زواج المشاهير من الأجنبيات.. تفاصيل علاقات عبرت الحدود !!
زواج المشاهير من الأجنبيات بدا واضحاً من خلال التجربة أنه ليس بسبب معيار الجمال ولا تركيبة المرأة السودانية، وإنما ناتج لطموح المبدع أو الباحث الذي في أحايين كثيرة يمتطي صهوة جواده حتى يكون فارس أحلام فتاة أوربية أو بريطانية، وسيرة السودانيين مليئة ومتنوعة بالروايات التي تحكي عن نجاحها وتؤكد على صحة الاختيار خاصة لدى من تزوجوا بنساء الفرنجة.. وعلى وجه الدقة فسفر التاريخ المجتمعي احتشد بنماذج كثيرة واحتفى بها. أغلبهن تمكّن من التأقلم مع شكل الحياة السودانية وبعضهن لم يستطعن، واختلفت في المقابل نتاج الزيجة في الانصهار مع المجتمع السوداني.
“عبد الله الطيب”.. عشق بعد الرحيل
“جريزلدا عبد الله الطيب” البريطانية الأصل وكما يحلو للراحل تسميتها “جوهرة”، هي واحدة من اللائي تمكَّن من التأقلم مع طبيعة الحياة السودانية برغم تخوف والدها الذي أصيب بصدمة عندما قررت الزواج من البروفيسور “عبد الله الطيب”، حينها أضرب عن العمل لمدة يومين وذهب إلى وكالة السودان وقدم شكوى لـ”مستر هاردلي” بكيفية زواج السودانيين من البريطانيات، فكان رد “هاردلي” بأن “عبد الله الطيب” من أحسن الطلاب الذين سيكون لهم مستقبل مشرف ومشرق، وأنه أيضاً ينتمي لأسرة المجاذيب المحترمة بشمال السودان بمدينة “الدامر”، وأنه طيلة حياته لم يحرز غير المرتبة الأولى. حينها دخل الأمل في نفسه وأطمئن أن مستقبل ابنته سيكون في أمان.. “جريزلدا” أو “جوهرة” عندما تروي تفاصيل لقائها الأول بالبروفيسور “عبد الله الطيب” وكيف وقعت في حبه تحس المتعة في حديثها الذي تعلمت أبجديات حروفه مجبرة عند زيارتها لأول مرة للسودان ولسانها البريطاني تحول للنطق بالعربية نتيجة احتكاكها بالسودانيين، خصوصاً أنها تعيش وسط أهلها (الفصاح)
“الطيب صالح”.. الطوق المحكم
وفي المقابل لم تكن قصة زواج أديبنا العالمي والروائي الذي ملأت سمعته الأفاق “الطيب صالح”، الذي تزوج من الاسكتلندية الأصل “جولي”، لم تكن مختلفة كثيراً في تفاصيلها عن أغلب السودانيين المتزوجين من أجنبيات من ناحية اتفاقهم على أن اختيارهم للأجنبية ينبع من إيمانهم بمدى تفهم الأجنبية ومقدرتها على التعايش مع روح الأديب والفنان بعيداً عن الالتزامات الاجتماعية، ولكن “الطيب صالح” كان يضرب طوقاً محكماً على أسرته الصغيرة، ومن الصعوبة بمكان التكهن بمعرفة ما إذا كانت “جولي” زوجته قد استطاعت التعايش والانسجام مع السودانيين أم لا، ويندر أن يكون هناك شخص ملم بتفاصيل حياتها نظراً للصمت الممتد الذي تفرضه “جولي” على نفسها، ولا أحد بمقدوره الحكم على كيفية تعايش وقبول “جولي” التي انتسبت في بطاقتها التعريفية ولا يبدو أنها قامت بزيارة البلاد إلا بعد وفاته، “جولي” أنجبت ثلاث فتيات “سارة، سميرة وزينب”، ولم يكن يعرفن شيئاً عن السودان لا ما أخبرهن به والدهن عن حال بلاده من خلال ما عبر عنه في رواية (دومة ود حامد)، وكان يقول لزوجته (لا تغيري اطمئني فلن تضحك لي فتاة في بلادي، فأنا في حسابهن كنخلة اقتلعها التيار وجرفها بعيداً عن منبتها، أنا في حسابهن تجارة قبيلة كسدت، ولكن ما أحلى الكساد معك).
“راشد دياب”.. فشلت ثلاث مرات في الزواج بسودانية
أما الدكتور “راشد دياب” كانت دوافعه متأرجحة ما بين الوجود الاجتماعي والانتصار لفكره حتى يقدم شيئاً يستفيد منه هو وبالتالي بلده، فكان اختياره الوصول لأعالي درجة من الفكر، وقال في إفادة لـ( المجهر) إن الأسباب التي جعلته يتزوج بأجنبية موضوعية، وهو أن قيمة المبدع تعرفها الأجنبية في وقت مبكر سواء أكان أديباً أو باحثاً أو فناناً أو تشكيلياً، يبدأ حياته معها من (الصفر)، وقال إن طموح المبدع في حد ذاته (كبيرة)، وإن كانت لديه رغبة في الزواج فالإمكانات المتاحة في بلده لا تسمح له بتحقيق طموحه العالي، لذلك تكون الهجرة هي منفذه الوحيد للوصول لغاياته التي يدفع ثمنها غالياً، ومضى قائلاً: “بأن المرأة هي المرأة في كل مكان، وربما فهم الأجنبية يختلف تماماً عن السودانية التي لا تستطيع تفهم أهمية الشيء الذي يفعله المبدع لأن فهمها بسيط وينصب اهتمامها في الجانب الاجتماعي، ويشير هنا إلى أنه تزوج من أسبانية عن قناعة وهي امرأة مثقفة وراقية وأن اختياره لها كان بحذر.. وأن الحياة استمرت بينهما رغم اختلاف العادات والتقاليد، وقد أنجبت له بنتاً وولداً والآن يعيشون بالسودان، وقد اعترف بأن بعض الصعوبات واجهته في التوفيق بين الثقافة السودانية والأسبانية، ولكنه تغلب على معظمها لأن الاختلاف كان كبيراً وتحديداً أنهم يمنحون الحرية للأبناء في وقت مبكر على عكس المجتمع السوداني، وكان النزاع بين العيشة هنا وهناك صعباً عليه، وقال إن الزواج من السودانية أمر مكلف لشاب في بداية حياته، لأن المظاهر و(الفشخرة) تتحكم فيه، لكن الأجنبية عندما تتوفر أسباب الحياة المريحة وتبتعد كثيراً عن المجملات السودانية الكثيرة (عرس، طهور وسماية)، لأنها لا تعني لها شيئاً، وأضاف بالقول إذا كان الاختيار صحيحاً ووجد الحب الحقيقي لا يستطيع شيء تحطيمه.
“محمد حسن” الزواج مؤسسة
الفنان الشاب “محمد حسن حاج خضر” بدأ حديثه (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).. والزواج مؤسسة اجتماعية ويساهم مساهمة كبيرة في تنمية وطن جديد، والزواج من غير السودانية يعتمد في الأساس على الاختيار، وزواجي من “سمهر” لا أفتكر أنني تزوجت من اريترية أو أجنبية، لأن الشعب الاريتري قريب من السودان وثقافاتنا مشتركة، ولم شعر أنني تزوجت أجنبية وهي أيضاً اندمجت وتعرفت على العادات السودانية ولم تواجهها صعوبات في ذلك.
وأما الصعوبات التي واجهتني كانت من جانب الأسرة لأنهم قابلوا فكرة الزواج بالرفض في بداية الأمر، ولكن عندما جلسنا مع بعضنا اقتنعوا وأنا سعيد بأنني وجدت زوجة تفهمني وأستطيع مواصلة حياتي معها حتى النهاية، ومن البداية لم تكن علاقتي بها علاقة عابرة، أعجبت بها في شخصها ويمضي في القول إنه لم يجد صعوبة في التعامل مع زوجته الاريترية لأن عاداتهم ليست ذات اختلاف بائن، حيث وجدنا أنفسنا في شيء واحد سوداني واريتري، وكنت حريصاً على أن يتشبع أبنائي بثقافة البلدين السوداني والاريتري وحريصاً على تحدثهم (التكرينجا) لأنها لغة موطن والدتهم، كما حرصت على أن يتحدثوا اللهجة السودانية وقد رزقت منها بـ(ولد وبنتين).
هذه عينات من نماذج زواج مشاهير المجتمع من أجنبيات، فقد بدت متباينة، لكن عنصر القناعة في الزواج كان السمة المشتركة في كل الحالات أنفة الذكر.