رأي

نحن وأمريكا

يحتار الناس في السبب الذي من أجله تعادي أمريكا هذا النظام هذا العداء الشديد والذي يتضاعف بمرور الأيام وتزيد ناره اشتعالاً في كل صباح، وبصراحة نحن في حيرة من هذا الأمر هل هذا النظام متشدد أكثر من النظام السعودي، فنحن لا نجد أي تبرير منطقي سوى الصورة التي وصفوها في خيالهم له من أنه نظام طالباني متشدد لا يسمح للنساء بالتجول دون تغطية وجوههن ولبس (العباءة) وهذه الصورة انطبعت في الأذهان ولا ترغب أمريكا في تغييرها مهما فعل هذا النظام.
ولا نقول إن هذا النظام لم يبذل جهداً في تغيير الصورة لقد بذل جهوداً قليلة. ومن تلك الجهود أنه أعد لرحلة تقوم بها الإعلامية “ليلى المغربي”.. تطوف فيها بأمريكا لتقنع الناس أن هذا النظام ليس مثل طالبان، وأنه بعيد كل البعد عن التشدد ونحن نرى أن حياتنا بعد مجئ هذا النظام لم تتغير عن التي كانت قبله. فلا زالت الفنانات يتغنين في الحفلات بل زاد عددهن ثلاث أو أربع مرات ولم تسجل يومية الحوادث اعتداء لأي متطرف على أي فنانة.. ولازالت العروس ترقص في حفل زواجها أمام المدعوات. ومازال الفنانون يقيمون حفلاًتهم ولم يحدث أي تغيير في هذا الأمر ولو بدرجة بسيطة. ولا نعرف من أين جاءت أمريكا بهذا التشدد والتنطع؟ ولماذا شبهت أمريكا هذا النظام بالنظام الطالباني؟
في رأيي أن أمريكا كانت تبحث عن كبش فداء تخيف به بقية الدول الإسلامية وتجعله عبرة وعظة للدول الإسلامية وفي هذه الفترة جاء هذا النظام فكانت أفضل فرصة وهي لا تضيع فرصة أبداً. لأن لديها للأسف آلاف العملاء من السودانيين على استعداد لتقديم خدماتهم وشهاداتهم الكاذبة مقابل المال.. وأصبح هؤلاء الآخرون يزيدون النار اشتعالاً كلما أوشكت على الانطفاء. ويتباكون على الحريات فكانوا بهذا هم الشاهد من أهلها وأمريكا تبحث عن هؤلاء هذه الأيام. وأصبحت صورة هذا النظام لا تتغير مهما كان وأصبح عملاؤها في السودان ينقلون لهم الأخبار عن التشدد والتنطع ولا ينقلون لهم الصورة الحقيقية التي نراها كل يوم.
هذا الأمر قد بدأ منذ عشرين عاماً أيام حرب الجنوب فقد أخذوا صور المجاهدين في أرض المعارك وهم يرددون الأناشيد الحماسية. فاتخذوها كدليل على تطرف هذا النظام مع أن الحياة في المدن كانت تمضي عادية دون أي شيء لكن عملاءهم يقولون إن الحياة تغيرت وأن الناس يجبرون على الصلاة وأن الناس يجلدون في الشوارع. وهذا أمر لم يحدث مطلقاً ولكن.. الحكاية أصبحت مجرد (أكل عيش) فما إن تدلي بهذه القصص الملفقة حتى يصبح لك مرتبٌ ثانٍ لدى المخابرات الأمريكية وما إن تقبض هذا المرتب حتى تصبح أسيراً له.. والأمريكان يعرفون كيف يتعاملون مع العملاء.
الآن وبرغم كل الجهود التي يبذلها هذا النظام.. أمريكا لا تغير رأيها مهما كان فهي باقية على موقف واحد فقط وهي أن هذا النظام طالباني، حتى ولو وافقنا على فصل الجنوب. حتى ولو كانت الكنائس تحتل أجمل الشوارع في الخرطوم. فلابد أن تستمر صورة النظام المتطرف في الأذهان لأنها تخدم غرضاً. ولا أجعل هذا النظام بعيد عن النقد لأنه لم يبذل أي جهد لتحسين الصورة. ولا يستعين بشخصيات معتدلة في وزارة الخارجية لتغيير الصورة والمناصب كلها تدور بين مجموعة من الشخصيات كل مؤهلاتها أنها منظمة في الحركة الإسلامية منذ المرحلة المتوسطة وليس لديها أي مؤهلات أخرى فهم ليس لهم أي علاقات خارجية ولا خبرات بالمشاكل الدولية ولا يجيدون سوى (التكشيرة) الدائمة ولا يلتقط لهم صورة بابتسامة أبداً. باختصار ليس هناك جهد مبذول لتحسين الصورة. وحتى الآن كل مؤهلاتهم هي أنهم تصادف وجودهم في الحركة الإسلامية يوم الانقلاب ولا يعرف أحد هل هم إسلاميون حقيقيون أم لا حتى مؤسسة “كارتر” رغم أنها توصلت لأن النظام ليس متطرفاً إلا أنها لم تجرؤ على نشر ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية