أخبار

الهروب للأمام

} السيد “الهادي محمد علي” رئيس لجنة العمل بالبرلمان، قال إن اللجنة الطارئة التي يرأسها سيادته لمراجعة التشريعات المتعلقة بالمال العام قدرت إنشاء وحدة أمنية جديدة في قانون الثراء الحرام تتبع لإدارة مكافحة الثراء الحرام لتنفيذ سلطاتها.
} شكلياً من يقرأ قصة لجنة طارئة بالبرلمان لمعالجة أمر تشريعات الثراء الحرام يعتقد أن السادة نواب البرلمان اكتشفوا فجأة في الفترة الأخيرة وجود ثراء حرام ومشبوه في بلادنا.. وأن القانون الذي يمنح الحرامية حق التحلل من المال الحرام وإعادته للخزانة العامة ينجيهم من العقاب في الدنيا.. حتى سرت في الأوساط الشعبية طرفة (اسرقني وتحلل)!!
} السادة نواب البرلمان يعتقدون أن قضية مكافحة الثراء الحرام في إنشاء وحدة أمنية تتبع لها.. وكيف لوحدة أمنية أن تتبع لنيابة في وزارة العدل يفترض فيها رشد الممارسة والحياد في ما يبلغها من معلومات عن وجود شبهة فساد مالي وإداري!!
} وهل قضية مكافحة الثراء الحرام تحتاج لإرادة سياسية ورغبة حقيقية في الدولة والحكومة لتطهير نفسها من الدنس والفساد؟! أم بزيادة عدد الوحدات الأمنية والشرطية والنيابات المتخصصة؟! فقد أصبحت لدينا من الوحدات الأمنية ما يكفي لبسط العدل ومكافحة الجريمة، ولدينا شرطة خاصة بالنظام العام وأخرى خاصة بالحياة البرية والفنادق والسياحة والجمارك والحدود، ولدينا أمن اقتصادي وأمن شعبي واجتماعي وقوات دعم سريع.. كل هذه التخصصات الأمنية والشرطية إذا لم تحقق مقاصد تنفيذ القانون فإن قيام وحدة أمنية جديدة تتبع لإدارة الثراء الحرام لن تضيف شيئاً.. وهل القضية من حيث المبدأ في غياب أجهزة تنفيذ القانون أم هناك ثغرات حقيقية في إرادة التطبيق ومكافحة الثراء الحرام والمشبوه؟! والقانون السوداني الذي يحظر على وسائل الإعلام تناول أية قضية أمام القضاء والنيابة بادعاء أن ذلك يؤثر على سير العدالة.. هذا القانون يساهم بقدر في التعتيم على القضايا ووأدها.. وحينما تحظر النيابة النشر في أية قضية فساد قد تموت القضية ولا تستطيع جهة ما أن تقول كلمة.. والآن سحب القضاء قضية الأقطان من أمام المحكمة ونشرت الصحف خبر سحب القضية ولكنها لا تستطيع أن تقول كلمتها وإلا طالها الإيقاف (والجرجرة).. فكيف يتم محاربة الفساد في عتمة الظلام الدامس؟!
وهل الدولة التي تعيش في كنفها طاهرة مطهرة من الدنس والفساد؟! وهل الذين يقودون الجهاز التنفيذي بشر تعتريهم نزعات الضعف البشري الفطري أم ملائكة هبطوا علينا من فوق سبع سماوات؟!
} إذا كان البرلمان اعتقد أن محاربة الفساد في تعديل القانون وتكوين اللجان الطارئة وإنشاء الوحدات الأمنية التي تتبع لوزارة العدل فإن البرلمان غافل عن حقائق الأشياء وأبجديات دوره في الرقابة الحقيقية. هل سأل البرلمان وزير العدل عن المخالفات الواردة في تقرير المراجع العام السنوي.. وكم عدد المخالفات التي ذهبت للمحكمة وأي الأحكام التي صدرت بحق الذين يعتدون على المال العام عشية وضحى!! وأين البرلمان من قضايا كبيرة جداً كشفتها الصحافة وتم (تخويفها) من الخوض في مياهها العكرة ولكن البرلمان كممثل للشعب يستطيع أن يقول كلمته ولو نظرياً.
} أما تعدد الأجهزة الأمنية فهو مثل تعدد النيابات المتخصصة التي لم تحقق إلا مزيداً من تراكم الفشل والعجز عن أداء الواجب.. وقد أصبح للكهرباء نيابة وللمصارف نيابة وللصحافة نيابة والطفل نيابة وللمستهلك نيابة ولم يتبق إلا الرعاة الذين يستحقون نيابة وشرطة خاصة لحمايتهم من التمرد وتعدي الحركات المسلحة.. وتصوموا وتفطروا على خير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية