الدعم السريع.. قصة قوات هزمت التمرد وشغلت العالم!!
الأحداث مضت متسارعة، وفي اليوم ذاته الذي عقدت فيه قيادة قوات الدعم السريع تنويراً إعلاميا لنشاطها وعملها، سلمت نيابة أمن الدولة رئيس حزب الأمة القومي الإمام «الصادق المهدي» أمر تكليف بالحضور للتحري معه في البلاغ المفتوح ضده بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني حول الاتهامات التي وجهها الرجل لتلك القوات.
دعوة للتنوير!!
التنوير الإعلامي الذي حدد مكانه في النادي الوطني دعت له إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني وقدمه مدير الإدارة العميد «محمد حامد تبيدي» مرحباً بالضيوف والصحفيين ومؤكداً في استهلال التقديم بأن قوات الدعم السريع تعد قوات نظامية تتبع للجهاز. وقال إن التنوير فرضه النشر الخاطئ وغير الدقيق حول قوات الدعم السريع وتشكيلها وعملها.
جلس على يسار العميد «تبيدي» في المنصة، العميد «عثمان محمد حامد» مدير إدارة العمليات بقوات الدعم السريع، وعلى يمينه اللواء ركن «عباس عبد العزيز محمد عبد الباقي» قائد القوات ويليه العميد «محمد حمدان» الشهير بـ»حميدتي» وهو القائد الميداني للقوات، ويليه اللواء ركن «محجوب الخضر» نائب قائد القوات، بينما جلس في ركن قصي يرمق الحضور بنظرات المتابعة دون أن يحس به أحد العقيد «النذير محمد المصطفى» قائد الاستخبارات لقوات الدعم السريع.
قادة القوات تبدو على ملامحهم الصرامة، وبدا ذلك أكثر وضوحاً من كلمات اللواء «عباس» التي ابتدر بها تحيته للحاضرين عند دخوله قاعة التنوير الإعلامي، حيث خاطب الصحفيين والصحفيات بقوله: (إزيكم يا رجال).. تلك العبارة مردها الى طبيعة المرؤوسين الذين يقودهم.
خلفيات الصراع ودواعي تكوين القوات!!
اللواء «عباس» قبل أن يدخل في تفصيل عمل قواته طاف على تطور الجيوش ونشأة الجيش السوداني ومراحل تطوره، وتأثير الاستعمار في بذر الفتنة بين أبناء الوطني ومكوناته الاجتماعية عند إصراره على تسمية وحدات الجيس بأسماء القبائل مثل وحدة العرب الشرقية والغربية.
وذهب اللواء «عباس» في حديثه إلى وجود ضرورات فرضت على القيادة السياسية والعسكرية تشكيل قوات الدعم السريع، ومن بين تلك الضرورات اتساع دائرة الصراع بعد انفصال جنوب السودان ليشمل مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وقال إن الدولة مواجهة بعدوان من التمرد يخطط لإسقاط عواصم تلك الولايات ومن ثم الانتقال إلى المركز بالخرطوم، مبينا أن ذلك العمل يهدف إلى انتقاص هيبة الدولة وصولاً إلى العجز والضعف في أجهزتها من خلال استهداف المواطنين والقرى على أسس عرقية وإشاعة عدم الاطمئنان والفوضى في معظم المدن الكبيرة في دارفور، وتدمير البنيات التحتية.
وقال اللواء «عباس» إن خيارات القيادة السياسية والعسكرية قدرت تشكيل قوات الدعم السريع في الأول من يوليو في (6) معسكرات تضم المتطوعين من السودان كافة لاحتواء تلك المهددات دون أن تكون حكراً على جهة معينة. وأضاف (شكلت القوات من معاشيي القوات المسلحة القادرين ومن أفراد الشعب السوداني، ومنحت القوات تفويض استخدام كل وسائل القوة وفقا للقانون). وقال إن القوات تم رفدها بكل العناصر المتخصصة في التدريب والتدريب القتالي من القوات المسلحة. وأضاف (كذلك تم تدريب عناصر هذه القوات لمعرفة معاهدات جنيف الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق المدنيين في الحرب، ووصايا الرسول صلى الله عليه وسلم العشر)، مشيراً إلى أن عناصرها اتسمت بالجرأة والشجاعة في مواجهة الأعداء بعد تجهيزها بقدرات قتالية كبيرة وعالية تفوق قدرات الحركات المسلحة. وقال إن فكرة القوات غير جديدة فقد كانت موجودة في العهد الديمقراطي الأخير إبان حكومة السيد «الصادق المهدي» في العام 1987م وتعمل في جنوب السودان باسم قوات السلام. وبحسب اللواء «عباس» فإن تلك القوات في ذلك الوقت اعتبرت مليشيات رغم تبعيتها للقوات المسلحة وعملها تحت إمرتها، وأضاف (وقد تحولت ذات القوات في عهد الإنقاذ الى الدفاع الشعبي الحالي).
مجال تغطية وعمل قوات الدعم السريع!!
وقال اللواء «عباس» إن عمل القوات يشمل كل أرض السودان، وحيث ما وجد تهديد توجه إلى مكانه وأن عملها غير محصور في منطقة معينة. وقال إن تلك القوات تتبع للقوات المسلحة وفقاً لخطط رئاسة الأركان برية في الخطط والعمليات القتالية بينما تتبع إدارياً وفنياً إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني، مبيناً أنه تم إسنادها بوحدات دعم تشمل كتيبة دبابات وسرية هندسية، و(م.ط) وكتيبة مدفعية، إلى جانب تشكيل قيادة متقدمة يرأسها الفريق ركن «أحمد علي عثمان» من القوات المسلحة وتضم اللواء «هاشم عبد المطلب» قائد قوات المدرعات.
وقال اللواء «عباس» إن تحرك القوات بدء بعد تجهيزها تحركت الى مناطق جنوب كردفان، وأضاف (كان هناك تهديد ماثل للأبيض لدرجة أن فكر الناس في حفر خندق حول المدينة، إلى جانب تهديد الدلنج وكادقلي وأبوزبد وكل المدن». وقال إن مجال تكليف قواته كان في الجبال الشرقية بجنوب كردفان، مبيناً أن موقف عمليات الجبهة الثورية واحتلالها لمنطقة الدبيبات ونشاطها في الدلنج والمجلد وقطعها لحركة التجارة والطرق أدى إلى تكليف قواته للتدخل في تلك المناطق. وأضاف: (كلفنا وفتحنا الحركة في سويعات، ودخلوا أبوزبد ووصلناها الثانية صباحاً وكنا على بعد أكثر من (180) كيلو متر). وقال اللواء «العباس» إن قواته كبدت التمرد في تلك المناطق خسائر فادحة حيث دمرت أكثر من (15) عربة وقتل (65)، مبيناً أن قواته لم تترك العدو يحقق أهدافه المتمثلة في نهب الأسواق والوقود. وقال إنهم تابعوا مسيرتهم في القتال في مناطق شنقل والواليات وكجورية والكارجو، وأن العدو انسحب واستمرت المعارك معه وفقد فيها الكثير من عرباته وتسليحه وقدراته. وأضاف (استلمنا كم وثلاثين عربة ودمرنا (26) عربة والكثير من القتلى والأسرى). وقال إنهم بعد ذلك تحركوا إلى كجورية وإلى منطقة كيلك الخيل والى أنقولا وطروجي والدار التي دارت فيها معارك حاسمة مع حركة العدل والمساواة والحركة الشعبية. وأضاف (رغم وعورة المنطقة ولكن تم تدميرهم تدميرا كاملاً ولم تخرج منهم إلا (34) عربة وبعدها ذهبوا الى الجنوب كمرتزقة).
الاعتراف بأخطاء الأفراد والالتزام بالمحاسبة!!
وربما لأن تلك القوات واجهت هجوماً شديداً واتهامات متعددة من جهات داخلية وخارجية فإن اللواء «العباس» اتجه مباشرة للحديث عن ذلك وبدء حديثه بتلاوة ايات من القرآن الكريم وقال فيها: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء). وأردف ذلك بالقول: (نحن لسنا ملائكة.. نحن بشر ومعرضون لأن نخطئ). وقال إنه في إطار ذلك وقعت بعض الأحداث من منسوبي قوات الدعم السريع، ولكنها حسب حديثه تمثل أحداثاً فردية كجريمة قتل. وأكد القبض على الجاني وتقديمه للمحاكمة الميدانية. وقال إن تصوير تلك القضايا كأنما تعمل تلك القوات في جريمة منظمة وأكد عدم صحة ذلك، وقال إن كثيرين ركبوا موجة المعارضة. وأضاف (ما قدمه هؤلاء الرجال للوطن كبير.. لكن ظلمنا ظلم شديد ووصفنا بعبارات نابية وأننا جنجويد وخلافه). وقال إن قواته فيها من يحفظ القرآن الكريم بثلاث روايات.
التحرك من جنوب كردفان إلى دارفور!!
وقال اللواء «العباس» إن القوات بعد أن أكملت مهامها في جنوب كردفان قطعت مسافة (1650) كيلو متر مسافة تحرك من الأبيض مروراً بالخوي والنهود وغبيش. وقال إن الاستقبال الذي وجدته القوات من المواطنين غطى على ما علق بسبب بعض ما نقله الإعلام من مصادر مغروضة. وقال إنهم خلال المسيرة القاصدة إلى دارفور استقبلوا استقبال الفاتحين. وأضاف (شيخ بانقا أهدى لنا (10) نياق في كردفان هذا غير إكرام المواطنين لنا).
وأكد اللواء «العباس» أن قواته قامت بادوار اجتماعية حيث إنها قامت بإصلاح بعض دوانكي المياه المعطلة ودعمها بالوقود، وذلك خلال تحرك القوات في طريقها إلى دارفور ضمن خطة الصيف الحاسم. وقال إنه بعد وصولهم إلى نيالا تم تشكيل قيادة متقدمة تضم مدير العمليات وقادة الفرق (6)، و(20)، و (16) بجانب تشكيل قوات لتقوم بمهام في منطقة أم قونجة التي تبعد عن نيالا 30 كيلو متر وتعتبرها الحركات منطقة محررة. وأضاف (يباع فيها رطل السكر بخمسمائة جنيه بينما سعره في الخرطوم ثلاثة جنيهات، ورخيص لأنه منهوب). وقال إن الحركات نهبت أكثر من (300) عربة من غرفة النقل. وأشار إلى دفع فدية للإفراج عن (280) عربة ووصلت قيمة فدية العربة لأكثر من (30%) من قيمتها.
وقال إن حركة «مناوي» لم تستطع مواجهة قواته في أم قونجة ما دفعها الى التضخيم والهرب دون أن تقاتل إلى مناطق اللعيت وحسكنيتة والطويشة وفعلت ما فعلت هناك. وقال إنهم خلال عملياتهم قصدوا تدمير العدو بعد استدراج العدو إلى منطقة فنقة في شرق الجبل ما أدى إلى قتل الكثير من قادتها وقواتها وانفصالها إلى مجموعتين إحداهما دخلت إلى الجبل والأخرى اتجهت شمالاً، وقال إنهم انتهجوا طرقاً جعلتهم يصلون إلى الحركات في منطقة البعاشيم حيث دارت معركة حاسمة وفاصلة دمرت فيها كل القوة الموجودة من الحركات وهروب بعضهم وترك (22) عربة فيها ثنائي ورباعي، وخلفت (75) قتيلاً من بينهم (6) قادة وأسر (13) عسكرياً من الحركات قال إنهم موجودون بطرف الحكومة. وقال إن الانتهاكات التي قامت بها الحركات نسبت إلى قوات الدعم السريع. وقال إن منطلقاتهم إسلامية وأنهم لا يقبلون بالمشين. وأضاف: (حرقوا ونهبوا وقتلوا وأجرموا ودمروا مصادر المياه والطاقة وقاموا باغتصاب النساء).
العميد «حميدتي» ونيران الهجوم!!
ابتدر حديثه غاضباً وقال إنه من يعرف (ناس الحركات المسلحة) وعمل معهم من العام 1991م، وقال إنهم لا يتعدون الثلاث قبائل في دارفور. وقال إن عملهم بدأ من مدينة الكفرة بليبيا، وأن كل العربات التي دخلت منذ العام 1991 وحتى 2003م كانت مسروقة. وشن «حميدتي» هجوماً عنيفاً على رئيس حزب الأمة القومي الإمام «الصادق المهدي» وتساءل: (عندما حرقت الحركات الطويشة واللعيت أين كان «الصادق المهدي»؟ ألم يسمع؟.. هل كان أخرساً؟، وقال «حميدتي» إن «المهدي» لا علاقة له بالمواطن أو خلافه وأنه ساع لتلك الأجندة، وزاد بالقول: (نحن غلطانين كان نخليهم يجوكم هنا في الخرطوم عشان تعرفوا حاجة).
وقال إنهم على حق وأنهم لم يشاهدوا أي مواطن في جنوب كردفان سوى امرأة واحدة وأنهم كانوا يجدون المقاتلين ويقاتلونهم. وأضاف (نحن لم نجد مواطنين أصلا عشان بن شمباز أو الشيطان الرجيم يقول هذا). وأكد أنهم عالجوا الأسرى من الحركات وسلموهم للسلطات. وأكد أن أغلبية قوات الدعم السريع من دارفور ومن قبائل عربية في دارفور، وقال: (الكلام دا كان تريدوه أو تابوه.. كان تتجندو انتو وتقاتلو وأن بعضهم أخذ أذونات وسافروا لأهلهم). وأكد التزامهم بالقانون والدستور مثلهم مثل أي قوات نظامية في البلد. وأكد أنهم أفرجوا عن كل من لم يثبت لهم صلته بالحركات وأبقوا على عناصر المتمردين فقط كأسرى. وقال إن الكلام الذي يتردد عن قوات الدعم السريع كله كذب وأن (العصر) هو الذي أتى بذلك الكلام. وقال إنهم لن يتأثروا بما ينقله الإعلام، وتساءل: (المرتزقة من يقاتل في دارفور أم الذي يقاتل في بانتيو؟). وأكد عدم وجود أجنبي واحد ضمن قوات الدعم السريع. وأضاف: (نحن ماشين ولن نقف والتفلتات في دارفور ستقف والنهب سيقف)، وأكد أنهم منذ (5) سنوات يعملون في الطوف .