"حمدي" ينعي سياسة التحرير الاقتصادي ويدفع بحزمة معالجات لتصحيح المسار
(23) مليون دولار حجم التعاملات اليومية في السوق السوداء !!
تقرير – أسماء علي
تحت عنوان (سياسة التحرير ما لها وما عليها)، ابتدر منتدى حماية المستهلك أمس (السبت) ملتقى ساخناً أحاط بجوانب القصور في تنفيذ سياسة التحرير والعلل التي صاحبت الاقتصاد السوداني خلال الآونة الأخيرة. عراب سياسة التحرير الاقتصادي د.”عبد الرحيم حمدي” وزير المالية الأسبق كان المتحدث الرئيسي في الملتقى بجانب آخرين، حيث فتح النار في كل الجبهات وهاجم سياسة الحكومة في معالجة أوجه القصور، وحملها مسؤولية تراجع سياسة التحرير وتدهور الوضع الاقتصادي. “حمدي” الذي بعد عن أجهزة الدولة التنفيذية قدم حزمة من المقترحات لتدارك الوضع الحالي للاقتصاد. عدد من المتحدثين تداخلوا في الملتقى بإفادات متعددة كانت خارطة طريق لمعالجة قصور تنفيذ سياسة التحرير .
(23) مليون دولار حجم التعاملات اليومية في السوق السوداء!!
وزير المالية الأسبق د.”عبد الرحيم حمدي” حمل الدولة مسؤولية عدم نجاح سياسة التحرير الاقتصادي بنسبة (100%). وذكر في حديثه في الملتقى أن هنالك عوامل كثيرة أضرت بها أهمها زيادة تكلفة صرف الدولة من (23%) إلى (72%) وإعادة الدعم. ومضى قائلاً: (إنَّ سياسة الدولة في عدم تحرير الدولار تعد من أكبر العقبات، وأنَّ سعر صرف الدولار ببنك السودان غير صحيح. وأضاف أنَّ العملة في السودان تتركز في الأسواق السوداء حيث وصل حجم التعاملات اليومية بها إلى (23) مليون دولار يومياً، في الوقت الذي وصلت تعاملات البنك المركزي (2) مليون دولار. وعبر حمدي عن استيائه من اهتمام الحكومة بمسألة الحوار الوطني وتكريس جل وقتها له دون الالتفات إلى المعالجات الاقتصادية الصائبة في سياسة التحرير. وقال “حمدي”: (نحن عايزين شغل ما كلام).
حزمة معالجات لتصحيح مسار الاقتصاد..
ودفع “حمدي” في حديثه في الملتقى بحزمة من المعالجات من شانها تصحيح مسار الاقتصاد أجملها في وضع برنامج تدخل سريع لزيادة إنتاج بعض السلع باعتبار أنَّ مشكلة الإنتاج هي أساس تدهور الاقتصاد، مشيراً إلى أنَّ هذا البرنامج لابد أن يكون باستدانة كبيرة من الداخل لتفادي مشكلة الديون الخارجية، وأضاف: (يجب أن يصاحب الإبقاء على الدعم فرض ضريبة على البترول تكون ضريبة جديدة). وقال “حمدي”: (أنا لا أدعو إلى تحرير الأسعار نسبة إلى ضعف الدولة الإداري والفساد في شتى المجالات فلابد من تحديد الأسعار لأن الرقابة على أسعار السلع دون تحديدها لا معنى لها. وعن الانتقادات التي قدمتها إحدى البرلمانيات واتهامها لسياسة التحرير الاقتصادي التي وضعها قبل أكثر من عشرين ووصفها بالفاشلة، قال “حمدي” إنَّ السياسة الفاشلة لا تستمر ربع قرن، وإذا كان بإمكانها وضع سياسة بديلة فلتفعل.
بداية تنفيذ سياسة التحرير الاقتصادي..
وحول الزيادة في الأسعار خلال الفترة الأخيرة قال “حمدي” إنَّ البلاد شهدتها في الفترات السابقة للإنقاذ، وأضاف: (لتقييم أي سياسة اقتصادية بصورة صحيحة يجب الوضع في الاعتبار أنه ليس هناك سياسة واضحة لحل سياسة الاقتصاد فالاقتصاديون منذ “ماركس” لم يصلوا لها كما أنَّ أي سياسة كبيرة توجد بها تقاطعات تؤثر عليها إضافة إلى قابليتها للتعديل لضمان استمراريتها). وذٌكر “حمدي” بأنَّ سياسة التحرير الاقتصادي نفذت والبلاد كانت قد شهدت تدهوراً واضحاً في المرافق الخدمية، وتدهوراً مستمراً في القطاع الخاص بسبب الضرائب التي وصلت لـ(50%) في فترة الحكومات التي سبقت الإنقاذ، كما أنَّ نسبة التضخم وصلت إلى (70%) وقد أدت سياسة التحرير إلى تحريك الاقتصاد إلى (17%)، (11%) في سنوات الحرب، وكان ذلك قبل ظهور البترول، وتضاعف إجمالي الدخل (6) مرات وتدفقت الاستثمارات الخارجية كما حصل المنتجين على حريتهم الاقتصادية في تحديد أسعارهم والعائد وزادت الرقعة الزراعية من (11ــ40) مليون فدان، وزاد دخل الفرد من (300ــ2400) دولار، كما استطاعت الدولة بالموارد الجديدة أن تقابل التكاليف المستمرة للحروب.
أسباب ارتفاع التضخم..
“حمدي” قال إنَّ هناك أسباباً أسهمت في ارتفاع التضخم وهي أنَّ المنتجين (10) ملايين أسرة والمتلقي مليون أسرة. وقسَّم التضخم إلى عدة أنواع أهمها عدم قدرة عدد هائل من الناس على الشراء وزيادة الأسعار الخارجية، بالإضافة إلى التوقعات المستمرة في الأسعار التي تودي بدورها إلى زيادة غير مبررة في الأسعار، وفي المداخلات اتهم عضو جمعية حماية المستهلك الخبير الاقتصادي “حسن بشير” دكتور “حمدي” بالدفاع عن اقتصاد الإنقاذ. وأضاف أنَّ الاقتصاد السياسي لا يفكر كيف ينمي البلد ولكن يفكر كيف يستولي عليها، وتابع: (نحن كمواطنين كل الذي يهمنا المعالجات السريعة).
من جانبه قال الأستاذ الصحفي “محجوب عروة” إنَّ الحرية لا تتجزأ فالسياسية والدينية والاقتصادية كلها مترابطة ولكن سياسة التحرير الاقتصادي ورغم أهميتها جاءت مع نظام دكتاتوري وهزمت. وفي السياق ذاته قال “الحاج يوسف اليمني” إن القطاع الخاص كان أكثر القطاعات الداعية للتحرر الاقتصادي وبعد مجيئه حلت كثير من المشاكل أهمها وجود المال وعدم السلع، حيث شهدت تجارة العطور- مجال عمله – ازدهاراً واضحاً نافست به السوق العالمية.