أخبار

بدعة وزارة التربية!

أتابع منذ أيام تجاذبات بين عدد من أولياء الأمور ومدير إحدى المدارس الحكومية لمرحلة الأساس بمحلية كرري، جدل ونقاشات أشفقت فيها على الجميع من فرط كتلة الانفعالات العاتية التي ظللت أجواء النقاشات بعد أن رفض المدير – الناظر في عهدنا – السماح بانتقال عدد من تلاميذ مدرسته إلى مدرسة أخرى إذ اعتبر الأمر هدماً لمستقبله وتاريخه وتصفية لمدرسته، وأتوقع قريباً أن نقرأ في الصحف أن مشاجرة دامية قد دارت داخل تلك المدرسة.
بدعة غريبة لوزارة التربية والتعليم اسمها شهادة القيد تهدد مستقبل عشرات التلاميذ، الشهادة تعني أن طفلك المنتقل من الفصل السابع الأساسي إلى الثامن لا يحق له الانتقال إلى مدرسة أخرى، بمعنى أنك مجبور على إبقائه في مدرسته وأنه ليس حراً في الانتقال لأي سبب لمدرسة جديدة، والوزارة في هذا تحول التلميذ إلى كرت مزايدة خاصة إن كان الطفل نابهاً وبه نبوغ قد يجعله مشروع أول من الأوائل فحينها قد يتشاجر مدير المدرسة أو قد يهذى وقد يتهم مدارس أخرى بتخطيط مؤامرة عليه !
أولياء الأمور الذين يتأهب أطفالهم للعبور إلى امتحانات شهادة الأساس قدروا لأسباب مختلفة أن المدرسة قد لا تحقق لهم ما يرجونه من نتيجة وتفوق ، ونظراً لتكلفة التعليم العالية في المدارس الخاصة كان طبيعياً أن تنتظر بعض الأسر حتى العام النهائي الفاصل بين مرحلة دراسية وأخرى لنقل أبنائهم إلى مدارس خاصة قرآنية أو غير قرآنية من أجل الحصول على جرعة تأهيل أفضل في السنة الختامية، ولا أظن أن في هذا ما يعيب فالتلميذ ليس رهينة تنافس المحليات التعليمية أو المدارس ومديريها ليقرروا أن إجراء كهذا ممنوع.
الأصل في مثل هذه الأمور مصلحة التلميذ وليس المدرسة، ووزارة التربية والتعليم إنما تصدر توجيهات بمنع هذا التحويل وايقاف شهادة القيد للتلاميذ المنتقلين من الفصل السابع إلى الثامن بمرحلة الأساس لأن الوزارة تعتقد أن هناك مدارس تنال (على الجاهز) تلاميذاً صقلوا وتأهلوا في مدارس أخرى وأعتقد أنه وبفرضية صحة هذا الزعم فإنه لا يخول حجر حرية خيار التليمذ وأسرته وستكون الطامة الأكبر حينما تعلمون أن البعض ينال تلك الشهادة لأن له الواسطة والبعض لا يتمكن من أخذها لأنه بلا ظهر!
القبيح في كل هذه المسألة أن المدارس التي ترفض انتقال تلاميذها وحينما يقرر أولئك ورضوخاً للأمر بالواقع العودة والاستمرار في مدارسهم فإنهم يتم التعامل معهم باعتبارهم خونة! وهذا سيعرضهم بالضرورة للضغط والقهر النفسي وهذا يحدث يا (وزيرة) التربية والتعليم لأن بعض القرارات وضعت من أجل إرضاء روح التنافس والغيرة بين مديري المدارس ولم تهتم بمصالح المواطنين ، ان التعليم فى المدارس الحكومية لم يعد يحظى بأي إمكانية للتطور والتطوير وهو مهمل ومن الطبيعي أن يهاجر الناس بأبنائهم إلى حيث ينالون تعليماً جيداً فإن كانت الوزارة نفسها تصادق على انشاء المدارس الخاصة فما الذي يجرم الانتقال إليها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية