رأي

إمكانات البحر الأحمر

يتحدث الناس الآن حول ولاية البحر الأحمر وحول إمكاناتها الكبيرة اقتصادياً وسياحياً. ولكن يبدو أن كل الولاة الذين مروا على البحر الأحمر لم يقرأوا شيئاً عن هذه الإمكانيات الكبيرة، أو هم في أفضل الأحوال مشغولون بأشياء أخرى. هذه الولاية توصف بأنها من أغنى الولايات، يكفي أنها تفوز بكل دخل السودان من الميناء وهو دخل لو تعلمون عظيم، ويكفي أنَّ بها ساحلاً طويلاً يمتد لـ(900) كيلو متر. والمعروف أن البحر الأحمر به أندر الأسماك في العالم، ولكن من ينظر إلى خريطة البحر الأحمر لا يجد شيئاً من هذا على الأرض. فالبؤس يخيم على الولاية من أولها إلى آخرها ولا توجد مدينة بمواصفات عالمية سوى بورتسودان. ولا توجد بها فنادق بالمناطق السياحية حتى القرية البدائية التي أنشئت في العهد المايوي لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل.
ويلاحظ أن الولاية لم يستغل مناخها الدافئ شتاءً للدعاية لنفسها وحتى الإعلام السياحي في الإذاعة لا هم له سوى غناء الفنانات والحفلات، دون أن يشيروا إلى إمكانيات الولاية والتعريف بها. والآن بعد أن يصل أنبوب المياه من النيل إلى بورتسودان تحل أزمة مياه الشرب نهائياً. ويمكن بعد ذلك حل بقية المشاكل التي تعوق النشاط السياحي والتجاري في البحر الأحمر. ويلاحظ أنها المدينة الوحيدة في العالم التي لا تركز على دفء شتائها، مع أن الميزة الوحيدة بها هي بورتسودان وهي الولاية الوحيدة التي لا تركز على أن بها مدينة أثرية كاملة من العصور الوسطى مبنية، ويمكن أن تكون جاذبة سياحياً لأن الولاة يجدون تكلفة إعادتها إلى الحياة باهظة.
ويلاحظ أيضاً أن هناك إصراراً بلغ درجة العناد بعدم إقامة طريق مزدوج يربط المدينة بالخرطوم، مع اعتراف الجميع بأهمية هذا الطريق مثل طريق الرياض جدة. هذا الطريق الذي لو تم يجعل الرحلة من الخرطوم إلى بور تسودان تنتهي في ست ساعات، لأن سائق العربة سيمضي دون توقف ودون أن يخشى العربة في الاتجاه الآخر. وقد لاحظت أهمية هذا الأمر في طريق جدة الرياض، عندما تحركنا من الرياض في بص قديم جداً ولكنه مضى دون توقف وأوصلنا بسرعة دون أن نشعر بأي تعب ورهق.
لا أعرف السبب الذي يمنع كل الولاة من استغلال ساحل البحر الأحمر هل هو تابع لحلايب وشلاتين ويعترض المصريون على منشآت سياحية به والله احترنا في السبب.. لا شك لو قمت بالمرور على ساحل البحر الأحمر من بدايته حتى نهايته لن تجد إلا الصخور والرمال، ولو حاولت العثور على مواصلات سهلة لن تجد سوى القطار الذي لا يتحرك كل أيام الأسبوع. وهناك الثروات السمكية الكثيرة لهذا الساحل التي لا ينتبه لها أحد ولا أعرف ما إذا كانت الولاية قد سمعت بسفن الصيد الحديثة التي يمكن أن تغذي العاصمة نفسها من الأسماك باستخدام الثلاجات. هذه السفن صغيرة الحجم بإمكانها صيد آلاف الأطنان بعد أن يدرب الأهالي في هذه المنطقة على الصيد. ويمكن أن تكون ثروة تجعلهم يفكرون في مشاريع أخرى مثل تعليب الأسماك والساردين، وبهذا تحصل الولاية على مورد إضافي. وبالولاية مصيف أركويت ذو الجو المعتدل طول العام لماذا لا يتم استغلاله.
سيقول قائل إن كل هذا غير ممكن ومستحيل بسبب قصور الإمكانيات المالية. ونقول هذا وهم فبالإمكان جعل تعمير هذه الولاية هماً اتحادياً وليس ولائياً، وعمل لجان تخصص بجمع التبرعات من الشركات والأفراد ورجال الأعمال والبصات للطريق المزدوج وأن يكون له الأولوية، لأن هذا الطريق لو أنجز سيصبح بالإمكان سفر الأفراد بسياراتهم الخاصة من الخرطوم إلى بورتسودان والعودة والتحجج بقلة الإمكانيات ليس سبباً. كما اتضح من عرضنا السابق والأفكار التي طرحناها اللهم إلا إذا كان هناك سبب آخر لا يريدون أن يقولوه لنا.. وأسألهم لماذا ساحل البحر الأحمر من الحدود السودانية المصرية وحتى بور سعيد والبحر الأبيض المتوسط؟ ما الذي يمنع تعمير الجانب السوداني والله احترنا في هذا السبب.. إذا كانت الحكومة قد عجزت فلتفتح باب المنافسة للقطاع الخاص والشركات الأجنبية، وأنا على ثقة خلال عام واحد فقط سيكون هذا الساحل أجمل سواحل البحر الأحمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية