تمام
توصلت الوساطة الأفريقية أمس(الجمعة) لصيغة تقارب حول مخرجات اللقاء حول الحوار الوطني بين موفدي لجنة السبعة وممثلي لعدد من الفصائل المسلحة، أهم ما توصل إليه الطرفان تمثل في الاتفاق على ـ الحل السياسي الشامل ووقف الحرب وإعلان وقف إطلاق النار ومعالجة الأوضاع الإنسانية، ثم التأمين على ضمان الحريات وحقوق الإنسان الأساسية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحكومين إلى جانب بدء الحوار والعملية الدستورية، بعد الاتفاق على القواعد والإجراءات التي بموجبها سيتم الحوار إلى جانب منح جميع المشاركين في الحوار حرية التعبير عن مواقفهم وآرائهم مع التأكيد على جداول زمنية متفق عليها للحوار، وتوفير ضمانات بشأنه وأخيراً ضرورة مشاركة كل الأطراف لضمان التوصل لتوافق وطني.
مبدئياً تبدو الخلاصة داعمة بقوة للحوار الوطني ومبشرة بانتقالة واسعة في عضويته أو إجراءاته والخطوط السياسية المرافقة له، فمن الثمانية نقاط التي أعلنت أمس بـ”أديس أبابا” لا يبدو سوى نقطتين خارج أبعاد طاولة الحوار الدائر بالخرطوم، وهما نقطة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحكومين. فالأولى مكانها ومعها الشأن الإنساني مسار المفاوضات حول المنطقتين، والثانية إنما تتم وفق تدابير وعقب قيد زمني لن يكون بالضرورة منظوراً ما لم يحدث تشكل نهائي وفق مخرجات الحوار. وهذا البند تحديداً يشير بلا مواربة إلى المحكومين بالسجن والإعدام من جماعة العدل والمساواة ممن ضبطوا أثناء الهجوم على أم درمان في العام 2008، وعلى رأسهم الأخ غير الشقيق للدكتور “جبريل إبراهيم” رئيس الحركة.
لست من أنصار الوقوع في منهجية (سلخ جلد النملة) بتتبع تفاسير ومعاني ما تم التوقيع عليه وهل هو إعلان أو بيان أو اتفاق، ولماذا جرت عملية توقيع بشهود ولم يصدر بيان فقط عن الوساطة بالمحتوى ومسميات الأطراف. ولماذا وقع”أحمد سعد عمر” و”غازي صلاح الدين” في ورقة ووقع “الصادق المهدي” و”مالك عقار” ورقة أخرى، فهي كلها استفهامات لكنها لا تؤثر في أساس الموضوع والمسألة، فالمهم والأهم اقتناص الفرصة والانطلاق بالعملية كلها إلى الأمام. ولن تسنح فرصة أخرى أنسب من هذه لبلورة إجماع على الحوار الوطني وتوقع مخرجات شاملة منه ذات أثر، وطول وعرض
الخطوة كذلك ستدفع برياح داخل أشرعة العملية التفاوضية ومشروع السلام حول دارفور والمنطقتين. فليس سراً أن غالب البنود التي أحيلت الآن وفق ما وقع عليه بالأمس، كانت عنوانين جانبية تناور بها حركات التمرد في مسارات التفاوض المختلفة، الآن يبدو أن الطرق الجانبية قد أغقلت وبات الطريق واحداً ومحدد المعالم، وهو ما يعني أن عبئاً ثقيلاً قد أنزل عن أحمال المتفاوضين بالطرفين، فقطاع الشمال يمكن الآن أن يدخل الجولة التفاوضية لترسيم وتسمية وضبط معنى إطلاق النار، وهل هو شامل كما تقترح الحكومة أم جزئي ومؤقت كما يطلب، وكذا الحال للشأن الإنساني حيث تبدو الآن فرضية المناورة بقضايا خارج التفويض نفسها مسألة صعبة إن لم تكن مستحيلة.
شخصيا أقول ..شكر الله الصانع .. لهذه الخطوة.