هيا بنا نلعب..!
هيا بنا نلعب.. هيا بنا نلعب.. هيا بنا نلعب بتاع برنامج الأطفال.. ويواصل “سرحان عبد البصير” شرح وظيفته ومهنته في هذه الحياة لجهات التحقيق التي تريد أن تجعله “شاهد شاف كل حاجة” في حين أنه- وحسب إفادته “شاهد ما شافش حاجة خالص”..!
“عادل إمام” أو “سرحان عبد البصير” في المسرحية أو الأرنب “سفروت” في برنامج الأطفال الذي يقدمه أيضاً داخل هذه المسرحية اكتشف أن سعادة المقدم “أحمد عبد السلام” يشاهد مع أبنائه الصغار برنامج الأطفال الذي يقدمه “سفروت” وأنه يحفظ عن ظهر قلب كل فقراته و ألعابه و أغانيه و هذا ما جعله في لحظة انتشاء طفولية ينسى نفسه و يردد في أحد المشاهد مع “سفروت”: “أنا ناجح في الابتدائية.. ابتدائية دي إيه يا أختي.. عقبال الثانوية.. الخ”.
حين اكتشف أن هذا الغناء والرقص الذي مارسه مع “سرحان عبد البصير” الذي هو رهن التحقيق لا يتناسب مع منصبه ووقاره يعود مرة أخرى وبوجه عابس وصوت غليظ وهندام مشدود ليصحح صورته التي اهتزت وانحرفت عن المعايير والضوابط.
“سرحان عبد البصير” الذي أرعبته فصول “المحاكمة” استطاع أن يُحدث اختراقات عديدة بين أفرادها المتجهمين والغلاظ.. جعلهم جميعاً يخرجون عن وقارهم المفتعل فمارسوا بصوت عالٍ الضحك والقهقهة والرقص.. بل وإطلاق بعض العبارات السوقية.. عادوا بشراً وليسوا أنصاف آلهة.. لكنهم سرعان ما كانوا يكتشفون هذا الفخ فيعودون مرة أخرى إلى قساوتهم وصرامتهم معه..!
ثمة مهن ووظائف ومهام في هذه الحياة تتطلب جدية وصرامة زائدة وربما بعض القسوة واللؤم.. وهناك من يجيدون فن الالتزام بهذا “الكركتار” أو الشخصية لأنها قريبة أصلاً من طبعهم، ولكن الذين لا تشبه شخصيتهم هذه النوعية من المهن و الوظائف و المواقف سرعان ما ينكشفون فيتغلب الإنسان الفطري و البسيط في داخلهم على “الكاريزما” المصنوعة وعلى نحو يفضي إلى فضح هشاشتهم وضعفهم وبما يجعل الآخرين يسخرون منهم أو يشمتون عليهم..!
لماذا لا يكون الناس كما هم.. بسجيتهم و حقيقتهم.. و يتركون ارتداء الأقنعة الثقيلة التي لا تحتملها وجوههم؟! ولماذا يرتضون أصلاً القيام بأدوار أو تقلد مناصب لا تليق بهم ولا تتناسب مع شخصياتهم و طبائعهم.. أليس من الأفضل أن يمارسوا “أوتكيت” الوظيفة أو المسؤولية دون مبالغات زائدة أو كما يقولون “تركيب مكنات” لا يصدقها من حولهم و لا هم أنفسهم؟! و أليس من الأجدر بهم أن يغيّروا من تلك “الصور النمطية” التي ظلّت ترتبط ببعض الوظائف والمهن كما ظلت تعكسها لنا دائماً الدراما على شاشات التلفزة والسينما، وبدلاً من جعلها مرتبطة بالصرامة والحدة والقسوة إرجاعها إلى حجمها الإنساني الطبيعي و التلقائي فتجد “الاحترام” بدلاً من “الخوف” الذي لا يعني الحب على الإطلاق و لا يعني أيضاً الالتزام بالأوامر!!
علينا مراجعة أنفسنا كثيراً.. حيث المؤكد أن بيننا في هذه الدنيا أكثر من “سفروت” و”سرحان عبد البصير” والمقدم أحمد عبد السلام!