تقارير

فجوة غذائية في «شعيرية» وشرق دارفور حالها أسوأ من جنوبها

شرق دارفور لم تحصل على أكثر من (1000) جوال من المركز وانخفاض بأسعار الحبوب في «نيالا»
(الجوع كافر) هكذا يسود المفهوم لدى إنسان دارفور الذي بدأ القلق يدب في أوصاله من شبح تكرار المجاعة التي عاشها الإقليم في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، تلك المجاعة التي اضطرت المواطنين إلى حفر بيوت النمل للحصول منها على ما يختزنه من قوت. وبالأمس تفاجأ المجتمع السوداني بعناوين الصحف تحمل خبراً مفاده أن أهل محلية (شعيرية) المشهورة بالإنتاج الزراعي الوفير، يضطرون للجوء إلى خبرات بعض الذين عايشوا مجاعة الثمانينيات، فحفروا بيوت النمل للحصول على حبيبات يطعمون بها أطفالهم الذين مزق الجوع أحشاءهم، فالأزمة التي ضربت الإقليم منذ أكثر من عشر سنوات أرهقت كاهل المواطن وأذاقته مر المعاناة وجعلته في أدنى مراتب الفقر، مما جعله لا يستطيع أن يصمد في وجه المجاعة يومين، لأنه لا يمتلك قوته. وأكدت حكومة شرق دارفور أن الولاية تعيش ظروفاً معيشية قاسية تتطلب التدخل العاجل من قبل الحكومة المركزية، لتفادي كوارث إنسانية يمكن أن تحدثها الفجوة الغذائية الكبيرة التي تعيشها الولاية والتي قدرت بـ(175) ألف طن متري، بحسب مفوض العون الإنساني بالولاية «محمد برشم» والذي لم يستبعد في حديثه لـ(المجهر) ما أوردته الصحف عن معاناة مواطني محلية شعيرية. وأشار إلى أن أبرز أسباب المجاعة- التي سيضطرون للإعلان عنها- أن الصراع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا تسبب في أن بعض المواطنين من الطرفين ودونهم، لم يتمكنوا من الزراعة ومن زرع منهم لم يحصد ما زرعه، كما أن فصل الخريف خرج مبكراً مما أدى إلى جفاف بعض المزارع قبل أن تنضج بالإضافة إلى أن كميات كبيرة من الحبوب تم تهريبها من الولاية خلال الفترة الماضية إلى دولة جنوب السودان، لجهة أن أسعارها كانت مرتفعة جداً هناك. ولفت برشم إلى أنهم في الولاية رفعوا تقاريرهم عن حقيقة الوضع إلى الحكومة المركزية منذ فترة، لكنهم لم يحصلوا إلا على (1000) جوال من المخزون الإستراتيجي تم توزيعها من قبل والي الولاية على محليات الولاية بناءً على تقديراته- على حد قوله. وناشد «برشم» المنظمات الإنسانية الوطنية والأممية بالمساهمة مع حكومة الولاية لتجاوز هذه المرحلة. وأبان أن مفوضيته أجرت دراسة اجتماعية بالولاية بالتنسيق مع بعض المنظمات، اتضح من خلالها أنه ليس هناك مخزون من المواد الغذائية لا على المستوى الفردي أو الجماعي للمواطنين، بجانب أن ما يمتلكه المواطن من ممتلكات لا تمكنه من الحصول على ما يعيش به من مواد غذائية، علاوة على أن هناك معادلة طردية ما بين الندرة في الحبوب الغذائية وأسعار المواشي، فكلما قلت المواد الغذائية في المنطقة كلما انخفضت أسعار المواشي. وهذا ما يؤدي إلى تعقيد الأمر أكثر- بحسب «برشم».
وفي جنوب دارفور قدرت حكومة الولاية الفجوة الغذائية بـ(228) ألف طن متري، وكشفت جولة قام بها وزير المالية جنوب دارفور دكتور «آدم» على عدد من محليات الولاية عن شح في المواد الغذائية. وقال الوزير في حديثه لـ(المجهر) إن شكاوى مواطني المحليات أغلبها تركز على شح المواد الغذائية وتسريع إيصالها لهم من المخزون الإستراتيجي قبل فصل الخريف الذي بدأت بشرياته ببعض المحليات، الأمر الذي قد يعيق الوصول إلى تلك المحليات. وأشار الوزير إلى أن الولاية تعيش في غلاء فاحش في أسعار الحبوب الغذائية. وأبان أن ولايته تقدمت بطلب إلى وزارة المالية الاتحادية في عهد الوزير السابق «علي محمود»، وصادق على منح الولاية (100) ألف طن متري من الحبوب من هيئة المخزون الإستراتيجي. وبذلت الولاية جهوداً كبيرة في ترحيل تلك الكميات إلى مدينة «نيالا»، لكنه أشار إلى أنه أثناء عمليات الترحيل تم نقل تبعية هيئة المخزون الإستراتيجي للبنك الزراعي. ونوه إلى أن هذا الأمر سحب من حكومة الولاية إمكانية التصرف في الكميات الموجودة في المخازن بمدينة «نيالا» والتي تبقت منها (90) ألف طن، بعد أن منحت ولاية وسط دارفور (10) ألف طن متري منها. وأبان أن هناك تعقيدات وبيروقراطية من قبل وزارة المالية الاتحادية في توزيع هذه الكميات الموجودة بـ»نيالا» الآن. وأضاف (أصبحنا لا نستطيع توزيع جوال واحد إلا بتصديق من وزارة المالية الاتحادية في ظل تزايد الطلبات من المحليات). وقال نحن في جنوب دارفور أحسن حالاً من شرق دارفور، وإن كان بأيدينا توزيع أي كمية من المخزون الإستراتيجي لأنقذنا بها مواطني بعض محليات شرق دارفور.
في الأثناء طالب مجلس تشريعي جنوب دارفور حكومة الولاية بضرورة الإسراع في سد هذه الفجوة الغذائية التي تعاني منها الولاية. ووصف رئيس لجنة الشؤون الهندسية والزراعية دكتور «محمد الأمين أبوجا» حجم الفجوة الغذائية بالأمر الخطير والمزعج، ويحتاج إلى التدخل السريع من قبل حكومة الولاية، وإلا سيعاني مواطن الولاية خلال الفترة المقبلة.
وكشفت جولة (المجهر) على سوق العيش بسوق نيالا الكبير عن انخفاض طفيف في أسعار الحبوب خلال الأيام الفائتة، حيث أوضح تاجر العيش «محمد آدم عباس» أن سعر جوال الدخن بلغ (540) جنيه وانخفض إلى (480) جنيهاً، بينما تراوحت أسعار الذرة بين (400 – 300) جنيه وجوال العدسية بـ(550) جنيهاً، أما القمح الأبيض فهو الآخر استقر سعره في (550) جنيهاً. وأشار إلى أن الانخفاض الطفيف الذي طرأ على أسعار الحبوب جاء بسبب توقف تهريبها إلى دولة جنوب السودان. فيما تفاوتت أسعار الحبوب الغذائية بأسواق محليات الولاية حيث تراوح سعر جوال الدخن بين (530 – 510) والذرة (450 – 400) جنيه، وسجلت جركانة الزيت ببعض المحليات (330) جنيهاً، وقنطار الفول الخام (210) جنيهات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية