أخبار

فن العوم..!

الإحصائيات تقول إن نسبة حالات الغرق تزداد في فصل الصيف.. والسبب بالطبع هو محاولة هروب الناس من حرارة الطقس، حيث يراهنون على ماء النهر أو البحر في إطفاء درجة حرارة أجسامهم، خاصة مع ازدياد قطوعات الكهرباء في هذا الفصل الحار وعدم امتلاك الشرائح الفقيرة للمولدات الكهربائية أو المكيفات التي يمكن أن تمتص سخونة الطقس. والواقع أن (السباحة) هي رياضة وفن معاً حين تؤدى طقوسها بالشكل الصحيح.. ولكن (العوم) دون خبرة أو دراية لا محالة يفضي إلى التهلكة.. ومن يرمون بأنفسهم في النهر والبحر بلا خبرة أو دراية مصيرهم حتماً هو الموت.. وهذه المسألة يحاول كثيرون تجاوزها والتحاليل عليها فيعتقدون أن مجرد الرغبة في العوم تكفي.. وأن الماء يمكن السيطرة عليه.. وأن الوجود في أطراف النهر أو البحر لا يحتاج إلى علوم السباحة والعوم.. وهذه جميعها افتراضات خاطئة حين نعلم أن معظم الذين (غرقوا) كانوا يستسهلون الأمر متناسين المقولة الشهيرة (البحر غدار) والتي تحتاج إلى اليقظة والانتباهة والجاهزية وليس مجرد رغبة عابرة في الارتماء إلى حضن مائي بارد..!
لقد انحسرت الجهات التي يمكن أن تعلّم الناس فن العوم، ولم تعد هناك حمامات سباحة متخصصة يمكن أن يذهب إليها الناس.. والبحث عن أحواض للسباحة في الأندية الرياضية كثيرة العدد ينتهي باللا شيء.. أما النساء فهن الأكثر تضرراً من ظاهرة تغييب حمامات السباحة لأنهن لا يستطعن مثل الرجال السباحة في البحر أو النهر، حيث إن هذه الروافد المائية الطبيعية محتكرة على الرجال فقط ولا توجد مساحات منها مخصصة للنساء.. وهذا كان يستدعي وجود أحواض سباحة خاصة بالنساء لكن لا شيء يمكن الإشارة إليه في خارطة الأندية أو حتى الطبيعة بأنه للنساء فقط..!
ورغم أن بعض المستثمرين غامروا بشكل محسوب وأوجدوا عدداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من أحواض السباحة الموزعة في العاصمة المثلثة، لكنها جميعاً ما زالت تعدّ استثماراً محدوداً وضمن فاتورة عالية لا يستطيع عامة الناس دفعها، في حين أن هذه المشروعات لا تكلف كثيراً، وكان حرياً بالدولة أن تكون سباقة إليها دعماً لهذه الرياضة وتشجيعاً على نشر ثقافتها بدلاً عن انتشار طقوس السباحة الطبيعية في (النيل)، التي لها أخطارها وتظل حكراً على الماهرين والمغامرين وبالطبع من الرجال فقط..!
أين وزارة الشباب والرياضة من منشط السباحة الذي يشهد انحساراً وتراجعاً كبيراً يسبب عدم وجود أماكن مخصصة للسباحة وبسبب عدم تحفيز الراغبين في ممارسة هذه الرياضة التي تعد أقدم أشكال الرياضة وأوصت بها خيراً جميع الديانات؟!
أين (السباحة) في بلد يملك البحار والأنهار ويحلم فيه الناس بالماء الذي يطفئ جذوة طقسهم الحار ويتيح فضاء لأطفالهم لكي يمارسوا اللهو البريء والفرح غير المحدود؟؟ وإلى متى لا تسترعي هذه الأشكال الرياضية اهتمام ورعاية الجهات المعنية التي ما زالت تعتقد أن الرياضة هي فقط كرة القدم؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية