حوارات

القيادي الاسلامي الجنوبي عبد الله دينق نيال لـ(المجهر)

*الانفصال كان قدراً مكتوباً وخُطىً لابد أن نمشيها.
*  لا يوجد عاقل لا يرغب في الوحدة، لكن الظروف التاريخية والسياسية أدت للوضع القائم.
*  نثق في دور (الإيقاد) في  تحقيق السلام في الجنوب.
* التقيت بالشيخ “الترابي” ولكني لا أناقش أموراً داخلية في دولة أخرى.

حوار – صلاح حمد مضوي
درس بالأزهر الشريف، وهو أحد القيادات الإسلامية الجنوبية المقربة للدكتور “حسن الترابي”. شغل منصب وزير الإرشاد والأوقاف في الفترة من (1989) حتى ( 1994) وكان وزيراً للسلام وإعادة التعمير حتى فبراير (1994) كأول والٍ لولاية النيل الأبيض حتى مايو (1995)، ثم رائد للبرلمان السوداني المجلس الوطني (1998) حتى (1999)، وعقب المفاصلة بين الإسلاميين أضحى نائباً للأمين العام للمؤتمر الشعبي، ومرشح الحزب لرئاسة الجمهورية. وعقب انفصال الجنوب تقلد وزارة البيئة في حكومة “سلفاكير”. وهو الآن رئيس حزب المؤتمر الشعبي في دولة الجنوب.
(المجهر) وفي زيارته لها أجرت معه لقاءاً حول راهن البلدين الشمال والجنوب فإلى تفاصيل الحوار.

نرجو أن تطمئنا بداية على مسار عملية السلام في جنوب السودان؟
هنالك ضغوط دولية على الأطراف ولذلك نتوقع التوصل للسلام، لا توجد أسس أو أشياء مقنعة لأي شخص تؤدي لمثل هذه الكارثة المدمرة التي مات فيها آلاف الأبرياء.
{ هل هي فاعلة هذه الضغوط؟
-نعم فاعلة لأنها تجمع الأطراف في الوقت المضروب، وكذلك الموضوعات تطرح بشكل واضح، وتم عمل ندوة كبيرة حول قضايا المفاوضات ونحن حضرناها لمناقشة قضايا السلام .
{ البعض يقول ان دورالسودان ضعيف في هذه القضية هل ذلك صحيح؟
-السودان دوره ضمن دول الإيقاد وليس له دور منفرد ولكنه الأعرف بالقضية الجنوبية ولصيق بها وأقدر في ذلك.
{ هل هنالك مؤشرات إيجابية بادية؟
-لا أستطيع أن أقول إن هنالك مؤشرات، ولكننا متفائلون لأن يتم التوصل إلى صيغة سلام شامل وعادل ونهائي.
{   الصراع تحول  إلى صراع قبلي اليس كذلك؟
-هو كان صراعاً سياسياً على السلطة داخل الحزب الحاكم في الجنوب أشبه بصراعنا السابق في الشمال، وإن كان صراعنا جاء وفقا لمبادئ واضحة ، ولكني بهذا الحديث لا أريد أن أفتح ملفات حتى لا أتدخل في شؤونكم الداخلية.
{  أشرت إلى أنَّ الوفد المشارك في التفاوض تقلص عدده؟
-هو لم يتقلص لأن العدد كبير ولا يمكن أن يأتوا بكل هؤلاء الناس، فنحن كأحزاب اخترنا (7) ممثلين، لأنهم منحوا كل طرف هذا العدد، بحيث منحت الحكومة سبعة ممثلين ومثلهم لكل من “رياك مشار” وجماعته والأحزاب والمجتمع المدني ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، وكذلك المجموعة التي اتهمت بالانقلاب والتي تسمى مجموعة الـ(12) وفيها “دينق ألور” و”باقان أموم” وغيرهم منح كل هؤلاء (7) ممثلين.
{أنت تزور السودان حاليا هل سجلت أية زيارات اجتماعية لقيادات إسلامية ؟
نعم، سجلت زيارة لشيخ “الترابي” طبعاً بحكم أني كنت نائباً له سواء في ظل المؤتمر الوطني الواحد أو حزب المؤتمر الشعبي، ولكن هي فقط زيارة اجتماعية لأني لا أتدخل في الشؤون الداخلية لدولة السودان نحن نحترمه.
{ يجري حوار الآن للحركة الاسلامية بين المؤتمر الوطني والشعبي كيف تقرأه؟
-نحن نشجع أي حوار، وهو حوار وطني الآن  وشامل (7+7) .
{  كنت سودانيا وجزءاً من الحركة الإسلامية؟
يقاطع ..
-أنا مازلت سودانياً،.. يضحك..أنا “سوداني جنوبي” وأنت “سوداني شمالي”، نشترك في سوداني” والآن لست جزءاً من الحركة الإسلامية السودانية بل كنت جزءاً منها، وأنا أعتبر الحريات الأربع هذه “وحدة إلا قليلاً إذا طبقت باستثناء ممارسة العمل السياسي، فهي تتيح حرية التنقل والتملك والعمل، وهذا يعد نوعاً من أنواع الوحدة، وهي تواجه صعوبات هنا وهناك للظروف المعلومة.
{ إمكانية وحدة الحركة الإسلامية السودانية؟
-طالما هنالك حوار يجري، فإن ذلك يؤدي إلى الوحدة بالطبع وليس ذلك على الله بعزيز طالما تحلى الناس بالجدية والإرادة والصدق والأمانة ونكران الذات.
{ هل ناقشت ذلك مع الدكتور “الترابي”؟
 -كلا، أنا لا أناقش أموراً داخلية في دولة أخرى، ولكني أتمنى لهم الوحدة، وكمسلم فإني أهتم لأمور المسلمين في كل العالم، وقطعاً نددنا بما يدور في غزة وكذا.
{ كنت جزءاً من الحركة الإسلامية والآن زرت دكتور (الترابي) وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر؟
-هنالك فرق، يوجد حوار الآن يمكن أن يفضي لوحدة الحركة الإسلامية لأن الناس جربوا واقتنعوا أن الوحدة هي الأصل والمخرج، وكذلك وحدة أهل السودان.
{ هل زرت مسؤولين آخرين ؟
-هنالك صعوبات، فلا أستطيع مثلاً أن أزور الرئيس فهنالك صعوبات وليس لدي شيء مع الرئيس فنحن أصدقاء وعملت معه لسنوات طويلة، وقابلت “غندور” لأنه جاء إلى هناك.
{ كم مرة زرت السودان بعد الانفصال؟
 -حوالي (4) زيارات.
{ ما هو دورك السياسي في الجنوب؟
-أنا رئيس حزب هناك، ولظروف الجنوب الآن لا تستطيع أن تقول إنَّ الأحزاب فاعلة ولديها عمل سياسي لأن الجنوب في مرحلة انتقالية، ولكن بشكل عام فان حرية العمل السياسي مكفولة ونحث الحكومة على التوصل للسلام.
{ ماذا عن حرية الأديان هناك؟
-وضعهم جيد ولا مشاكل لديهم.
{ نقلت وسائل الإعلام تبرع الرئيس “سلفاكير” لهم بالمال لأداء الحج وأرجعت لهم أراضي كانت قد انتزعت؟
-هو عادة ما يفعل ذلك، وهنالك تعايش ديني في الجنوب وتسامح وقبول للآخر.

{ هل حزبكم في تقدم أم في تراجع ؟
-عامل خطوات تنظيم لا ماشي لا راجع.
{ كيف تنظر لمبادرة الحوار الوطني هل يمكن أن تمضي إلى الإمام ؟
-أنا كمراقب أشجع الحوار باعتباره الطريق الوحيد لحل القضايا، أنا أؤمن بأنَّ العمل السياسي يكون سلماً.
{ هل الإنقاذ لديها ما تعطيه الآن؟
 -أنا لا أتدخل في الشؤون الداخلية للسودان.
{ هل الوضع الإنساني في الجنوب بالضخامة التي يصورها الإعلام؟
-قطعا هنالك نازحون داخليا، وهنالك لاجئون عبروا الحدود، وهنالك قامت الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى موجودة بكثافة، وقامت بالتخفيف من معاناة النازحين.
{ هل الوضع ينذر بمجاعة هناك؟
-هذا إذا لم تتوقف الحرب، لأنَّ الزراعة موجودة في الريف وليست في المدن، وهؤلاء في حال نزوحهم وباتوا لاجئين فإنَّ فجوة غذائية ستحدث وجاء ذلك عبر تحذير من المنظمات المختلفة وأحياناً يأتي من الحكومة.
{ كسياسي هل لاحظت أنَّ هنالك تدخلاً دولياً في الشأن الجنوبي؟
-هنالك مساع لمساعدة الأطراف للوصول لاتفاق، وهذه الضغوطات تأتي في مصلحة الأطراف من أجل التوصل لاتفاق، وبشكل عام لا توجد دولة في العالم في الشأن السياسي يمكن أن تكون بمعزل عن الضغوطات في العالم الذي كان قرية والآن بات غرفة لا يمكن التدخل في شؤونها إقليميا أو دوليا لأن المصالح والمنافع متداخلة، وهنالك صراع على الموارد.
{ هل تثقون في دور “الإيقاد”؟
-طبعاً نحن نثق في دور (الإيقاد)، وبأنها يمكن أن توصل الأطراف إلى سلام، لأنها دول جوار وتتأثر بما يجري في جنوب السودان سلبا سواء من النازحين أو اللاجئين .
{ بالنسبة للزيارة المتوقعة لرياك مشار هل ترى أنها يمكن أن تحدث اختراقا في عملية السلام ؟
-أتمنى أن تصب الزيارة في عملية السلام، وأن يجد نصائح للوصول للسلام.
{ هل تتوقع أن تزوده الخرطوم بنصائح في هذا الصدد؟
-طبعاً، لأن الخرطوم لديها المصلحة في استقرار الجنوب، فالسودان أكبر دولة لديها حدود مع الجنوب وتتأثر بما يدور هناك والعكس كذلك ، لذلك فهو لديه المصلحة في استقرار الجنوب.
{ هنالك سودانيون يرون أن المدخل الاقتصادي هو الأقرب لوحدة شعبي الشمال والجنوب؟
-نحن شعب عاش في وادي النيل قبل التاريخ لـ(7000) سنة، نحن جزء من حوض النيل من المنابع وحتى البحر الأبيض المتوسط، كل الشعوب التي تعيش في هذا الحوض هم أهل وإخوة،، ثم بعد ذلك عشنا تحت  ظل الحكم التركي لمائتي عام، ثم عشنا في السودان المستقل لأكثر من نصف قرن، هذه كلها علاقات أخوية واجتماعية وثقافية وليست علاقات اقتصادية فقط، لذلك نحن أشقاء وإخوة وجيران لا انفصال ولا فكاك من أن نعيش في أمن وسلام واستقرار وتبادل منافع، وأي وضع سوى ذلك طارئ واستثنائي يزول بزوال أسبابه، هذا هو الوضع الطبيعي.
{ ما أكثر ما يقرب الشعبين ؟
-أن يكون السياسيون في أمن وسلام وتعاون فالشعبان يعرفان مصالحهما.
{  الوحدة أفضل أم الانفصال؟
– نحن شعب واحد في دولتين، الوحدة هي الوضع الطبيعي ولا أحد يقبل أن تتشتت أسرته أو قريته، والانفصال كان قدراً مكتوباً وخطى لابد أن نمشيها.
{  خسر الشعبان جراء الانفصال أم ربحا؟
-طبعاً،لأن الوحدة قوة لأي شعب ليس للسودان وجنوب السودان فقط ، لذلك  تجد أن الأمم تتكتل، أوروبا على سبيل المثال برلمان واحد وسوق واحد وهكذا ليكونوا قوة في مقابل القوى الأخرى، لذلك لن تجد عاقلا يقول إنَّ الوحدة غير مرغوبة، لكن ظروفاً تاريخية ونفسية وسياسية بين الشمال والجنوب أدت لهذا الوضع القائم.
{ حالياً حينما تزور السودان هل تشعر بأنك أجنبي؟
-كلا رغم وجود التأشيرات والإقامات “شغل الورق دا” لأني أنا مؤسس لهذه الدولة المسماة السودان.
{ كحزب “إسلامي” في الجنوب كيف تبدو الأوضاع ؟
-في جنوب السودان لا يوجد شيء اسمه حزب “إسلامي”، نحن نعمل بقوة الدفع القديمة لذلك لازالت بها ظلال، لكن بعد سريان قانون الأحزاب في الجنوب والدستور ففي ظل دولة “علمانية” لا توجد أحزاب دينية لذلك سنقوم بتوفيق أوضاعنا، ولقد سمح لنا وفقا للدستور الانتقالي المحافظة على أحزابنا القديمة كلنا بما فينا “الحركة الشعبية لتحرير السودان” حتى سريان قانون ودستور الجنوب،وذلك لن يمنعنا من تأسيس حزب خاص بنا.
{ كيف تتعاطون مع هذا الوضع؟
-حتى في الفقه الإسلامي المسلمون حينما يكونون قلة لا يقولون إن هذه دار الإسلام وأننا نريد تطبيق الإسلام،علما بأننا أقلية معتبرة وملاحظة وحقوقها محترمة ونمارس شعائرنا والدستور كفل لنا الحرية لممارسة فكرنا وشعائرنا والاتصال بالخارج المسلم.
{ ماذا عن المسلمين الآخرين؟
-الدولة تسمح بممارسة الشعائر الدينية وهنالك منظمات المجتمع المدني فالصوفية مثلاً يقيمون احتفالاتهم “بدقو النوبة وبحتفلوا بالمولد النبوي”  مثلاً ولدينا حرية ولا توجد مضايقات، علماً بأن موارد الناس هناك شحيحة لإعمار المساجد والخلاوي وتوسعة التعليم الديني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية