لمدة ثلاث سنوات، وفي القضارف أكد توزيع العقار في أربع محليات، وتبقت محلية واحدة، وقال إنها الجولة العاشرة لتوزيع العقار، ووصف ما حدث بالقضارف من هلع وسط تلميذات المدارس بأنه شائعة تشير إلى فساد عقار (التراكوما)، واعترف بأن ما حدث أضر ضرراً كبيراً ببقية الولايات قائلاً: (تلقيت مكالمات من مواطنين تناولوا الحبوب قبل عشر سنوات من الآن)، لكنه حذر من إهمال تناول العلاج لتفادي الإصابة بالعمى لحوالي (10%) من أطفال القضارف، لافتاً إلى أن (الحبوب) معمول بها منذ (11) عاماً، مؤكداً سلامتها وتناولها من قبل (2) مليون مواطن خلال الحملات السابقة، وقال إن ظهور آثار جانبية جراء تناولها وارد، مقراً بضعف الرسالة الإعلامية التي صاحبت حملة القضارف.
وقال مدير الرعاية الصحية الأساسية د. “طلال الفاضل” إن وزارة الصحة تنفذ حملات راتبة للقضاء على الأمراض كشلل الأطفال والحصبة والسحائي والحمي الصفراء، وغيرها من الأمراض، بهدف خفض نسبة الأمراض وفقدان الأرواح، وأكد انخفاض نسبة الإصابة بالبلهارسيا بعد تنفيذ علاج جماعي للمواطنين في المناطق ذات الإصابة العالية في شمال كردفان والنيل الأبيض. وقطع د. “طلال” بأن عقار (التراكوما) مجاز من الصحة العالمية وتم استخدامه في بلد المنشأ.