الديوان

(حجة أحمد).. خبرة عشرين عاماً في صناعة العطور البلدية

الاتجار في العطور مهنة تمناها شاعر أغنية (عايز أكون تاجر عطور.. أسرح وأدور بين الحسان).. التي تغنى بها الفنان القدير “صلاح بن البادية”، وفي الواقع امتهنها الكثير من الرجال والنساء من بينهم الخالة “حجة أحمد مضوي” التي وجدناها بالصدفة تجلس في أحد أزقة (سوق أم درمان) تضوع من مكانها روائح مختلطة تملاً الشوارع تنفح المارة عطوراً تُحدث أثراً طيباً في النفوس.. وليس هذا وحده ما خرجت من أجله الخالة “حجة”، بل ضغوط الحياة وصعوبة جلب الرزق كانت سبباً لنثر حبيبات عطرها بين الناس، لتصبح كـ(شجرة الصندل تعطر فأساً قاطعها)، لذلك دخلنا معها في دردشة برائحة (العطور البلدية)
“بخة” أولى
في بداية الدردشة عرفتنا بنفسها: أنا من منطقة “تندلتي” بالنيل الأبيض.. بدأت العمل ببيع الشاي أعاون زوجي في إعالة الأسرة، فهو (عامل بناء بسيط) ولكنه لم يغطِ المنصرفات، لذلك توجهت إلى صناعة (العطور البلدية)، وها أنا صامدة في السوق ما يقارب العشرين عاماً، سنة تتلو أخرى (وقدر ما تعمل تلقى نفسك في مكان واحد).. آتي منذ الصباح الباكر وحتى المغيب.. أقوم بإدارة الشؤون الخارجية بالمنزل وبناتي مهمتهن الإدارة الداخلية.. زبائني يتساوى الرجال والنساء، فالكل يقبل على شراء العطور خصوصاً في فصل الشتاء، ويندرون في أوائل شهر رمضان، ثم يعاودون في أواخر الشهر المعظم والأعياد.
ثلاثة قدور ريحة نية
هكذا غنى المغني.. وهذا ما سعت إليه الخالة (حجة) عبر أبخرة عطورها المختلطة بـ”المسبكة” التي أطاحت برؤوس مستنشقيها وقادتنا لنسأل عن سر الألوان الذهبية البراقة، فتحدثت عن صناعتها لـ(خُمرة الضُفرة، الصندل، المسك البخور، الدلكة، دلكة البنات وبخور الصندل، دلكة المحلب وخُمرة الزيت). ربما تكون طريقة الإعداد واحدة، لكنها تضفي عليها بصمتها الواضحة.. مما جعل الجميع يقتطعون حديثنا سائلين عن حاجياتها مع كل دقيقة تارةً نساء مغطيات الأوجه (مبلمات) يبدو أن في وسطهن (عروس) خرجت لتتزود ببعض الحوائج. وبعض الصبايا يتساءلن من البعد على استحياء.. ورجل أتى وسط تشجيع أصدقائه متزوداً لسفرية عاجلة.
أسماء وهمية
وعندما سألناها عن المسميات، أجابت الخالة “حجة” أن تسمية العطور هذه عبارة عن أسماء وهمية يعني مثلاً يقولوا ليك الريحة دي أسمها “جلاكسي” وحتى الألوان وهمية مثلاً (مالو ده أحمر كدة)؟ وهي غالباً يتم تلوينها بألوان الخبائز، ولكن في النهاية ياها ذاتا الريحة بي نفس المواد.
آخر القارورة
وفي الآخر حكت عن المشاكل التي تواجهها رغم عطرها الذي يضوع على الطريق، أنها تشكو مر الشكوى من ناس المحلية الذين يعبرون الطريق مسرعين ويقوموا بقطع (شوالات الخيش) التي تقيهم شمس الصيف (وما تنسي كمان جايي علينا رمضان على الأبواب)، إضافة إلى شكوتها من شراء المواد التي أصبحت غالية جداَ، على سبيل المثال (الطلح) القنطار بنشتريه من (زرائب العباسية) بـ(250) والترحيل بـ(80) جنيهاً، أرجو من السلطات إعطائنا أكشاك في أي مكان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية