شهادتي لله

"السيسي" في "الخرطوم".. أحسن (المشير)!

} زار الرئيس المصري المشير “عبد الفتاح السيسي” “الخرطوم” أمس (الجمعة)، في (ثالث) زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيساً لجمهورية مصر العربية، حيث كانت الأولى إلى “الجزائر” التي وصلها يوم (الأربعاء)، وسافر إلى القمة الأفريقية بـ”غينيا الاستوائية” مساء نفس اليوم، ليصل السودان عصر أمس (الجمعة) بعد مشاركته في أعمال القمة الأفريقية. وهناك حقق إنجازاً معتبراً بتوقيعه (اتفاقية تفاهم) مع رئيس وزراء إثيوبيا “هايلي مريام ديسالين” حول موضوع (سد النهضة) أكد على العمل من خلال (اللجنة الثلاثية)، والأخذ برأي الخبراء الدوليين في ما يتعلق بإنشاءات السد، وعدم الإضرار بمصالح مصر المائية.
} وصل “السيسي” السودان بعد (19) يوماً فقط منذ انتخابه رئيساً لـ(مصر)، بينما زار الرئيس السابق “محمد مرسي” بلادنا بعد (عشرة شهور) طويلة طاف خلالها أكثر من (عشر دول) ابتداءً من “السعودية” وانتهاءً بـ”يوغندا” خصمنا المعروف وحاضنة حركات التمرد في السودان!! وقد كتبت مقالاً العام الماضي في هذه المساحة عن تأخر زيارة الدكتور “مرسي” للخرطوم رغم أن الرئيس “البشير” كان من أول المهنئين له بقصر الاتحادية بالقاهرة!!
} “الجزائر” من أهم الدول التي ساندت ثورة (يونيو) إلى أن تحقق صعود وزير الدفاع المشير “السيسي” إلى سدة الرئاسة، ورغم (الثأرات الرياضية) التي كان السودان ضحية إحدى مواجهاتها، فإن بين البلدين مصالح (اقتصادية) كبرى أهمها مشروع تصدير (الغاز) من “الجزائر” إلى “مصر”، ومصالح (أمنية) متعلقة بالوضع في “ليبيا” البلد التي تحدها “مصر” (شرقاً) والجزائر (غرباً)!! ولهذا ابتدأ “السيسي” رحلاته بزيارة خاطفة لساعات – أيضاً – إلى “الجزائر” وانتقل منها إلى “غينيا الاستوائية” – مضيفة قمة الأفارقة – وهي واحدة من أصغر دول أفريقيا من حيث المساحة وعدد السكان ويحكمها الرئيس “يتودور أوبيانغ” بسلطة عسكرية مطلقة منذ العام 1979!!
} قبل (خمسة أشهر) كتبت في هذه المساحة، عقب زيارة إلى “القاهرة” بدعوة من سفيرنا السابق هناك الدكتور “كمال حسن علي” للمشاركة في احتفالات السفارة والجالية بعيد استقلالنا المجيد، كتبت عدة مقالات داعياً حكومة السودان إلى التعامل بواقعية ودبلوماسية واعية مع متغيرات الأحداث في الشقيقة “مصر”، ودعوتُ – علناً – إلى التهيؤ للتعامل مع الرئيس (القادم) لمصر “عبد الفتاح السيسي”، رغم أنه لم يكن وقتها قد أعلن ترشحه للرئاسة، ولا تشكلت هيئة لدعم ترشيحه، وكان بعض (المحللين) في (مصر) والسودان في تلك الفترة يتوقعون (مفاجأة) ما، وأن قوى ثورة (يونيو) بالتنسيق مع (الجيش) سيقدمون مرشحاً (مدنياً) على أن بقى المشير “السيسي” وزيراً للدفاع. وقد كان هذا (السيناريو) مقترحاً بقوة حتى قبيل إعلان المشير ترشيحه بعدة أسابيع.
} دعونا هنا في (المجهر) إلى إعادة ترتيب العلاقات السودانية – المصرية واحترام خيارات الشعب المصري، سواء جاء “بمرسي” أو أتى بـ”السيسي”، هذا أمر يخصهم، ولا يعنينا، إلاّ في ما يتعلق بملف العلاقات الثنائية وتطويرها اقتصادياً، سياسياً، ثقافياً وإعلامياً وأمنياً.
} بعض قصيري النظر، محدودي البصر والبصيرة، عابوا علينا – همساً وجهراً – في مجالس (السياسة) و(الصحافة)، ما اعتبروه (تصفيقاً) لحكم (الانقلاب) في (مصر) وهاج عدد كبير من (جهلة الانترنت) وماجوا وأرغوا وأزبدوا عندما قلنا – تمهيداً لزيارة “السيسي” هذه، وتطبيع العلاقات – إن (مصر خط أحمر)، وازدادت هوجتهم الرعناء وانفجر غيظهم المدلوق على الأسافير عندما وصفتني وكالات الأنباء والصحف المصرية بـ(الكاتب والمفكر السوداني)!! تركوا “حلايب”، وانشغلوا بكيف يكون العبد لله الفقير مفكراً سودانياً باعتماد وتوثيق أجهزة الإعلام المصرية!! مع أنني أطلق عبر هذه المساحة المحدودة كل يوم (فكرة) جديدة فيصبح بعضها تعديلات في قوانين، أو مراجعات لإجراءات وقرارات حكومية أو سياسية خاطئة أو مبادرات اجتماعية وشعبية عامة.
} المهم أن ما قلناه قبل (نصف عام) حصل و(بحذافيره).. أصبح “السيسي” رئيساً، وزار “السودان” قبل “السعودية” و”الإمارات” و”الكويت” و”البحرين” – الدول التي دعمته بمليارات الدولارات – بينما فعل الدكتور “مرسي” العكس.. حيث زار “السعودية”، بل “تركيا”، و”الصين”، و”إيران” و”ايطاليا”.. و”يوغندا”.. حتى “يوغندا” زارها قبل السودان!!
} ما نكتبه هنا (سياسة).. وليس مجرد تعابير و(إنشاء)..
} ولهذا يصدق حدسنا في كثير من الحالات.
} وصل الرئيس “السيسي” الخرطوم أمس وحكومتنا ما بين (مصدقة) و(مكذبة).. لدرجة أن إعلام ومراسم (القصر) ووزارة الإعلام لم تبعث للصحف خبراً (صغيراً) عن زيارة الرئيس المصري للسودان، إلى أن كشفته لنا المصادر (المصرية)!! قال (مؤتمر الإعلام).. قال!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية