"يوسف محمد زين" رئيس (الوطني الاتحادي) يخرج الآراء الجريئة في حوار الفضاءات الشائكة
“يوسف محمد زين” رئيس (الوطني الاتحادي) يخرج الآراء الجريئة في حوار الفضاءات الشائكة:
الوحدة مع (الحركة الاتحادية) و(الاتحادي الموحد) وصلت إلى طريق مسدود
رفضنا شروط حل حزبنا ومقترح الرئاسة الدورية.. وتمسكنا بوزن (الوطني الاتحادي) دون مجاملة
(حزب الدقير) سيخرج من المشاركة إذا رجع اللبن إلى الضرع.. ونحبذ فكرة الحكومة الانتقالية
(إعلان باريس) خطوة وطنية عملاقة ومحاولة جادة لإيقاف الحرب والالتفات إلى التنمية
حوار – عادل عبده
تصوير – يحيى شالكا
الأستاذ “يوسف محمد زين” رئيس الحزب (الوطني الاتحادي) من شاكلة الرموز الذين يحملون على أكتافهم خصائص السياسة ونفحات الصوفية، حيث يتميز بالقدرة على التعامل بين المجالين، فقد لمع نجمه منذ أن كان مندوباً لمرشد (السجادة القادرية العركية) في كثير من المهام حتى قام بتأسيس (الوطني الاتحادي) في نسخته الأخيرة خلال العام 2009م.. طرقنا بابه على مشروع الوحدة الجريح بين حزبه و(الاتحادي الموحد) و(الحركة الاتحادية)، فوجدنا الرجل له رغبة عارمة في إطلاق المكنونات الجريئة وإخراج الآراء المكتومة حول خطوات الاندماج مع شريكيه الاثنين من خلال فلسفة ترتكز على منهج جديد يقوم على الصراحة الموجعة وشفافية جدول الرياضيات ليكون علاجاً قاسياً لتجارب الوحدة الفاشلة.. اللقاء معه كان مفتوحاً وعميقاً على الفضاءات الشائكة.. تناول بعض القضايا الأخرى في الساحة.
{ ما هي محصلة الحراك الكثيف حول المشروع الوحدوي بين حزبكم و(الاتحادي الموحد) و(الحركة الاتحادية)؟
– المحصلة لا يوجد اتفاق واضح حتى الآن بين الأحزاب الثلاثة حول المشروع الوحدوي، فقد ظهرت الكثير من المعوقات والتعقيدات على طريق الاندماج بين (الوطني الاتحادي) و(الحركة الاتحادية) و(الاتحادي الموحد)، ولم نستطع الوصول إلى المحطة المنشودة التي تتوج مجهوداتنا الكثيفة ولقاءاتنا العديدة في سبيل وحدة الكيانات الثلاثة حتى تصبح نبراساً للوحدة الاتحادية الشاملة، وكم تألمنا بأن يصل هذا الزخم الكبير والرغبات الأكيدة والحراك الكثيف حول مشروعنا الوحدوي إلى طريق مسدود لنحصد الهشيم.
{ في تقديركم من المسؤول عن هذا الفشل الذريع؟
– يصمت قليلاً ثم يقول: إخوتنا في (الاتحادي الموحد) و(الحركة الاتحادية) قدموا لنا مقترحات غريبة تماماً، بل عصية على الموافقة لكونها غير عملية تتنافى مع المنطق والواقعية، فقد اقترحوا علينا حل حزبنا (الوطني الاتحادي) ثم القبول برئاسة دورية تدير الكيان الجديد على مرحلة زمنية محددة!!
{ – مقاطعاً – ما هي الإشكالية.. إذا كانوا هم سوف يقومون بحل أجهزتهم بالمثل؟
– لا.. يا أستاذ.. لا يمكن أن استبدل الفرض بالنفل في التيمم.. حزبنا (الوطني الاتحادي) نظم مؤتمراً عاماً في (مايو) من العام المنصرم على نسق الألفية الثالثة من حيث الإعداد والتنظيم والبرنامج، ولم يكن مؤتمراً صورياً وخادعاً مثل المؤتمرات الموجودة في الساحة، بل كان يمثل نقلة عاتية خطفت الأبصار والألباب على مستوى الحضور والمراقبين، فقد قمنا بإعداد (56) مؤتمراً قاعدياً على صعيد (8) ولايات أفرزت لجاناً مركزية صحيحة في جميع تلك الولايات، ولدينا مكتب سياسي مكون من (30) عضواً يتمتع بصلاحيات كاملة، فضلاً عن أمانات فاعلة تحرك ماكينة الحزب في ظل ايقاعات منضبطة ومتناسقة، وبالمقابل لا يوجد هذا الوضع المميز في (الوطني الاتحادي) و(الحركة الاتحادية).. فكيف أقدم على هذه الخطوة المرفوضة أصلاً من أجهزة الحزب، وبذات القدر فإن الرئاسة الدورية جربت قبل ذلك وكانت ثمارها كارثية على الذين جاءوا بها، فهي تدل على الأنانية السياسية والقصور الفكري!
{ – طيب – لماذا لم تحاول الجلوس مع “صديق الهندي” و”جلاء الأزهري” في محاولة لإنقاذ الموقف المتهالك سيما وأن المقترحات المرفوضة كانت معلومة لديكم منذ الوهلة الأولى في المداولات؟
– لا توجد أشياء منزلة في قاموس السياسة غير قابلة للتعديل والتقييم، إخوتنا في (الاتحادي الموحد) و(الحركة الاتحادية) قاموا بتسويق تلك المقترحات كأنها الحل السحري لقضية الوحدة بيننا.. ومن حقنا عندما تأتي اللحظة الفاصلة في تنفيذ المشروع الوحدوي أن نؤيد تلك النقطة ونرفض ذاك التصور، فضلاً عن ذلك حاولت مقابلة “جلاء” و”صديق” للتدارس معهما حول تلك القضايا، لكن ظروف (عيد الفطر المبارك) لم تسمح بذلك.
{ – إذن – هل هناك بارقة أمل في إحياء مشروع الوحدة بينكم؟
– قال على جناح السرعة – مكتبنا السياسي في اجتماعه الأخير لم يغلق باب الوحدة بالشكل النهائي رغم العراقيل التي حدثت، فقد رأينا أن نرسل إليهم مقترحاً جديداً بمنح (الحركة الاتحادية) و(الاتحادي الموحد) (50%) من عضوية الهيكلة الحزبية على جميع المستويات في حالة نجاح المشروع الوحدوي مقابل أن يأخذ حزبنا الـ(50%) الأخرى من العضوية.
{ أليست هذه قسمة ضيزى؟ تأخذ (50%) في (الوطني الاتحادي) وهما الاثنان تعطيهما الـ(50%) الثانية؟
– هما ليسا في وزن (الوطني الاتحادي) من ناحية الوعاء الجماهيري والتركيبة الهكيلية المتماسكة والمنظومة الرمزية المتكاملة، ويجب أن لا نجامل في المشاريع الإستراتيجية والحساسة، والوحدة الاتحادية الصادقة يجب أن تقوم على مراعاة الأوزان والقياسات الصحيحة، بل الوحدة المنشودة في هذا الظرف العصيب ستكون متينة ومتجذرة عندما ترتكز على المنهج الصارم والدقيق.
{ هنالك من يقول بأن الأستاذ “يوسف محمد زين” تعامل بنوع من الغطرسة مع شركائه الاثنين في الصيغة الاندماجية بعد ظهور القلاقل والاشكاليات داخل أسوارهما؟
– أجاب بسرعة – هذا الاتهام غير صحيح ولا يتماشى مع أخلاقي وتربيتي، فالشاهد أنني سعيت في مراحل كثيرة لإطفاء الحرائق التي اشتعلت في (الحركة الاتحادية) و(الاتحادي الموحد) سيما وأن الحزبين نتفق معهما في التوجهات السياسية، وبذات القدر لا أتعامل بضعف ومجاملة في العمل العام، ولا أحبذ أن تكون (الوحدة الاتحادية) قائمة على اللقطات التذكارية والقصائد الحماسية، ونحن نطبق في منهجنا الواقعية والشفافية والصرامة الموجودة في جدول الضرب، وفي الذهن أنني وصلت إلى منصب رئيس (الوطني الاتحادي) بالتزكية، حيث لم يترشح أمامي أي شخص، وهذه مسؤولية ضخمة!!
– { كنت شريكاً مع الأستاذ “معتز بر” في تأسيس (الوطني الاتحادي) على صعيد النسخة الحالية.. لكن سرعان ما حدث الفراق الواضح.. فما هي أسباب تقاطع الآراء بينكما؟
– الأستاذ “معتز بر” رجل ديناميكي وقائد اتحادي كبير لا يشق له غبار، وقد شاركني في تأسيس (الوطني الاتحادي) بالجهد والعرق والرؤية الثاقبة، وقد تحمل معي منذ أن عرفته المهام الثقيلة والمسؤوليات الضخمة في المشوار الذي قطعناه سوياً، وقد كانت بداية الخلاف معه عام 2011م عندما كلفته بأعباء الأمانة العامة، حيث قام باغلاق مقر الحزب لاعتبارات تنظيمية غير صحيحة، غير أننا طوينا الخلاف والقطيعة لينخرط في نشاطه من جديد، وبعد ذلك جاء الخلاف الأخير الذي ارتبط بأحداث (سبتمبر) من العام المنصرم، حيث رأى الشقيق “معتز” بأن تكون مشاركتنا في تلك الاحتجاجات على مستوى القيادة، بينما كانت رؤيتنا بأن تكون مساهمتنا عن طريق القواعد والفعاليات في (الوطني الاتحادي) على صعيد العاصمة والأقاليم، باعتبار أن الطاقم القيادي لا يحبذ الأضواء والظهور في الإعلام، وبالفعل كان دورنا مشهوداً في احتجاجات (سبتمبر 2013م)، فقد كان أول المعتقلين من حزبنا الأستاذ “مجدي سليم” رئيس الحزب بـ”ود مدني”، فالشاهد أن “معتز بر” تمسك برؤيته وجمد نشاطه حتى صدر قرار بإعفائه من منصب نائب الرئيس، وما زلنا نتعشم في عودته ومكانه شاغراً في (الوطني الاتحادي).
{ هنالك تسريبات تتحدث عن قيام اتصالات بينكم وبين تيار تصحيح الأوضاع في (الاتحادي الموحد) الذي يقوده الأستاذان “فتح الرحمن البدوي” و”محمد عصمت”؟
– لا أستطيع إنكار حدوث لقاءات ومشاورات مع الأخوين “فتح الرحمن البدوي” و”محمد عصمت”، فالعلاقة معهما وثيقة بحكم الانتماء المشترك لحزب الوسط الكبير، ودائماً نقدم لهم رؤيتنا وبالمثل نتفاكر حول تصوراتهم ومقترحاتهم وأحوالهم في الحدود التي ندركها سوياً.
{ هل تعتقد بأن تيار تصحيح الأوضاع في (الاتحادي الموحد) يمكن أن يدخل معكم في صيغة اندماجية خلال المستقبل؟
– أجاب بعد تفكير – من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال، تذكر يا أستاذ نحن دعاة الوسطية مؤهلون لاستقبال حتى الوافدين من الأيدلوجيات الأخرى.
{ الاتحاديون بمختلف تياراتهم يرفضون في السياق الوجداني والمبدئي والتاريخي المشاركة في الأنظمة الشمولية.. كيف ترى وجود (الاتحادي المسجل) و(الاتحادي الأصل) في قطار الإنقاذ؟؟
– هؤلاء ينتظرهم حكم التاريخ، ودائماً التاريخ لا يرحم الذين يخرجون من الجلدة والمبادئ.
{ هل تتوقع حدوث موقف دراماتيكي من العيار الثقيل يؤطر لخروج الدكتور “جلال الدقير” ومولانا “محمد عثمان الميرغني” من الحكومة؟
– من ناحية (الاتحادي الأصل) الخروج وارد باحتمالات متأرجحة، فهنالك صحوة ضمير ومراجعة ذاتية، فالاحتجاجات والرفض الواسع للمشاركة في حزب مولانا لا يحتاج إلى إثبات، ومن جهة (الاتحادي المسجل) فالمسألة مستحيلة إلى حد كبير لأن هذا الحزب صار قطعة من (المؤتمر الوطني)، بل هنالك من يقول بأن (حزب الدقير) سوف يخرج من المشاركة إذا رجع اللبن إلى الضرع!
{ إذن لا توجد خطوط مفتوحة بينكم وبين (المؤتمر الوطني) حتى على أضيق نطاق؟
– أجاب بحسم – هذا الأمر دونه خرط القتاد.
{ هل صحيح أن (الوطني الاتحادي) مرتبط بحبل ممدود مع الشيخ “عبد الله أزرق طيبة” على غرار (الاتحادي الأصل) الذي يرتبط بمولانا “محمد عثمان الميرغني” مرشد (الطريقة الختمية)؟
– حزبنا يستمد العافية والبعد الجماهيري والمذاق العاطفي من (الطريقة القادرية العركية)، والثابت أن شيخ “عبد الله أزرق طيبة” ظل يدعم (الوطني الاتحادي) منذ تأسيسه في مايو 2009م من خلال وزنه الديني والمعنوي والجماهيري بلا حدود، وهذا شرف لا ندعيه وتهمة لا ننكرها.. أما على الجانب السياسي، فإنني أعلن بالصوت العالي بأن شيخ “عبد الله” لم يقدم توصية أو رؤية في أمورنا الحزبية على الإطلاق، و(الوطني الاتحادي) يدار بحسب دستوره عن طريق مكتبه السياسي الذي يتكون من المدارس والطرق الصوفية المختلفة، ولا يوجد احتكار لـ(الطريقة القادرية) على قراراته! وإذا نظرنا إلى بعض الأحزاب السياسية مثل (الأمة القومي) و(الاتحادي الأصل)، فإننا نجد علاقتهما الممتدة مع الرافعة الدينية.
{ جدلية قيام الانتخابات في العام المقبل والتأجيل.. أين يقف (الوطني الاتحادي)؟
– كل تجربة لا تنتج موعظة فإنه لا فائدة من ورائها، وحزبنا مقاطع للانتخابات تماماً بناء على توصية المؤتمر العام والأمر لا رجعة فيه، لكننا نحبذ التواضع على فكرة المرحلة الانتقالية من خلال تصورات مدروسة وبرامج عميقة.
{ ما هو رأيكم حول (إعلان باريس) الموقع بين حزب (الأمة القومي) و(الجبهة الثورية)؟
– حزبنا يؤيد (إعلان باريس) بوصفه خطوة وطنية عملاقة وجادة لإيقاف الحرب والتناحر وتهيئة المناخ لإحلال السلام والالتفات إلى القضايا الإستراتيجية في الساحة على صعيد التنمية والبناء الاجتماعي وقيام التراضي بين المواطنين وإطلاق الشفافية والحريات، ولدينا على المستوى الشخصي علاقة قوية مع الإمام “الصادق المهدي”، فضلاً عن اتصالاتنا المستمرة مع الدكتورة “مريم” ومعظم قيادات الحزب، وكنا نخطط للالتقاء بالإمام بعد الاتفاق في إطار التفاكر المشترك، غير أن ظروف غيابه حالت دون ذلك، وفي الختام دعوتنا أن يتسع الوطن لجميع أبنائه حتى لا ندخل في الكوارث والبلايا التي تلوح على مقربة منا!