(إعلان باريس) بين "الأمة" و"الثورية" .. مُخرجات معلقة على مشاجب التنفيذ!!
“المهدي” شرح لـ(الوطني) تفاصيل الاتفاق والمعارضة قللت من أهميته
تقرير – محمد إبراهيم الحاج
لم ينتظر رئيس (حزب الأمة القومي) الإمام “الصادق المهدي” كثيراً بعد لقائه الحميم جداً مع قادة (الجبهة الثورية) بالعاصمة الفرنسية “باريس”، ووقع ممثلاً لحزبه أمس الأول (إعلان باريس) مع رئيس (الجبهة الثورية) “مالك عقار” الذي أطلق عليه (توحيد قوى التغيير) لوقف الحرب وبناء دولة المواطنة والديمقراطية.. رغم أن كثيراً من المراقبين استبعدوا عنصر المفاجأة في تقارب (الأمة القومي) مع (الجبهة الثورية)، وقالوا إن تمهيدات سبقت اللقاء من خلال “د. مريم الصادق” في العاصمة الباريسية.
وطرح “الصادق المهدي”، خلال اجتماعه (الخميس) الماضي، ميثاقاً أطلق عليه (ميثاق التنوّع المتحد)، بينما قدمت (الجبهة الثورية) ورقة شملت رؤيتها لحل أزمات البلاد والتنسيق المطلوب من قوى المعارضة مجتمعة (سلمية ومسلحة) لإحداث التغيير الذي يُخرج البلاد من أزماتها ويقود إلى وقف الحروب، ومن ثم التقى الطرفان أمس الأول (الجمعة)، وتم توحيد الورقتين لتخرجا برؤية مشتركة تبلورت في (إعلان باريس).
(إعلان باريس) الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر المواقع الاسفيرية ومجموعات التواصل الاجتماعي نبه إلى عدة نقاط، وﺍﺗﻔﻖ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ فيه ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺃية ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﺇﻻ ﺗﺤﺖ ﻇﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﻬﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﻭﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻭﻃﻨﻲ ﻧﺘﺎﺝ ﻟﺤﻮﺍﺭ ﺷﺎﻣﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﺜني ﺃﺣﺪاً. وقال “عقار” في تصريحات عقب مراسم التوقيع، إنه إكراماً للقاء التاريخي مع “الصادق المهدي”، فإن (الجبهة الثورية) ستنفذ وقفاً للعدائيات من طرف واحد لمدة شهرين.
ودعا ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻌﺪﺍﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻤﺪﻳﺪ ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍلأزمة الإنسانية. وأقر (حزب الأمة) و(الجبهة الثورية) باﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ وفق ﺃﺳﺲ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻳﺔ، وأمنا على أن وقف ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻷﻱ ﺣﻮﺍﺭ ﻭﻃﻨﻲ ﻭﻋﻤﻠﻴﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﻣﻊ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎﺕ ﺣﻜﻢ انتقالي.
وﺍﺗﻔﻖ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻓﻼﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ، وحملا ﻧﻈﺎﻡ ﺍلإنقاذ ما أسمياه ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ وﺗﻜﺮﻳﺲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻹﺛﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻤﻨﻬﺞ ﻭﺗﻤﺰﻳﻖ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ.
ورأى الطرفان أن ﺍلأقاليم ﺍﻟﻤﺘﺄﺛﺮﺓ ﺑﺎﻟﺤﺮﺏ ﺫﺍﺕ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ، ما يتطلب ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ الأزمة الإنسانية ﻭﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍلأقاليم ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ الإﻳﺠﺎﺑﻲ لها.
وقال (إعلان باريس) إن كلاً من (حزب الأمة) و(الجبهة الثورية) ناقشا ﺑﻌﻤﻖ علاقة ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻮﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ، ﻭﺍﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﻟﺼﻴﻐﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ للأطراف كافة.
وطالبا بإطلاق ﺳﺮﺍﺡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻴﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً وﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﺣﺰﺏ (ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ) “ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ”.
وترك الطرفان الباب موارباً أمام كل القوى الراغبة في الانضمام لـ (إعلان باريس)، وقالا (نتقدم بإعلان ﺑﺎﺭﻳﺲ للقوى ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ كافة ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻹﻧﺠﺎﺯ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﻗﻮﺍﻩ)، واتفقا ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻦ الحل السلمي الشامل ﻭالانتفاضة ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻛﺨﻴﺎﺭ ﻣﺠﺮﺏ.
وأكد ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺎﺣﺔ للاستقطاب ﻭﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ الإقليمية ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻊ علاقاته ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻲ عبر ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ الإقليمي ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﻴﻊ علاقاته.
وتعهد (حزب الأمة) و(الجبهة الثورية) بمواصلة ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ، ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ (إعلان ﺑﺎﺭﻳﺲ) ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭالإقليمي ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺘﺤﺮﻙ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻧﻈﺎﻡ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻤﻄﺎﻟﺐ السودانيين ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ.
{ “المهدي” يتصل بـ(الوطني) هاتفياً
(بيان باريس) سوف يحدث ردود فعل متباينة في الساحة السياسية السودانية التي تمر بمنعرجات حادة ومتباينة في وقت أعلنت فيه مفوضية الانتخابات الجداول الزمنية للانتخابات المقبلة، وهو ما يشير إلى التباعد الذي حدث فعلياً بين (حزب الأمة القومي) و(المؤتمر الوطني)، ولكن ربما أراد “الصادق المهدي” أن لا يقطع كل الخيوط التي تربطه مع الحزب الحاكم، فقد سارع أمس إلى الاتصال بالأمين السياسي لـ (المؤتمر الوطني) د. “مصطفى عثمان إسماعيل” ولخص له الاتفاق المعني في أربعة محاور أولها: التأكيد على وحدة البلاد ونبذ العنف واستخدام القوة والرهان على العمل السياسي وأن يكون المخرج قومياً. وكانت ردة فعل الحزب الحكم تتسم بنوع من الدبلوماسية بعد أن شكر “د. إسماعيل” إمام الأنصار على الاتصال، وأكد له أنه سوف ينقل فحوى الاتصال إلى القيادة السياسية، واعداً إياه بدراسة الإعلان بجوانبه كافة ومن ثم يتم اتخاذ الموقف المناسب، ولم ينس بأن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ السودان وأبناءه من كل مكروه.
{ المعارضة: لا جديد في (إعلان باريس)
المتمعن في الميثاق الذي تم توقيعه بين إمام الأنصار و(الجبهة الثورية) يلحظ أن كثيراً من المواقف والمبادئ تتفق عليها غالبية القوى المعارضة، وهو الأمر الذي أكده لـ (المجهر) أمس المهندس “صديق يوسف” ممثل (الحزب الشيوعي) في قوى الإجماع الوطني، قائلاً: إن البيان تطرق بصورة عامة للقضايا الأساسية الخاصة بالحرب وتهيئة المناخ ومشاركة الجميع، واصفاً إياه بـ (الايجابي) إلا أنه عاد وقال إن الإعلان لا يحوي جديداً.
ولكن شقة التضاد بين الإمام “الصادق المهدي” و(الجبهة الثورية) تظل قائمة برغم أن الاثنين يتفقان على معارضة الحكومة وتفكيكها، إذ أن الاثنين يختلفان تماماً في آليات التنفيذ، ففي الوقت الذي يقف فيه “المهدي” موقفاً سلمياً داعياً إلى إسقاط الحكومة عبر الوسائل والطرق الديمقراطية والسلمية لا ترى (الجبهة الثورية) بديلاً عن العمل المسلح، وهو ما أشار له المهندس “صديق يوسف” بقوله إن الإعلان لم يتطرق إلى الآليات التي سوف يتم من خلالها تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مبادئ. وتمسك الثورية ربما لخصه أمس “سيد شريف جار النبي” أمين العلاقات الخارجية بـ (حزب العدالة والمساواة) والقيادي بـ(الجبهة الثورية) قائلاً إن الاتفاق مع (حزب الأمة) لا يعني بأي حال من الأحوال إسقاط الوسائل الأخرى، مشيراً إلى أن (الجبهة الثورية) اتخذت الحوار مع كافة القوى السياسية كمدخل حقيقي للتغيير، لافتاً إلى أن (ميثاق الفجر الجديد) واحد من الوثائق، مبيناً أن (الجبهة الثورية) سوف تكمل مشروع الحوار مع القوى السياسية كافة والتوجه نحو تحقيق الأهداف، منوهاً إلى لقاء كبير سوف يجمع قادة الجبهة مع منظمات المجتمع المدني والشباب وقطاعات المجتمع كافة.
وعن ما إذا كان (حزب الأمة) قد بلغ به اليأس من الحوار الوطني وعدم جدواه فقرر الانتظام في صفوف المعارضة مختاراً هذه المرة (الجبهة الثورية) أو قوى الإجماع الوطني، أشار “صديق يوسف” إلى أن مواقف (حزب الأمة) كل يوم تحوي جديداً، مبيناً أنه سمع عبر بعض الصحف عودة (حزب الأمة) إلى قوى الإجماع الوطني، إلا أنه نفى في الوقت ذاته أن تكون هناك أية خطوات عملية تمت في هذا الجانب، وأضاف: إذا اقتنع (حزب الأمة) أن طريق الحوار مع الوطني مسدود، وأن قوى الإجماع هي السبيل الأمثل لتحقيق طموحات البلاد فسوف نرحب به في قوى الإجماع الوطني مرة أخرى.