عندما يضيق البرلمان بثلاثة (نواب)!!
} لقد جاء رئيس البرلمان الدكتور “الفاتح عز الدين” بما لا تستطعه الأوائل، بإقدامه (الجسور) على طرد زعيم كتلة (المعارضة) بالمجلس الدكتور “إسماعيل حسين” من جلسة مناقشة قانون الانتخابات!!
} ويبدو أن د.”الفاتح” غير مقتنع بوجود (كتلة) أخرى غير كتلة (المؤتمر الوطني) بالبرلمان، كما جاء في تعليقه داخل الجلسة، وهذا غير صحيح، و(الكتل) – يا سيادة الرئيس – لا تقاس بعددية النواب، ولكن بولائها السياسي، فإذا كانت (كتلة الشعبي) لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة نواب، فقد كانت كتلة الحزب الشيوعي في برلمان (الديمقراطية الثالثة 1986 – 1989) لا تزيد عن اثنين ثالثهما هو رئيس كتلة المعارضة (الديمقراطية) أو كما سميت، الراحل الكبير الأستاذ “محمد إبراهيم نقد” سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، ورغم ذلك كان لها حقوق (الكتلة) وامتيازاتها عند توزيع الفرص على الأعضاء شأنها شأن (المعارضة الإسلامية) (53 نائباً) وكان يقودها الأستاذ “علي عثمان محمد طه” وعمره وقتها دون (الأربعين)!!
} والذين تابعوا جلسات (الجمعية التأسيسية) في ذلك الحين برئاسة البروفسور “محمد إبراهيم خليل” يعرفون أن الراحل “نقد” أو الأستاذ “علي عثمان” أو الأستاذ “محمد الحسن الأمين” صاحب (نقاط النظام) كانوا يتحدثون في الجلسات – دائماً – أكثر من أي عضو في الكتلة (الحاكمة) سواء من نواب (حزب الأمة) أو (الاتحادي الديمقراطي).
} ولهذا، فإنه كان حرياً بالسيد “الفاتح عز الدين” أن (يحتفي) بوجود كتلة (معارضة) داخل مجلسه، حتى وإن ضمت عضواً (واحداً)، فيحاول من خلالها تطبيق نموذج ديمقراطي ونيابي (مقارب) للممارسة (النيابية) المعلومة في برلمانات العالم الديمقراطي الحر.
} كان أولى أن يمنح “الفاتح عز الدين” كتلة (الشعبي) الفرصة تلو الفرصة، ليشعر الناس – في الداخل والخارج – أن لدينا برلماناً (حقيقياً) فيه رأي ورأي آخر، وفيه اعتراضات، وانتقادات و(نقاط نظام) وانسحابات، ومحاسبات دقيقة حاسمة وصارمة للوزراء وأعضاء الجهاز التنفيذي للدولة. فإذا كان برلمان دولة “الكويت” الشقيقة التي يحكمها (أمير) على نسق (النظام الملكي)، يستدعي رئيس الوزراء وهو غالباً من (الأسرة الحاكمة) لجلسة (استجواب). فلا يكون أمامه سوى الخضوع لقرار البرلمان أو تقديم استقالته. وقد حدت بالكويت مرات عديدة، فلماذا يستكثر “الفاتح عز الدين” على (ثلاثة نواب) أن يوجهوا انتقادات لتعديلات (متعجلة) في قانون انتخابات لا مسوِّغ ولا مبرر (سياسي) لتقديمه في هذا الوقت بالذات، سوى تمرير (عملية انتخابية) في الربع الأول من العام (المقبل) بسياسة (من حضر) التي تعودت عليها (الإنقاذ) خمسة وعشرين عاماً طويلة!!
} إذا كانت الدولة تضيق بالصحافة، وتضيق بثلاثة نواب في مجلس (كل) عضويته عدا هؤلاء من الحزب الحاكم وحلفائه المصفقين والموافقين بـ(نعم) على الدوام، فإن عجلة (الحوار الوطني) قد تم (تنفيسها) قبل أن تقطع (عشرة أمتار) من مشوار (مية كيلومتر)!!