تقارير

«داعش» في السودان .. محاولات إعلامية.. أم تهديدات حقيقية؟

لم يكن ظهور تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) والمعروفة إختصاراً بـ(داعش) وسيطرتها على المشهد الإعلامي العربي إسلامياً وعربياً بل وعالمياً بعيداً عن تكهنات بعض المراقبين الذين حذروا خلال وقت سابق من ظهور مثل هكذا تنظيم أو ما يشبهه، ولكن التطورات السريعة والمتلاحقة لهذا التنظيم بدأت تلهب أنفاس متتبعيها، وآخرها ما نشره «داعش» خلال الأيام السابقة من خريطة لدولة الخلافة الإسلامية التي قال إنه يسعى للسيطرة عليها، وتضم مصر والسعودية والسودان، والمغرب العربى. وبدّل التنظيم، في الخريطة التي نُشرت على عدد من المواقع الجهادية التابعة له، أسماء الدولة العربية، حيث استبدل مصر بأرض الكنانة، والسعودية بالحجاز، والسودان بالحبشة، والمغرب بدول شمال أفريقيا، ورغم أن كثيرين المحوا إلى التنظيم الحديث يهدف إلى كسب إعلامي إلا أن محللين ومراقبين أكدوا على ضرورة التعامل مع الخطوة الأخيرة بمزيد من الجدية خاصة في السودان.
وتشير الخريطة إلى أن «التنظيم» يسعى للتوسع خارج حدود دول العالم الإسلامي، لتشمل دولته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجزءاً كبيراً من غرب آسيا، وأجزاءً من أوروبا، من بينها إسبانيا، التى أشارت إليها الخريطة باسم الأندلس. كما تكشف عن رغبة «داعش» فى الاستيلاء على دول منطقة البلقان، وتشمل ألبانيا، والبوسنة والهرسك، واليونان، ورومانيا، وبلغاريا، وعدداً من دول شرق أوروبا، وصولاً إلى النمسا.
يُذكر أن أبومحمد العدنانى، المتحدث باسم «التنظيم»، قال فى تسجيل صوتى، إنهم أعلنوا دولة الخلافة الإسلامية فى العراق وسوريا، ويسعون للتمدد فى باقي البلدان العربية، وإنهم بايعوا أبوبكر البغدادى، زعيم التنظيم، ليكون خليفة للمسلمين، وحذفوا العراق والشام، من اسم دولة التنظيم، ليصبح الدولة الإسلامية فقط.
ويعتقد عدد من المحللين إن «داعش» تمثل خطراً على الأمن القومى العربى، وعدم التفات حكام ومسؤولي الدول العربية إليها، يزيد من خطرها على «القومية» التى تعتبرها «داعش» عدوها الأول. وأن هذه الخريطة، جزء من إستراتيجية «القاعدة»، التي تسعى لتقسيم العالم العربي إلى (4) أجزاء، لافتاً إلى أن الخلاف بين «القاعدة» و«داعش»، ليس خلافاً قائماً على الفكر، وإنما اختلاف في وسيلة تطبيق الفكر. وأكدوا أن عدداً كبيراً من التنظيمات الجهادية، في البلدان العربية وغيرها، ستعلن دعمها لـ«داعش»، في ظل الانتصارات التي تحققها، فضلاً عن «الشو» الإعلامي، الذي حصلت عليه «داعش» وطغى على باقى التنظيمات الإرهابية.
هل تصل (داعش) السودان؟
لم يخف المحلل السياسي د.«حمد عمر حاوي» أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري تخوفه من تواجد (داعش) بالسودان، واصفاً التنظيم بالأخطبوطي. وأضاف: هو عبارة عن خلايا تؤمن بفكر محدد، مشيراً إلى أن التنظيم ليس بعيداً عن السودان بوجود مجموعات قد لا تكون كبيرة أو مؤثرة، لافتاً إلى أن تلك المجموعات تشاطر (داعش) بعض المبادئ مثل حزب التحرير في السودان. وقال إن هذه المجموعات تتناقل الأخبار فيما بينها. وأردف: (السودان بمثل هذه المعطيات يمكن أن يكون حاضراً في ذاكرة (داعش).
خطر إقليمي
وتمثل (داعش) خطراً على عدد من دول الخليج، فى ظل سعيه للاستيلاء على بعض المناطق العربية، التي تعيش بلدانها حالة من الاضطراب السياسي، إلا أنه من الصعب أن تنتقل إلى مصر بشكل مباشر، مرجحاً انضمام تنظيمات جهادية في سيناء إليها. وقال الدكتور «وحيد عبد المجيد»، الخبير بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والإستراتيجية: إن نشر «داعش» خريطة دولته التي يسعى للسيطرة عليها، من بينها مصر والسعودية والسودان، يعني زيادة طموح التنظيم، وسعيه لتنفيذ المرحلة الثانية التى لم يكشف عنها من قبل، لافتاً إلى أن التنظيم أعلن المرحلة الأولى من خطته، وكانت تشمل السيطرة على العراق وسوريا والأردن وسيناء، لكنه لم ينجح حتى الآن في تنفيذها.
وقال الدكتور «طارق فهمي» أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية: (إن خريطة «داعش» تعد امتداداً استراتيجياً وسياسياً للتنظيم، وتشير إلى مساعيه للخروج من النطاق الإقليمي للنطاق العربي والدولي)، مضيفاً: «أبوبكر البغدادي، زعيم التنظيم، يريد فرض إستراتيجية جديدة تختلف عن إستراتيجية «أسامة بن لادن»، و»أيمن الظواهري»، زعيمي (القاعدة)، والأمر في مجمله يمثل خطراً على الأمن القومى المصري، لأن دخول مثل هذه التنظيمات للبلاد، سينهك الأجهزة الأمنية في الداخل، أي قلب القاهرة وعدد من المحافظات والمناطق الحدودية، خصوصاً سيناء». وقال الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن «داعش»، من أخطر التنظيمات الإرهابية الموجودة حالياً، وإن اندماج تنظيمات مثل أنصار بيت المقدس معه ستزيد من خطورته على الأمن القومي المصري.
ما هي (داعش)؟
الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة اختصاراً بـ(داعش)، والتي تسمي نفسها الآن الدولة الإسلامية فقط هو تنظيم مسلح يُوصف بالإرهاب يتبنى الفكر السلفي الجهادي يهدف أعضاؤه إلى إعادة «الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة»، ويمتد في العراق وسوريا. وزعيم هذا التنظيم هو «أبو بكر البغدادي».
بدأ تكوين الدولة الإسلامية في العراق في 15 أكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين وتم اختيار «أبا عمر» زعيما له وبعدها تبنت العديد من العمليات النوعية داخل العراق آنذاك, وبعد مقتل أبو عمر البغدادي في يوم الاثنين 2010/4/10 أصبح أبو بكر البغدادي زعيما لهذا التنظيم، وشهد عهد أبي بكر توسعاً في العمليات النوعية المتزامنة (كعملية البنك المركزي، و وزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت), وبعد الأحداث الجاريه في سوريا واقتتال الجماعات الثورية والجيش الحر مع نظام «بشار الأسد» تم تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام أواخر سنة 2011، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى المقاتلة في سوريا , وفي 2013/4/09 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام ، أعلن من خلالها أبو بكر البغدادي دمج فرع التنظيم جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام ونفوذ الدولة تتوسع في الداخل السوري يوماً بعد اليوم.
مناطق التواجد في العراق وسوريا
ويبسط التنظيم سيطرته على رقعة واسعة، تمتد من مدينة الرقة السورية، وحلب‏ و ريف اللاذقية ودمشق وريفها ودير الزور وحمص وحماة والحسكة وإدلب ويتفاوت التواجد والسيطرة العسكرية من محافظة لاخرى فمثلا لديها نفوذ قوي في محافظة الرقة وفي بعض أجزاء محافظة حلب و لديها نفوذ أقل في حمص و اللاذقية. وحتى الرمادي في العراق، حيث يتحكم بمدينة «منبج» بريف حلب، إضافة إلى مدينتي «الرقة»، و«دير الزور»، القريبة من الحدود العراقية، والتي تعد منطقة نفطية، فضلا عن سيطرته على قسم مهم من المنطقة العربية السُنية في العراق.
ويسيطر (داعش) في العراق على مدينتي الفلوجة والرمادي بمحافظة الأنبار، والموصل التي تعد ثاني أكبر مدن العراق، و تكريت التي تضم مصفاة «بيجي» النفطية، وتلعفر، وبعض المناطق في صلاح الدين وديالي
أهم الأحداث في 2013
في 2013/3/05 قام الجيش السوري بتسليم مدينة الرقة بالكامل لجبهة النصرة وفي وقت لاحق في صيف سنة 2013 أصبحت مدينة الرقة تحت سيطرة الدولة الاسلامية في العراق والشام بشكل كامل وفي 2013/4/09 تم إعلان الدولة الاسلامية في العراق والشام مع كلمة صوتية بثتها قناة الجزيرة.
في 2013/7/27 انسحب الجيش السوري من بلدة خان العسل في ريف حلب من أمام (داعش) وتم قتل العشرات من جنود الجيش السوري أثناء المعارك وتم أيضاً أسر العشرات من الجنود الذين تم اعدامهم لاحقاً.
بتاريخ 2012/7/21 أعلن «البغدادي» خطة هدم الأسوار وبتاريخ 2013/7/21 يحرر جنود الدولة الإسلامية آلاف المقاتلين الأسرى في سجون الحكومة العراقية في سجن التاجي سجن بغداد المركزي.
في 2013/8/5 الاستيلاء على مطار منغ العسكري على يد الدولة الاسلامية في العراق والشام بتدمير المبنى الرئيسي في المطار بعملية انتحارية.
في 2013/9/29 قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام بإستهداف مقر الأمن العام «الأسايش» في مدينة أربيل (عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق) بسيارات مفخخة وانتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة.
القوة العسكرية
يمتلك (داعش) العديد من الدبابات و الصواريخ و السيارات المصفحة و السيارات الرباعية الدفع و الأسلحة المتنوعة التي حصلت عليها من الجيش العراقي و الجيش السوري و وغيرهم.
جواز سفر (داعش)
وكشف موقع «يني شفق» التركي أن تنظيم «داعش» أصدر أمس الاول الجمعة جواز سفر رسمي في الموصل، ليوزعه على 11 ألف شخص داخل المدن والنقاط الحدودية بين العراق وسوريا التي أحكم السيطرة عليها.
وأضاف الموقع أنه كتب في أعلى الجواز عبارة «دولة الخلافة الإسلامية»، وبجانبها علم داعش، وأنه تم ذلك في مركز الهويات وجواز السفر الذي افتتحته الحكومة العراقية سنة 2011، على أساس أن تبدأ في عملية استخراج بطاقات الهوية بداية الأسبوع المقبل، لتكون هذه العملية بمثابة خطوة أخرى بهدف مأسسة الدولة الجديدة.
الخرطوم.. وداعش
بكل هذه المعطيات التي نقلت فكرة الخلافة الاسلامية حيز التنفيذ في تلك الدول التي تعاني اضطرابات امنية لافتة، هل يتم التعامل مع تلك المهددات التي اطلقتها (داعش) بمزيد من الجدية؟ كان رد د. «حمد» سريعاً وحاسماً، ونبه من خلاله إلى أهمية أخذ الأمر جدياً، وأضاف ليس من الضروري أن يغزو جيش (داعش) السودان ولكن يمكن ان يؤسس لخلايا في السودان. وأردف: (قبل فترة كان هناك رجل يدعى «أبو النور المقدسي» وكان يقيم في مخيم صغير جداً في فلسطين وأعلن من هناك دولة الخلافة وذات الأمر يمكن أن يظهر في السودان، لافتاً إلى أن ذات الأمر يمكن أن يظهر هنا في السودان بأن تتبني بعض الجهات الدينية المتوافقة مع (داعش) وتهدد أمن البلاد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية