شهادتي لله

تسهر" الخرطوم" وتنام "برلين" ولندن " ..

عكس ما يظن الكثيرون، فإن السادة (الخواجات) لا يحبون السهر، ينامون مبكراً ويصحون (بدري)، ليس هذا في ألمانيا فحسب،  بل في بريطانيا وهولندا وغالب دول أوربا .
عند الساعة (السادسة) تغلق غالب المحلات التجارية أبوابها في “برلين”، وفي “لندن” كذلك! ولا تبقى سوى بضعة مطاعم ومقاهي، كما تستمر البارات وبالتأكيد الملاهي الليلية والمراقص وصالات الديسكو. وعندما تحين الساعة العاشرة مساءً يكون معظم العمال والموظفين وطلاب المدارس والجامعات، قد خلدوا إلى نوم عميق ليستعدوا ليوم جديد يبدأ قبل
السابعة صباحاً.السهر صار عادة (حصرية) في الخرطوم التي استلبته من “القاهرة” و”دبي”!! السودانيون المتصلون على مدار العام بطقس مصر أم الدنيا وطقوسها تعودوا
على السهر حتى الساعات الأولى من الصباح، فلم يعد الأمر خاصاً بالصحفيين من لدن الأستاذ “أحمد البلال الطيب” وإلى شخصي الضعيف، إذ أنه صار مألوفاً أن تجد زحاماً من السيارات على كبري شمبات أو شارع المطار بالخرطوم بعد منتصف الليل!! والذين قضوا سنوات عمل واغتراب بالسعودية والإمارات وغيرها من دول الخليج، خاصة النساء والشباب، انتقلت إليهم عدوى الإصابة بفيروس السهر،ثم النوم إلى منتصف نهار اليوم التالي.

ولهذا فإن صفة الكسل التصقت بنا كالتصاقنا بشعوب أكسل منا، تنعمت وتقلبت على وسائد الدعة غير آبهة بقيمة العمل التي ليست مرتبطة بالضرورة بالعائد المادي، والبحث عن ضمانات المعيشة من مأكل ومشرب وصحة وتعليم. العمل عند هؤلاء (الفرنجة) رسالة مقدسة، واجب عندهم وأمانة، لا يحتاج إلى كثيف مراقبة وكثير متابعة، فالعامل عندهم يرضي أولاً ذمته المهنية إن لم يكن مؤمناً بالله، لا دين له ولا نبي!!
(ثلاث) عاملات نظافة تجاوزن الخمسين من أعمارهن، يقمن بجد واجتهاد ودقة متناهية وتنسيق على ترتيب مواد و(عدة) إفطار الفندق الذي أقيم فيه منذ عشرين يوماً، لا ينقص لحم أو خبز أو شاي وإلا وكان في مكانه خلال ثوانٍ، بدون كلام. لا أحد يأتي من فوقهن ليقول:( يا فلانة ما تزبدي الفول دا،ما تجيبي جك العصير، شيلي دي من هنا ختي دي هناك). يعملن في تبادل تلقائي وتعاون سلس وفي صمت تام.
وبعد أن يجمعن (عدة) الفطور وينظفن الطاولات، يتناولن إفطارهن قطعة خبز مع ملعقة (مربى) و(شوية زبادي) و(بيضة مسلوقة) وكباية قهوة. ثم يصعدن إلى الغرف، ذات الثلاث سيدات، ينظفن أربعة طوابق ويغسلن حماماتها، عشرات الحمامات، والممرات ويجمعن الفضلات من سلات الغرف. وتستمر هذه الخدمة لنحو أربع ساعات، ثم ينصرفن ولا تسمع لهن ضجيجاً. ومع كل صباح جديد يتكرر المشهد بذات الحماس ونفس الآلية (بس ما آلية 7+7)!!!
هؤلاء قوم يعملون . . يكدحون، يعيشون بفلسفة وقيم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية