حوارات

(المجهر) تحاور نائب رئيس حزب الأمة القومي "محمد عبد الله الدومة" (1-2)

إنْ قبل “عبد الرحمن” أن تعامل الحكومة أسرته بهذه الطريقة فهذا شأنه!!
ستُعرض توصية للمكتب السياسي قريباً لفصل نجل “الصادق”!!
“المهدي” يأتي لرئاسة الحزب بالانتخابات (حانعمل ليه شنو؟)!!
الحركات وعدتنا ألا تعقد تفاهمات مع الحكومة إلا عبر (إعلان باريس)!!
الفريق “صديق” لم يجمّد نشاطه!!
(قطاع الشمال) لن يوقع اتفاقاً في أديس بمعزل عن (الثورية)!!
جولة “المهدي” الحالية لا علاقة لها بالحلف الإقليمي المعادي لـ(الإخوان المسلمين)!!

حوار- عقيل أحمد ناعم

بعد سنوات المغاضبة التي قضاها في تيار الخط العام شديد العداء لـ”الصادق المهدي”، عاد “محمد عبد الله الدومة” إلى أحضان حزب الأمة القومي، ليجد نفسه يجلس بالقرب من “المهدي” نائباً له في رئاسة الحزب.. (المجهر) جلست إليه وحاصرته بالأسئلة الصعبة حول مجمل الراهن السياسي ومواقف حزب الأمة، وحول الوضع الداخلي للحزب وحالة التكتلات المختلفة التي يعيشها.
       
{ كيف ومتى تم الترتيب لـ(إعلان باريس).. ومن أشرف على هذا الترتيب؟
– (ضحك ضحكة عالية).. (في حاجات) أنا لن أقولها لك
{ لماذا.. نحن نريد الآن أن تقول لنا كل شيء عن ترتيبات (إعلان باريس)؟
– الترتيب لـ(الإعلان) تم منذ فترة طويلة، فقد بدأت الحوارات مع الجبهة الثورية بقرار من الحزب قبل أكثر من ستة أشهر لتنظيم لقاء بين القيادتين، وكان هدفنا من هذا الحوار معرفة رأي حملة السلاح في كيفية استيعابهم في عملية الحوار.
{ ولكن لماذا تأخر اللقاء طيلة هذه الفترة؟
– (العلاقات ما كانت تمام بيننا).. هي عادية لكن لم تكن بها حرارة، لكننا استطعنا تذويب جمود هذه العلاقات باتصالنا بهم أكثر من أربع مرات.
{ ما السبب في أن العلاقات بينكم كانت غير جيدة؟
– طبعاً لو تتذكرون الحوار الشهير الذي دار سابقاً بين المرحوم “قرنق” والسيد “الصادق”.. هذا هو السبب.. فقد تبادلا حينها كلاماً ساخناً جداً بينهما، ما أدى إلى انعدام الثقة بين الطرفين.
{ ولماذا اخترتم باريس بالتحديد لعقد اللقاء وما علاقة فرنسا بالترتيب لحواركم مع الثورية؟
– اختيار باريس جاء صدفة.. كان الاتفاق أن يكون اللقاء في أوربا، لكن تصادف أن مكونات الجبهة الثورية كافة كانت موجودة في باريس، فاتصلنا بهم وقلنا ما دام أنهم متجمعون في باريس فالأفضل أن نعقد اللقاء هناك. ولكن فرنسا لم يكن لها أي دور في عقد اللقاء أو الترتيب له، هم فقط لم يمنعوا انعقاد اللقاء.
{ من الذي كان يقود الاتصالات بالجبهة الثورية؟
– مجموعة كبيرة من قيادات الحزب بالداخل والخارج لا أريد الكشف عنهم، لكن تحديداً دكتور “صلاح مناع” هو من لعب الدور الأكبر في ترتيبات عقد اللقاء.
{ ألم يكن هناك أي دور لأية دولة في الترتيب للقاء؟
– أنا عليم بهذا الملف، لم يكن هناك دور لأية دولة أجنبية، فهو لقاء سوداني خالص.
{ (الإعلان) كأنه رد فعل على اعتقال “الصادق المهدي”.. هل كنتم ستتجهون نحو توقيع إعلان مع الثورية إن لم يحدث الاعتقال ونفض يدكم من الحوار مع الحكومة؟
– لا أبداً ليس رد فعل، نحن بدأنا اتصالاتنا مع الجبهة الثورية قبل خطاب الوثبة.
{ كان يفترض أن تسافر إلى باريس للمشاركة في الحوار مع الثورية.. ما الذي منعك؟
{ جهاز الأمن طبعاً؟
{ ما هي مبرراتهم للمنع؟
– في آخر لحظة بعد أن أنهيت إجراءات خروجي من المطار، أبلغوني بأنهم يريدونني في المكتب، وأخذوا مني الجواز وتذاكر السفر، وأخبروني بأن هناك أوامر أن لا أسافر، وعندما استفسرتهم عن السبب قالوا إنهم منعوني لأسباب أمنية.
{ هل كانوا على علم بأنك خارج لمقابلة حركات مسلحة؟
– لا أدري.. هم لم يحدثوني عن هذا.
{ لكن هناك سؤالاً ملحاً.. كيف يمنعونك أنت من السفر ويسمحون في ذات الوقت لـ”الصادق المهدي” بالخروج وهو من سيجري المباحثات الأساسية مع الجبهة الثورية؟
– عددت أنهم منعوني فقط لأني من دارفور، وليس لأي سبب آخر، خاصة وأن الإمام لم يخرج متخفياً.
{ وما علاقة أنك من دارفور بالمنع؟
– لأني ذاهب لمقابلة حركات مسلحة من دارفور، وبما أني من دارفور فهم يعتقدون أنني يمكن أن أؤثر في المفاوضات وأساهم في إقناع الحركات.
{ كيف تفسر السماح بخروج “الصادق” عبر المطار لمقابلة حركات مسلحة رغم أنه قد مُنع سابقاً من الخروج لمقابلتها في كمبالا.. ألا يعضد هذا الاتهام بأن (إعلان باريس) تم بتنسيق بين “الصادق” والحكومة؟
– موضوع كمبالا يختلف، ومعلوم أن “الصادق” يخرج بسهولة عبر رئاسته منتدى الوسطية، لكن خروجه إلى كمبالا كان معلوماً أنه خاص بمقابلة الحركات.
{ هل هذا يعني أن الحكومة لم تكن تعلم أنه ذاهب إلى باريس للقاء الجبهة الثورية؟
– هو لم يعلن أنه ذاهب إلى باريس، وهذا الاتهام سخيف ليست له قيمة، وكثيرون روجوا له.. ونحن قد نفضنا يدنا تماماً من هذه الحكومة، وليس هناك أي سبب يجعل “الصادق” ينسق مع الحكومة في هذا الأمر، والآن علاقتنا سيئة جداً مع المؤتمر الوطني.
{ ملف الحركات المسلحة داخل الحزب كان بيد دكتور “مناع”.. ما الذي جعله ينتقل إليك؟
– أنا طبعاً نائب رئيس الحزب، و”مناع” مساعد رئيس، وأنا لست مسؤولاً بهذه الصورة عن ملف الحركات.. أنا مسؤول عن مجمل ملف السلام.
{ الآن الحكومة نشطت في محاولة استقطاب الحركات وبشرت بقرب التحاق بعض الحركات بالحوار بجانب مفاوضاتها في أديس أبابا مع قطاع الشمال.. فإن وصلت إلى تفاهمات مع هذه الحركات ألا ترى أن (إعلان باريس” سيصبح بلا قيمة؟
– نحن قمنا بعمل الحكومة نفسها ستستفيد منه، وأنا على يقين أن الحركات لن توافق على أي تفاهمات مع الحكومة إلا وفق (إعلان باريس).
{ ما الذي يلزم الحركات بهذا.. ومن أين أتاك هذا اليقين؟
– (إعلان باريس) ملزم لنا جميعاً.
{ من قبل تجاهل “جون قرنق” تفاهماته مع التجمع الوطني وذهب ووقع على اتفاقية (نيفاشا) مع الحكومة؟
– هذا الأمر يختلف الآن.. نحن لدينا ما يؤكد أن الحركة الشعبية لن توقع أي اتفاق مع الحكومة في أديس بمعزل عن بقية مكونات الجبهة الثورية.
{ ما مصدر هذه التأكيدات؟
– منهم هم أنفسهم، فقد أكدوا لنا صراحة أنهم لن يوقعوا اتفاقاً بمعزل عن رفقاء السلاح.
{ لكن مفاوضات أديس لا تعترف بغير قطاع الشمال؟
– هذا مفهوم، لكن قطاع الشمال ملزم أخلاقياً بعدم تجاهل بقية الحركات ما دامت تجمعهم جبهة واحدة. وهم أكدوا هذا الكلام.
{ وهل التزموا أيضاً باستصحاب (إعلان باريس) خلال أية مفاوضات مع الحكومة؟
– طبعاً مؤكد.. هذا كلامهم حتى آخر لحظة.
{ ألا تتوقعون أن يخذلوكم ويمضوا نحو التفاهم مع الحكومة؟
– الأمر في السياسة لا يتعلق بالخذلان، وهم لهم حساباتهم الخاصة، لكننا متأكدون أنهم لن يوقعوا اتفاقاً بمعزل عن رفقاء السلاح.
{ قبل أيام التقى الإمام “الصادق” بوزير الخارجية الإماراتي.. وسيذهب إلى الكويت.. وهو قادم من مصر.. بتتبع هذا المسار كأن الإمام يعرض نفسه لاعباً في الحلف الإقليمي المعادي للكيانات ذات المرجعية الإخوانية كافة؟
– (الكلام ده جبتوهو من وين)؟ يفترض أن لا نعطي جولة الإمام هذه الأبعاد، فنحن حزب ديمقراطي ولا علاقة لنا بهذه الأحلاف.. كون مصر والأمارات والسعودية أنشأت حلفاً فهذا أمر يخصها، ونحن حزب ولسنا دولة.
عموماً اللقاء بالوزير الإماراتي يأتي في إطار التعريف بـ(إعلان باريس)، فقد اتخذ المكتب السياسي قراراً أن لا يعود “المهدي” الآن للبلاد حتى يكمل اتصالاته المتعلقة بـ(الإعلان).
{ هل اتخذت مؤسسات الحزب قرار بعدم عودة “المهدي” قريباً؟
– نعم.. اتخذنا قراراً بعدم عودته، وهذا ليس لأننا متخوفون من اعتقاله، بل لأن لديه عملاً يجب أن ينجزه بالخارج. وعموماً وارد جداً أن يتم اعتقاله حال عودته، لكن هذا ليس سبب قرار استبقائه بالخارج.
{ بالانتقال إلى ملف آخر.. معلوم أن نجل “المهدي” العقيد “عبد الرحمن” داخل القصر مساعداً للرئيس في حين أن السلطة تعتقل أخته ومن قبل والده.. هل أنتم راضون عن هذا الوضع؟
– نحن نعدّ “عبد الرحمن” خارج الحزب، وتصرفه هذا تصرف شخصي لا علاقة له بالحزب على الإطلاق، ومتروك له وحده طريقة تعامله مع اعتقال والده وأخته، لأنه ذهب بإرادته وشارك في السلطة، فإن قبل أن تعامل الحكومة أفراد أسرته بهذه الطريقة، فهذا شأنه وأمر متروك لتقييمه هو.
{ وأنتم كحزب.. أليس لكم أي تقييم لهذا الموقف وهو ابن رئيس الحزب؟
– هو اختار أن يتعامل مع نظام شمولي، وعليه أن يتحمل النتيجة. ونحن قفلنا هذا الباب تماماً.
{ هناك حديث عن أنكم فصلتم “عبد الرحمن” حتى من عضوية الحزب وليس المؤسسات فقط؟
– لم نفصله، لكن هناك توصية من المكتب السياسي بفصله، لكنها لم تُعرض بعد، وغالباً سيتم عرضها خلال الأيام المقبلة.
{ ألم تتحدثوا مع “الصادق” حتى يطالب ابنه بالخروج من النظام؟
– “عبد الرحمن” ذهب بإرادته للسلطة، وبقدر ما نصحوه إلا أنه رفض وذهب في طريقة هذا، وليس من سبيل لنصحه بعد هذا، وعليه تحمل النتيجة سواء استقال أم بقي في السلطة.
{ ألا يشكل اختيار “المهدي” ابنته د. “مريم” نائباً للرئيس متجاوزاً كثيراً من قيادات الحزب الأكثر تجربة محاولة لتمكين أسرته من قيادة الحزب؟
– ليس فيه تمكين لأسرة “المهدي” من الحزب، فالحزب ليس كالسابق ولا يستطيع الإمام أو غيره أن يسيّر الحزب كما يشاء.  “الصادق” لم يخالف دستور الحزب باختياره د. “مريم”، فالدستور يعطيه حق اختيار نوابه ومساعديه، وأصلاً هناك لجنة حزبية أوصت باختيار امرأة ضمن مؤسسة الرئاسة، ومن حق الرئيس أن يحدد من يختار.
{ لكن هل كان مناسباً أن يختار ابنته؟
– أنا أؤكد والله أن “مريم” إضافة حقيقية بكل المعايير، فهي تقوم بأعمال لا يستطيعها غيرها، وهذا لا علاقة له بأنها ابنة “الصادق”. وعموماً المؤتمر العام القادم سيجدد كل مؤسسات الحزب.
{ لكن رشح أن الفريق “صديق” غاضب جداً من اختيار د. “مريم” وأنه لم يكن يعلم بتعيينها.. ومن تكليفك بملف السلام والعلاقة مع الحركات المسلحة.. وأنه جمّد نشاطه بمؤسسة الرئاسة.. ما صحة هذه التسريبات؟
– ليس صحيحاً أنه جمّد نشاطه، هو فقط تغيب عن عدة جلسات لمجلس التنسيق، لكنه لم يعلن تجميد نشاطه. أما الحديث عن أنه غير راضٍ عن تكليفي فهذا غير صحيح، فلو كان غير راضٍ لتقدم باستقالته. أما رفضه تعيين د. “مريم” فلا علم لي بذلك، ولكن الإمام غير ملزم بمشاورته هو أو غيره.
{ متى سينعقد المؤتمر العام؟
– غالباً بداية العام المقبل.
{ هل هناك اتجاه لعدم ترشح الإمام “الصادق” للرئاسة؟
– هذا الموضوع حتى الآن غير مطروح، لأن أوانه لم يأت بعد، ويتوقف على هل يستطيع تأدية مهامه بالكفاءة المطلوبة أم لا.. بمعنى أن المعيار ليس أنه بقي فترة طويلة في منصبه.
{ ولكنكم حزب يدعو بشدة للتغيير.. كيف يستقيم أن يقوده رجل واحد لأكثر من أربعين عاماً؟
– هذا شخص يأتي بالانتخاب (حانعمل ليه شنو؟).
{ لماذا لم تحددوا سقفاً لعدد دورات الرئاسة؟
– هذا هو الاتجاه الذي سنسير فيه خلال المؤتمر المقبل، حيث سيتم تعديل الدستور، وسنتحدث عن آليات أي منصب.
{ ولماذا تجاوزتم هذه النقطة طيلة السنوات الماضية؟
– طبعاً كان هناك نقاش حول موضوع دورات الرئاسة خلال المؤتمر الماضي بأن يتم تعديل في أية مؤسسة، بحيث لا يشغل الشخص الأول فيها منصبه أكثر من دورتين، لكن لم يتم هذا الأمر فقد تجاوزه المؤتمر.
{ هل تجاوزها المؤتمر تفادياً للحرج لأن الإمام “الصادق” هو من يشغل الموقع الأول في الحزب لدورات متعددة؟
– لا ليس هكذا، لجان المؤتمر لم تهتم بهذه النقطة. لكن في بال الناس أن تكون آجال المؤسسات واضحة.
{ هذا يعني أنه متوقع ترشُح الإمام لدورة جديدة؟
– ممكن طبعاً.. (ليه لا؟).
{ الإمام الآن عاجز عن لمّ شمل الحزب.. “مبارك الفاضل” خارج الحزب ومن قبل تيار الخط العام.. ومؤخراً د. “إبراهيم الأمين” على خلاف شديد مع “الصادق” ومؤسسات الحزب.. كيف يتحدث عن لمّ شمل الوطن؟
– نحن لم نترك لمّ شمل الحزب لشخص واحد حتى يُتهم بالعجز، أنا قبل أيام اجتمعت مع مجموعات، وفي النية الاجتماع مع مجموعات أخرى. وأنا حضرت اجتماعين في رمضان الماضي مع مجموعة “مبارك الفاضل” بحضور “إبراهيم الأمين”، في إطار لمّ الشمل. إذن هذا الموضوع ليس في يد رئيس الحزب وحده. ولدينا الآن جهد مع مجموعة كوادر للوصول معهم إلى نقاط محددة في ما يتعلق بالمؤتمر العام المقبل، حتى نضمن حضور الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية