هل يفلح تغيير تبعية الوحدات الجهادية بجامعة الخرطوم في وقف العنف؟
تقرير – نهلة مجذوب
أخيراً فتحت جامعة الخرطوم العريقة أبوابها بعد توقف اضطراري عن الدراسة لأكثر من ثلاثة أشهر، على خلفية أحداث العنف الطلابي والتي أودت بحياة أحد طلاب كلية الاقتصاد، الأمر الذي انعكس سلباً في حدوث حالة اضطراب سياسي غطى دخانه مساحات خارج سور الجامعة العريقة واضطر الإدارة لتعطيل الدراسة. ثمة أسئلة تفرض نفسها، ما هي ضمانات استمرار العام الدراسي والسياسي بالبلاد، وما هي الجهة المسؤولة عن تعكير صفو الأوضاع بالجامعة، وما السبيل لضمان استمرار الهدوء الدراسي. البعض يعزي الأحداث إلى تداعيات النشاط السياسي، في ظل حالة الشد والجذب بين التنظيمات المختلفة إلى درجة أن البعض وصفها بالممارسة غير الرشيدة.
وتعد جامعة الخرطوم واحدة من قلاع التشكيل السياسي منذ زمن بعيد، فقد أحدثت حراكاً سياسياً فاعلاً منذ أن كانت (كلية غردون)، من خلال الإسهام في عملية جلاء المستعمر وقيادة طلابها عملية تعبئة الرأي العام السوداني على طرد المستعمر. ويتحدث البعض من خريجي الجامعة العريقة بأن جامعتهم كانت بمثابة (التيرموميتر) الذي يحدد رياح أي تغيير آتٍ، ويرى مراقبون أن حقبة الإنقاذ شهدت اشتعالاً سياسياً داخل الجامعة، ويرمون باللوم على النظام بتمكينه للطلاب كذراع سياسي داخل الجامعة.
وتظل الجامعة مكاناً للاستقرار والفكر والتميز ولا يأتي هذا إلا بالاطمئنان. (المجهر) تحدثت إلى عدد من مسؤولي الجامعة حول استئناف الدراسة والعمل على خلق جو معافى للطلاب، والتحوطات لاحتواء أي أزمة بالجامعة وكيفية إزاحة مهددات الاستقرار بها.
إنقاذ العام الدراسي
بروفيسور “الصديق أحمد المصطفى حياتي” مدير جامعة الخرطوم أكد حرص إدارة الجامعة على استقرار الجامعة، وإكمال العام الدراسي في جو أكاديمي معافى، وأن الجامعة حريصة على طلابها وسلامتهم، مشيراً إلى أن قرار مجلس العمداء باستئناف الدراسة جاء نتيجة لحرصهم على إنقاذ العام الدراسي من التجميد، ويتأخر طلاب الجامعة عن غيرهم من طلاب الجامعات الأخرى.
وعن سر مجريات قضية مقتل الطالب “علي أبكر موسى” الذي لقي مصرعه في الأحداث الأخيرة في الجامعة، يؤكد بروفيسور “حياتي” أن إدارة الجامعة ظلت حريصة على متابعة سير التحقيقات في قضية الطالب الشهيد. وأكدت لجنة التحقيقات بأن القضية جنائية وستفصل فيها الجهات العدلية، وأن الجامعة لا تملك قانوناً وحقاً للتدخل في قضية جنائية، إلا أنها سوف تتابع عبر لجانها القانونية سير الإجراءات حتى يأخذ مرتكب الجريمة عقابه.
تبعات مسؤولية الجامعة عن الوحدات الجهادية في الاستقرار
وعن الوحدات الجهادية التي كانت إحدى أسباب تفاقم المشاكل بالجامعة حسبما يرى عدد من الطلاب نظراً لتدخلها في الأحداث بصورة من العنف يقول مدير الجامعة، إن قرارات واضحة صدرت بأن تتسلم عمادة شؤون الطلاب الوحدات الجهادية بجميع المجمعات، ليشرف عليها موظفو العمادة أنفسهم وليس الطلاب كما كان في السابق، باعتبارها إحدى الوحدات التابعة للعمادة. وكشف “حياتي” عن تشكيل لجان تحقيق في المجمعات لأي مخالفات طلابية غير ملائمة لسلوك الطلاب، كما ناشد الطلاب بأن يساهموا ويتعاونوا على تحقيق الاستقرار بالجامعة.
تنظيم نشاطات الطلاب داخل الحرم الجامعي
عميد شؤون الطلاب البروفيسور”مصطفى محمد علي البلة”، قال إن عمادة الطلاب وبحكم مسؤوليتها عن النشاطات اللا صفية (غير الأكاديمية)، قد وضعت خطة عمل عقب الامتحانات تتضمن برامج رياضية وثقافية ومنافسات للإبداعات الطلابية، مبيناً أنه تم تشكيل لجان من الأساتذة والموظفين للإشراف على هذه المناشط. وأكد أن إدارة الجامعة حريصة على تفعيل اللوائح الطلابية التي تنظم نشاطات الطلاب داخل الحرم الجامعي وفي دار اتحادهم، وذلك وفق ترتيبات محددة بتحديد المناشط وأخذ الإذن من العمادة لكي لا يتعارض مع العملية الأكاديمية، وبغرض ضمان قيام هذه المناشط في جو معافى وسليم تحافظ به الجامعة على سلامة الطلاب وأمنهم.
وأوضح بروفيسور “البلة” أن العمادة أعدت أيضاً برنامجاً لاستقبال الطلاب الجدد عقب عطلة عيد الأضحى. وناشد الطلاب بأن يمارسوا نشاطاتهم اللا صفية في جو سليم يحترم فيه الأبناء الطلاب بعضهم بعضاً، ويحرصون على استمرار العملية الأكاديمية جنباً إلى جنب مع المناشط الأخرى التي تنمي مقدرات الطلاب وتجعلهم مؤهلين لمستقبلهم .
تحديات استمرار العام الدراسي
وعن تحدي استمرار العام الدراسي يؤكد أمين الشؤون العلمية البروفيسور”سامي محمد شريف” أن العام الدراسي ورغم التعليق الذي حدث للدراسة سوف يسير وفق التقويم الذي أجازه مجلس العمداء في أول العام. ويشير هنا إلى إكمال المقررات الدراسية في معظم كليات الجامعة، وأنه سوف تبدأ امتحاناتها في الأول من سبتمبر وفق الجداول التي أعلنتها الكليات للمستويات المختلفة. وبحسب قوله إن طلاب الفصول الخامس والرابع في الأول من سبتمبر وطلاب الصف الأول في السابع منه، وبقيه الفصول في الرابع عشر من سبتمبر الجاري، وأن الكليات التي لديها بعض المقررات الدراسية سوف تكملها خلال الأسبوعين القادمين.
وفي ذات الاتجاه خلص عميد الشؤون العلمية إلى انتهاء امتحانات كليات التربية وعلوم التمريض والمختبرات الطبية والصحة العامة وصحة البيئة وأجيزت نتائجهم النهائية، لأن الدراسة لم تتوقف في كلياتهم خلال الفترة الماضية. وقال بروفيسور “سامي” إن الأمانة العامة للشؤون العلمية قد جهزت جميع بطاقات الطلاب، وسوف يتم تسليمها لهم في بوابات استقبال كلياتهم بالتنسيق مع مسجليها بعد إكمال عملية التسجيل. وأوضح أن الأمانة قامت بإعداد جميع القاعات المطلوبة للامتحانات والمحاضرات على حد السواء وتم تجهيزها تماماً، كما أكدت تعاون جميع الأسرة الجامعية والأساتذة لأداء هذه المهمة العلمية بالصورة التي تليق بالجامعة.
وفيما يختص باستقبال الطلاب الجدد أكد استئناف الدراسة في مواعيدها في النصف الثالث من أكتوبر المقبل، مبيناً أن الأمانة العامة للشؤون العلمية أعدت برنامجاً متكاملاً لاستقبالهم عقب عطلة عيد الأضحى المبارك.