في غياب «الصادق» و «الترابي» وآخرين.. البرلمان يبدأ مناقشة قانون الانتخابات
لم يشأ رئيس الهيئة التشريعية د.«الفاتح عز الدين» أن يقلل من غياب زعماء القوى التقليدية المعارضة (الترابي والصادق المهدي) في الجلسة التي تحولت صبيحة أمس إلى لجنة لمناقشة تعديلات قانون الانتخابات لعام 2014 بعد أن قدم الدعوة لزعيم الأمة القومي والمؤتمر الشعبي مع (165) جهة سياسية ومنظمات مجتمع مدني وفئات نسائية وعمالية وغيرها، وأشار «عزالدين» إلى الالتفاف الشعبي حول مسودة قانون الانتخابات التي أجازها مجلس الوزراء وأودعها وزير العدل «محمد بشارة دوسة» تمهيداً لإجازتها من داخل قبة البرلمان.
ورغم غياب القوى المؤثرة من نقاشات قانون الانتخابات، إلا أن متداخلين لفتوا الانتباه إلى قضايا بعضها ملحة وأخرى أقل أهمية كتركيز أغلب المتحدثين على بث التحايا والإشادة بالتعديلات الجديدة في القانون، وبدأ رئيس المجلس الوطني حديثه بالإشارة إلى أهمية التوافق السياسي على دعوة الرئيس الجادة للحوار الوطني، معتبراً أن تعديل قانون الانتخابات يصب في المصلحة السياسية، مبدياً سعادته بالحضور المشرف لمنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وقال إنه يتلمس العذر لمن حالت (الظروف) دون حضورهم المناقشات إلا أن أكد أن كثيرين رفدوهم بنصائحهم.
«دوسة»…تعديلات مهة
بدأ الحديث وزير العدل مولانا «محمد بشارة دوسة» الذي أوضح أن تعديلات قانون الانتخابات اقتضتها الانتخابات القومية القادمة في عام 2015، مبيناً أن الأصل هو قيامها ما لم تحول ظروف دون قيامها، مشدداً على أهمية أن يكون قانون الانتخابات جاهزاً ، مؤكداً أن كل التعديلات الواردة في القانون الجديد كانت محل اتفاق من جميع القوى السياسية التي شاركت في التعديلات بعد عقد عدد من الورش في هذا الشأن، خاتماً حديثه بأن تلك التعديلات تصب في مصلحة القوى السياسية، واستعرض وزير العدل أبرز التعديلات التي طالت (16) مادة من قانون الانتخابات جرى عليها تعديلات لا تخالف الدستور من ناحية فنية ولا القوانين وأن الملامح الأخرى للتعديلات تظهر في مسائل فنية نتجت عن ورشة عمل نفذتها المفوضية القومية للانتخابات في الثانى عشر من ديسمبر 2012.
وقال «التعديلات انصبت في ركنين أساسيين الأول توسيع فرص المشاركة للقوى السياسية والركن الثاني تناول تقليص مدد وآجال زمنية ليس لها داعٍ لزمن الانتخابات حتى تكون حرة ونزيهة وشفافة».
وأبان «دوسة» أن التعديلات شملت زيادة نسبة التمثيل النسبي: الهيئات التشريعية بالبرلمان تتكون من (60%)، دوائر جغرافية (40%) تمثيل نسبى، إلى (50%) مقسمة إلى (30%) للمرأة و(20%) للقوائم الحزبية وسابقاً كانت (15%).
أحاديث صغيرة في حدث كبير
لم تخرج كثير من نقاشات القوى السياسية التي شاركت أمس عن مطالباتها بأهمية دعم الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات القادمة، بينما نبه بعضهم إلى أهمية أن لا تتعارض إجازة القانون مع الحوار الوطني الذي بدأ في الإقالة من عثراته، واقترح «يحيى زكريا» الأمين العام لحزب الإصلاح الوطني الاقتداء بالتجربة الهندية في الانتخابات التي تعتمد على رقم (ديجيتال) وأن تكون هناك فترة انتقالية تسبق قيامها، بينما وصف «عبد الله مسار» رئيس حزب الأمة الوطني تعديلات القانون بالمهمة، مشيراً إلى أنه يعتبر استحقاقاً لتنظيم العملية الديمقراطية في السودان، فيما نبه «سليمان أونور» رئيس جبهة الشرق (القيادة المكلفة) أن السودان لا تنقصه القوانين بقدر ما ينقصه تطبيقها بشفافية، بينما نحى د.»الصادق الهادي المهدي» من حزب الأمة القيادة الجماعية إلى الإشارة إلى أن المشاركة السياسية تعتبر بمثابة المحك الحقيقي لنجاح الانتخابات، داعياً إلى أهمية توسيع الحوار ليشمل كل القوى السياسية وأن يكون الباب مفتوحاً لمزيد من التعديلات على القانون خلال الفترة القادمة، إلا أن أكثر المتداخلين إثارة كان «مبروك مبارك سليم» رئيس حزب الأسود الحرة الذي طالب بأن يكون هناك تمثيل من كل القبائل السودانية في البرلمان وأخرج خريطة قال إنها لكل قبائل السودان، ثم اتبعه «محمد عبد الله ود أبوك» من حركة الإرادة الحرة بطلب أغرب حين بدأ حديثه بالقول إن كل الرجال فشلوا في حكم السودان منذ (56) وأنه آن الأوان أن تحول النسب المخصصة للمرأة لكي تكون نسباً للرجال وتحول نسب الرجال للنساء، مطالباً بإتاحة الفرصة للمرأة في الحكم وإدارة الأمور بالبلاد .
وأكد «تاج السر محمد صالح» من الاتحادي الديمقراطي على ضرورة أن لا يؤثر إجازة قانون الانتخابات في الحوار الوطني الدائر، معتبرا أن الأولوية تظل لصالح الحوار الوطني، لافتاً إلى أن النخب لم يستطيعوا طوال الفترة السابقة من إحداث استقرار سياسي ومن ثم الالتفاف لإحداث النهضة والتنمية.
«غندور» يصد الهجوم
على المؤتمر الوطني..
هجوم عنيف شنه رئيس حزب الحقيقة الفيدرالي «فضل السيد عيسى شعيب» على المؤتمر الوطني واتهمه باحتكار الحكم والثروة وطالبهم بالتنازل عنها وقال: (المؤتمر الوطني حشد قبل فترة قليلة (6) ملايين من عضويته وإذا أجرينا عملية حسابية بسيطة وكانت تكلفة إحضار شخص واحد مائة جنيه فإن المحصلة تصبح حوالي (600) مليون جنيه بالجديد وهو رقم خرافي، ولا قدرة للأحزاب الأخرى بمجاراة المؤتمر الوطني)، إلا أن مداخلة مساعد رئيس الجمهورية البروفسور «إبراهيم غندور» حوت رداً طويلاً على رئيس حزب الحقيقة. وقال إنهم لا يدفعون لأعضائهم أية أموال ليشاركوا وإنما يأتون إليهم بأرجلهم أو بالمواصلات بل إنهم يدفعون للمؤتمرات القادمة.
وأكد «غندور» في حديثه أن التمثيل النسبي واستخدام البواقي يمنح غالب القوى السياسية الفرصة للمشاركة وأن تجد لها مكاناً في البرلمان، لافتاً إلى أن المؤتمر الوطني أكثر الأحزاب التي سوف تتضرر من تعديلات قانون الانتخابات. وأكد «غندور» أن استمرار الحوار الوطني لا يتعارض البتة مع إجازة قانون الانتخابات، منوهاً إلى أن حضور اللجنة في المجلس يعد الأكبر في تاريخ السودان الحديث وأكبر تجمع تشهده قبة البرلمان.
وقطع «غندور» بأن الحوار يعتبر الطريق الأوحد لكي تصل البلاد إلى وحدة شاملة تغلق بها كل المسارات التي يمكن أن يتسرب منها أعداء الوطن.
وأوضح «غندور» تعديلات القانون اتفق حولها كل الذين قالوا بأهمبتها وجاءت نتاج ورشة شاركت فيها كل القوى السياسية داخل قبة البرلمان وخارجها، مبيناً أنها تتعلق بأمرين أولها هو إتاحة الفرصة لكل القوى السياسية الصاعدة والأمر الثاني هو وضع مزيد من النزاهة والشفافية حولها وأن تكون في يوم وتفرز مباشرة وفقاً للرقم الوطني.
مشاركة نسائية ضعيفة
رغم أن تعديلات القانون الجديد انصفت المرأة بشكل واضح بعد أن رفعت نسبة مشاركتها إلى (30%) إلا أن مشاركتها في نقاشات الدستور اتصفت بالضعف ولم تسمع أصوات النساء إلا عبر الأستاذة «سامية أحمد محمد» و«إقبال جعفر» رئيسة اتحاد المرأة التي عبرت عن رضاها بزيادة مشاركة النساء، فيما أوضحت «سامية أحمد محمد» أنه ليس هناك أي خوف من أن يتوقف الحوار لأنه أصبح بمثابة إرادة جماهيرية ومجتمعية. وأضافت: (الآن على الأحزاب والقوى السياسية أن تدعم القانون وتقويته واحترام الرأي والرأي الآخر)، وقالت إنها تساند رفع نسبة المرأة في القانون الجديد بل وأكثر من ذلك، مبينة أنها لا تريد للمرأة أن تكون مجرد مشاركة فقط ولكن أن تكون لها رؤيتها الواضحة في الدولة السودانية
ختام ساخن جداً..
آخر فرص الحديث منحها رئيس البرلمان للسياسي المثير للجدل «سليمان حسين عثماناب» الذي قدم نفسه بأنه رئيس الجبهة الإسلامية القومية الذي بدأ حديثه بهجوم مدبب على رئيس البرلمان وقال: (كان عليه أن يمنح القوى السياسية مسودة القانون قبل أسبوع كامل حتى يتسنى لهم دراستها ومن ثم وضع رأي حولها)، ثم واصل متهماً المؤتمر الوطني بتزوير كل الانتخابات السابقة، منتقداً الرسوم العالية المفروضة على من يريد أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، ورفض بصورة قاطعة مقترح «ود أبوك» الذي طالب فيه بإتاحة الفرصة للمرأة بتولي مقاليد الدولة. وقال ساخراً: (هم طلعوا من ضلعة واحدة مننا)، في إشارة إلى ضعفها، ولم ينس في ختام حديثه أن يلهب ظهر الحزب الحاكم مجدداً بقوله (من فضلكم أدوا الأحزاب فرصة ليحكموا معاكم لأنكم ما خالدين فيها أبدا).
غضب «أحمد بلال» على رئيس البرلمان
بغضب ظاهر اعترض وزير الإعلام «أحمد بلال عثمان» على تقديم رئيس البرلمان له بممثل الحزب الاتحادي (جناح الشريف الهندي) ورد عليه: (أنا الاتحادي الديمقراطي لا المسجل ولا «الهندي»)، ثم التقط أنفاسه وواصل حديثه بنبرة هادئة لم تكن تماثل الحدة التي بدأ بها بداية حديثه قائلا: (قانون الانتخابات قانون مفتاحي وكنا نأمل أن يكون الحضور شاملاً لكل أطراف القوى السياسية، وأقترح أن تصل اللجنة إلى الذين لم يتمكنوا من حضور النقاشات حول مسودة الدستور)، مبيناً أن هذه التعديلات تحتوى على جوانب إيجابية كثيرة للغاية أتت بإيجابيات أزالت العقبة التي كانت تمنع بعض الاحزاب من المشاركة في البرلمان، وطالب «بلال» بوجود مسؤولية قضائية على مفوضية الانتخابات وأن يكون القضاء مشرفا عليها.