اجتماعات المؤتمر الوطني … ملاسنات وتشابك بالأيدي .. !!
القضارف ولاية لا تعرف الهدوء
القضارف – سليمان مختار
ظلت الملاسنات والمشادات الكلامية والتراشق بالألفاظ التي تتحول أحياناً إلى تشابك بالأيدي من السمات الملازمة لاجتماعات ولقاءات المؤتمر الوطني بالقضارف، بسبب التصادمات بين التيارات وما يسميها البعض بالشلليات داخل أروقة الحزب. وألقت الظاهرة بظلالها السالبة على مجمل الأوضاع التنظيمية والسياسية. (المجهر) سلطت الضوء على تلك الظاهرة مع اقتراب انعقاد مؤتمري الشورى والمؤتمر العام في نهاية الشهر الجاري الذي يتوقع أن يشهد استقطاباً حاداً بين هذه المجموعات، حول اختيار ترشيحات منصب والي القضارف بالحزب. (المجهر) حاولت البحث عن جذور المشكلة واستقصاء مسببات هذه الظاهرة، خاصة وأن الولاية ستشهد في القريب العاجل انعقاد اجتماعات ولقاءات مجلس الشورى لاختيار مرشحي الحزب لمنصب الوالي .
انسداد أفق
أرجع المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القضارف د. “محمد خالد” في حديث لـ(المجهر) أسباب تفشي الظاهرة، لعدم وجود آلية ضابطة للمسائل الخلافية، مشيراً إلى أن ذلك شيء طبيعي في ظل وجود الصراعات بين التيارات المتصارعة داخل الحزب الواحد، وإصرار كل تيار على فرض رؤيته على الآخر بأي وسيلة للضغط على الطرف الآخر. ولفت إلى أن كلا الطرفين سيظلان في حالة مد وجزر دائمة ومستمرة نتيجة لتمترس الطرفين وتصلب كل منهما عند مواقفه التنظيمية والسياسية مسار الجدل، حول برامج الحزب والسيطرة على أن يكون مركز اتخاذ القرار حكراً لفئة معينة حتى لو كان طرفها من خارج السلطة التنفيذية والسياسية. ورأى د. “محمد” أن الحالة التي يمر بها المؤتمر الوطني بالقضارف يصعب معها وجود أي توافق ووفاق يفضي إلى تصالح حتى عبر التصويت في القضايا قيد النظر. وقال ذلك أنتج حالة انسداد في الأفق داخل الحزب والتي نجم عنها التلاسن والتراشق وتحولت إلى تشابك بالأيدي بسبب انعدام الثقة بين الطرفين للتوصل لوفاق. وختم حديثه بأن هنالك غياباً لتلاقح الأفكار وعدم وجود قيادات رشيدة تتمتع بالحكمة والكاريزما لحسم هذه الفوضى التنظيمية، لهذا تتجدد الأزمة من حين لآخر، مشيراً إلى أن هذه الخلافات دائماً ما تحدث في الأحزاب البرامجية عكس الأحزاب العقائدية.
صراع القمة
ولاية القضارف التي لم تشهد استقراراً سياسياً يحقق لمواطنيها ازدهاراً تنموياً في كافة الأصعدة منذ المفاصلة الشهيرة بين واليها السابق “كرم الله عباس الشيخ”، حين كان رئيساً للمجلس التشريعي وواليها الأسبق – والي الخرطوم الحالي – “عبد الرحمن الخضر” والتي أفضت إلى تقديم كل واحد منهما لاستقالته بتوجيهات من الرئاسة في أعقاب الصراع الشهير حول أنصبة الولاية واستغلالها في تقديم الخدمات للمواطنين. وما فتئت دوامة الصراعات والخلافات تراوح مكانها حتى يطل شبح الخلافات مرة أخرى ويخيم في براحاتها السياسية، وبلغ الصراع أوجه وقمته بين “كرم الله الشيخ” والمركز حول نصيب متأخرات الدفعيات المالية لدى المركز، ليلحق به صراع بوجه آخر يقوده معتمد محلية الفشقة الحالي “أبوبكر دج” ومن شايعه في ذلك الحين ما كان يعرف بمجموعة التيار والتي تبوأ جل قيادتها أخيراً مفاصل السلطة بالولاية حالياً، وأسهم ذلك في استمرار وديمومة الصراع وبروزه للسطح مرة أخرى عبر مناطحات مجموعة “كرم الله الشيخ” والمجموعة التي تدير شؤون الولاية حالياً، لتدور الولاية في فلك صراع أبدي بين كلا المجموعتين لا فكاك منه.
انتقال العدوى !!
وكأنما لعنة الملاسنات تطارد كافة جنبات الحكم بالولاية، حيث انتقلت عدواها للجهاز التنفيذي في سابقة غير معهودة، حينما صوب معتمد محلية الفشقة الحالي المثير للجدل “أبوبكر دج” في إحدى احتفالات وزارة التربية والتعليم بمحليته في تدشين حملة تسجيل الأطفال، صوب هجوماً حاداً لمديره التنفيذي وكال له الشتائم الجارحة على ذات الطريقة التي ظلت تتناوش بها القيادات، ودمغ المدير التنفيذي بالفشل والتقاعس على مرأى ومسمع الحاضرين من بينهم ضيوف من المنظمات الدولية، واصفاً المدير التنفيذي بالخازوق وقال إنه قصم ظهره وأنه لولا فشل مديره لجعل من المحلية أن تصبح جنة. واستنكر الحضور أسلوب ونهج توبيخ المدير التنفيذي وعلقوا بأن هذا النهج أصبح من سمات وديدن القيادات بولايتهم التي أصبحت تجلس على سطح صفيح ساخن يزداد حرارة مع اقتراب حملة الترشيح لمنصب الوالي
إصلاح أم مهادنة
زيارة نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” مؤخراً للولاية للمشاركة في ختام فعاليات العمل الصيفي للاتحاد العام للطلاب السودانيين، لم يسلم اللقاء التنويري بقيادات الوطني بالولاية من ملاسنات بين الغريمين المتناطحين “أبوبكر دج” و”كرم الله الشيخ”، إلا أن نائب الرئيس بأسلوبه البسيط استطاع احتواء الموقف وكان قد أرسل بعض الرسائل وحاول أن يهدي من روع المسألة. وبعد حديثه الذي دار حول مجمل الأوضاع والقضايا بالبلاد فاجأ الحضور في اللقاء بطريقة مباغتة، وطلب من قيادات الولايات ضرورة نبذ الفرقة والشتات وحل الفرقة بالحوار. وأسفر ذلك عن صلح بين “كرم الله الشيخ” و”أبوبكر دج”. ويرى عدد من المراقبين بالولاية بعين الشك والريبة لتلك الهدنة أو الصلح، ويتخوفون من أن لا تسهم في طي صفحة الخلاف السوداء بين الرجلين (لتعود ريمة لحالتها القديمة)، خاصة مع اقتراب انعقاد مؤتمري الشورى لحزب المؤتمر الوطني والذي يعنى باختيار مرشحي منصب الوالي والمؤتمر العام للوطني بالولاية الذي سوف ينعقد خلال نهاية هذا الشهر. وينتظر أن تبرز الخلافات وتطل برأسها من جديد في ظل افتقار القيادات وفقدانها لأبسط أساليب اللياقة والدبلوماسية في حل الخلافات، ويرى البعض أن المصالحة اختزلت في شخصين مما يعقد الموقف في المستقبل القريب. !!