الديوان

الأصوات الغنائية الشبابية.. (جعجعة) الأصوات و(طحين) التأثير

سادت حالة من الفوضى بتعدد الأصوات الغنائية التي تفتقر أكثرها لأبسط مقومات الوجود الفني، وباتت الساحة الفنية مؤخراً تعاني من زحام عدد كبير من الأصوات الغنائية التي ساعدت الوسائط المتعددة والوسائل الإعلامية على وجودها وانتشارها لتطرح تساؤلات عدة عن إمكانية قدرة هذه الأصوات على رسم تاريخ فني خاص يضع نصب أعينه ما حققته فترة (الحقيبة) وما تلاها من ازدهار فني أنتج عدداً من الأعمال الفنية الخالدة، هذه التساؤلات ربما يجيب عليها حال الساحة الفنية الآن التي تضج بالكثير من الأصوات التي تظهر بشكل شبه يومي دون أن تقدم الإضافة المطلوبة للمشهد الفني عموماً، (المجهر) لفتت إلى ظاهرة تناسل تلك الأصوات الغنائية وتكاثرها، ورمت حزمة اتهامات أمام عدد من الفنانين والمهتمين وخرجت منهم بإفادات جريئة.
(فورة لبن)..
بدأ الفنان «صلاح بن البادية» حديثه لـ(المجهر) بغضب شديد عن الظاهرة قاطعاً باستحالة محاربتها، وأردف ساخراً: المسألة بقت مسألة سوق البعرف يغني والما بعرف موجود الآن)، وأضاف: محاربة هذه الظاهرة صعبة جداً وتعتمد على نوع العمل الفني الذي يقدمه هؤلاء الشباب، وتابع: القصة كلها والحد من الظاهرة تستند على الجمهور، فهو المعني بقبول الصوت أو رفضه، مشيراً إلى أن هذه الأصوات الدخيلة تشبه (فورة اللبن) التي سرعان ما تخبو مع مرور الزمن.
من جهته أقر الموسيقار «د. الماحي سليمان» لـ(المجهر) بأن الظاهرة موجودة وساهمت في نشر كثير من الأصوات بصورة مقلقة جداً، متفقاً مع رأي «بن البادية» بأن الجمهور هو الحكم الفيصل، مشيراً إلى أن المسألة ليست فيها تجاوزات أو مثار اتهام للاتحاد القائم على أمر الفنانين والموسيقيين بقدر ما فيها اتهام ضمني على الجمهور المتقبل لهذه الأصوات، هل قدمت ما يشفع لها وهل لها جديد يحمد لها؟.
آراء متباينة
وذات الأمر مضت فيه المطربة الجماهيرية «ندى القلعة» التي اعتبرت أن الجمهور هو الحل الناجع لمحاربة مثل هذه الظواهر، مشيرة إلى أن الصالح يبقى في الوسط ومن يجتهد يجد حظه، لافتة إلى أن كثرة الأصوات لا تمثل ظاهرة سالبة بقدر ما أنها تحتاج إلى تنقية، ومن ثم ترك الحكم النهائي للجمهور ليختار.
وعلى عكس سابقيه ذهب الفنان «شرحبيل أحمد» إلى اتجاه مغاير، مبيناً أن الزحام وكثرة الأصوات في الوسط الفني بمثابة دليل عافية على التجدد وظاهرة ايجابية، مشيراً إلى أن مع هذا الزحام توجد أصوات شبابية جميلة جداً تستحق التقدير والوقوف خلفها ومؤازرتها دون (التشنيف) في حقهم، وأردف قائلاً بأن الاتحاد غير معني بمسألة الزحام، الاتحاد جهة تجيز التراخيص وفقاً لإجازة الأصوات الغنائية وذلك من مبدأ تنقية الأصوات الفنية واستخلاص الشوائب منها، وأشار إلى أن الحل يكمن في الشباب والإتيان بالخاص بهم بعيداً عن التغني بأعمال الغير التي تعتبر من الظواهر السلبية المأخوذة عليهم.
(البلد كلها عايزة تغني)
الفنان «مجذوب أونسة» عبَّر عن امتعاضه مما يحدث في الوسط الفني، وأجاب بأن ما يحدث يدعو للاستغراب حد الدهشة، زحام فني كبير دون جدوى تذكر أو أعمال فنية قيمة تقدم للمستمع السوداني (المظلوم) بقوة من الزحام،
مؤكداً على ضرورة إيجاد حلول لما يحدث الآن من زحام، ساخراً من الأمر برمته بقوله: (ما معقول البلد كلها عايزة تغني كل يوم فنانين جدد).
زحام طبيعي
إلا أن الشاعر «أزهري محمد علي» وصف الظاهرة في حديثه لـ(المجهر) بأنها تعتبر انتعاشاً للفنون، ويمكن أن تخلق التنوع الفني خاصة في ظل وجود الكثير من العوامل التي تؤدي إلى نشر الأعمال الفنية مثل الوسائط المتعددة والإعلام وغيرها، مشيراً إلى أن الزحام طبيعي جداً مع التوسع التكنولوجي في مجال الفن والموسيقى، وأضاف بأن الوسط الفني يستوعب هذه الكثافة وفق أعمالهم، وهل هنالك مؤسسية تقدم وأعمال جادة تساهم في الحراك الثقافي الفني؟
وأكد صاحب (وضاحة) أن الزحام غير مزعج إطلاقاً بالنسبة له لأنه يخلق التنافس، ومن ثم هنالك (غربلة) تبقي الصالح فنياً في الوسط دون غيره وهي مسألة طبيعية جداً.
وختم حديثه بأنه يعرف مجموعة من الشباب الفنانين ممتازين جداً يمارسون العمل الفني وفق خارطة احترافية طويلة الأمد.
ومن جانبه عبر الفنان «محمد ميرغني» عن سخطه الكبير مما يحدث مما وصفها بالفوضى في الوسط الفني والزحام غير المبرر، وفي إفادة مختصرة ومقتضبة قال ساخراً: (البلد كلها بقت جايطة.. ونحن نتفرج بس ونشوف نهاية الزحمة دي شنو؟).
أسف شبابي..
من جهته عبر الفنان الشاب «شريف الفحيل» عن أسفه للهجوم الذي يتعرض له الشباب، مؤكداً بأنه يجب على الفنانين الكبار أن يساندوا الشباب دون أن ينتقصوا من حقوقهم، منوهاً إلى أنه مع اتساع رقعة التطور والعولمة والوسائط المتعددة، فليست هنالك مشكلة أو إزعاج من الكثافة، مؤكداً بأن عقلية الفنان هي من تقرر مستقبله الفني، مناشداً الفنانين الشباب بالتركيز والإتيان بأعمال خاصة بهم دون الاكتراث للنقد، وأن يفكروا بطريقة احترافية طويلة الأمد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية