حوارات

(المجهر) في أول حوار مع أسطورة الكرة ولاعب الهلال الدولي "عز الدين الدحيش"

لاعب الهلال والفريق القومي السوداني أسطورة الملاعب السودانية، اللاعب “عز الدين أحمد سليمان” الملقب بـ(عز الدين الدحيش)، يمتاز بالهدوء والتواضع، أحبته الجماهير الهلالية لفنه الرائع داخل المستطيل الأخضر وأهدافه المميزة.
التقته (المجهر) في حوار الماضي والذكريات، تحدثنا معه عن مولده ونشأته ودراساته، والمحطات العملية في حياته، وكيف التحق بالهلال، ومن الذي ساهم في تسجيله.. والمباريات التي حولت مجرى حياته.. أجمل الأهداف التي أحرزها.. وماذا قال للرئيس “نميري” بلندن.. كأس الذهب الأول والثاني.. وكيف أضاع ضربة الجزاء أمام فريق المحلة المصري بعد أن تعادل الهلال معه.. أيام الفرح التي عاشها وأيام الحزن.. مقتنيات يحرص على شرائها عند دخول السوق، أكلات يجيد طهوها إذا دخل المطبخ.. قراءته وفي أي المجالات.. علاقاته باللاعبين داخل الميدان.. ولنترك القارئ يقرأ إجاباته حول ما طرحنا عليه من أسئلة..

} “عز الدين أحمد سليمان” الملقب بـ(عز الدين الدحيش).. من أين جاء هذا اللقب؟
– أطلقه عليّ أحد التلاميذ بالمدرسة عندما كنا نقوم بنشاط للسباق.
} أين كان الميلاد والدراسة؟
– أنا من مواليد مدينة أم درمان بيت المال عام 1948م.. درست المرحلة الأولية بمدرسة بيت المال الأولية، ثم مدرسة النصر الوسطى ثم مدرسة بيت الأمانة الثانوية.
} أول محطة لك بعد إكمال الثانوي؟
– عملت بوزارة المالية (بند العطالة) بقسم الحسابات، ومنها انتقلت للعمل بمعهد البحوث والاستشارات الصناعية.
} والمحطة التي تلتها؟
– انتقلت للعمل التجاري في مجال الاستيراد والتصدير.
} وإذا أعدناك لمحطة الرياضة.. كيف كانت بداياتك؟
– بدأت شأني شأن كل لاعبي كرة القدم بـ(كرة الشراب) بالحي ثم الروابط ببيت المال، ومن ثم صدر إعلان لضم لاعبين بأشبال المريخ وجرت تصفية المتقدمين إلى اثنين وعشرين لاعباً، وفي نفس الوقت أعلن عن ضم لاعبين بأشبال الهلال فانضممت لأشبال الهلال.
} ولماذا تركت أشبال المريخ وانضممت للهلال؟
– لأن أصحابي معظمهم انضموا لأشبال الهلال.
} ألم تكن لك ميول للهلال؟
– وقتها كنا صغاراً في السن ولم نعرف الانتماء، وكان الهدف ممارسة النشاط الرياضي.
} بعد أشبال الهلال إلى أين اتجهت؟
– لعبت بفرق الشاطئ بالملازمين لموسمين، ومن ثم انتقلت إلى نادي الهلال.
} من الذي أقنعك للتسجيل لنادي الهلال؟
– عندما كنت بنادي الشاطئ كان رئيس النادي “طه حمدتو” وهو مريخابي، ولكن أقنعني أمين الخزينة “بابكر النور” و”صلاح خوجلي”.
} مقابل كم سجلت لنادي الهلال؟
– سجلت بـ(كباية شاي) لأن (القروش) وقتها لم تكن هدفي طالما الأسرة موفرة لنا كل شيء الأكل، الشرب واللبس.
} هل تذكر اللاعبين الذين كانوا معك خلال تلك الفترة؟
– الهلال آنذاك كان يضم عمالقة من اللاعبين أمثال “سبت دودو” و”أمين زكي” و”جكسا” و”إبراهيم يحيى” و”حبشي” و”يونس الله جابو” و”عيسى دهب” و”كمال السني” و”شاويش”.
} هل تذكر كم كان عمرك عندما لعبت للهلال؟
– لم أتجاوز الثامنة عشرة، وكان ذلك أواخر الستينيات.
} أول مباراة لعبتها مع الهلال؟
– كانت بين الهلال والنيل، ووقتها لم أكن لاعباً أساسياً، ولكن نزلت في الشوط الثاني وانتصر الهلال فيها بهدفين أحرزت واحداً منهما، وبعد تلك المباراة أصبحت أساسياً في تشكيلة الهلال.
} ومباريات خارجية؟
– في عام 1968م، ذهبنا في رحلة رياضية بدأناها بجدة ولعبنا مع الفرق السعودية وانتصرنا عليها، ثم ذهبنا إلى لبنان وكذلك سجلنا عدة انتصارات، ثم الكويت.. كان مدرب الهلال وقتها الراحل “عثمان حسين الصبي”. وفي طريق العودة قال لي: (سيتم تكوين الفريق القومي السوداني وستكون ضمن التشكيلة).. وبالفعل شكل المنتخب وكنت ضمن التشكيلة ولم أخرج منها، والمنتخب كان مكوناً من كل لاعبي أقاليم السودان.
} هل تذكر مباراة عالقة بذاكرتك طرفها الهلال؟
– مباراة (هلال- مريخ) في كأس الذهب الأول، أذكر وقتها كنت أتلقى علاجاً في لندن وتزامن وجودي مع زيارة للرئيس “نميري” وكان السفير “أحمد سليمان” والملحق العسكري “حسن أبو العائلة”، وأقيمت للرئيس “نميري” مأدبة عشاء وكان يحمل وقتها كأس الذهب، وقال: (هذا الكأس سيلعب عليه هلال مريخ، ومن ينتصر يحتفظ به لمدة ستة أشهر)، وأثناء ذلك وصلتنا نتيجة هزيمة الهلال من المحلة المصري (4/1) فقلت للرئيس “نميري”: (حقوا من يغلب في المباراة يحتفظ بالكأس للأبد)، فرد عليّ “نميري”: (يعني حتغلبونا؟).. وعدت إلى السودان بناء على طلب من الرئيس “نميري” لأداء مباراة الرد بين الهلال والمحلة المصري فانتصرنا فيها (4/1)، و(طرنا) بضربات الجزاء.
} وكيف أضعت ضربة الجزاء؟
– كنت واثقاً (مية في المية) من إحراز ضربة الجزاء، ولكن لسوء الطالع خرجت الكرة بسنتمترات من الزاوية التي ركزت عليها.
} يقال إنك مشاكس داخل الميدان؟
– المباراة (تسعون دقيقة) والتركيز فيها على النصر، والمشاكسات ليست بغرض إعاقة زميل أو إصابته، ولكن الهدف كيف نحقق النصر، لذلك عندما تنتهي المباراة لا تكون بيننا أية عداوات ونظل أصدقاء.
} وكأس الذهب؟
– أقيمت في عام 1974م، مباراة بين الهلال والمريخ على كأس الذهب الأول فانتصرنا فيها (2/صفر)، الهدفان كانا من نصيبي، وأذكر عندما صعدت إلى منصة التتويج سلّم عليّ الرئيس “نميري” وقال لي: (أديت مباراة جميلة) وأعطاني هدية كانت عبارة عن ساعة (أوميغا) من الذهب.
} ومباراة الذهب الثانية؟
– انتهت بالتعادل (1/1) أحرز الهدف “علي قاقارين” من ضربة جزاء، وأعيدت المباراة وانتصرنا فيها (2/1)، وأحرز “قاقارين” هدفاً فيما أحرزت الهدف الثاني.
} وبطولة الأمم الأفريقية 1970م؟
– جرت المنافسة بالخرطوم، وتم التقسيم إلى مجموعتين مجموعة بالخرطوم والثانية بمدني، فلعبت كل المباريات، وأذكر في مباراة بين السودان ومصر أصيب “نجم الدين” و”سمير صالح” ونقلاً للمستشفى فرجعت لعبت (استوبر) ولعب “بشارة” (باك)، والفريق المصري كان يضم عمالقة من اللاعبين “مصطفى رياض” و”أبو جريشة”، وانتصر السودان على مصر لأول مرة في تاريخه بهدف، ومن ثم لعبنا المباراة النهائية أمام غانا فهزمناها، وحصلنا على الكأس ومنحنا الرئيس “نميري” وسام الرياضة من الطبقة الأولى، إضافة إلى قطعة أرض لكل لاعب.
} ماذا أعطتك الرياضة؟
– الشهرة وحب الناس، وهي نعمة كبيرة.
} من أجمل الأهداف التي أحرزتها؟
– كان في مرمى حارس الأهلي “النور عبد القادر” في المباراة التي جرت بين الهلال والأهلي، فـ”الفاتح النقر” كان على (اللاين) فرفعت له يدي فعكس (الكورة)، وقبل أن تنزل الأرض (على الطائر) سكنت المرمى، وكان هذا من أجمل الأهداف.
} أيام فرح عشتها؟
– أذكر عندما هزمنا المريخ في كأس الذهب الأول رجعت إلى البيت فوجدت الجماهير (على الحيط ورأس البيت)، بينما كانت على الأرض تذبح الذبائح، فكان مشهداً يدل على عظمة الشعب السوداني ومشجعي الهلال.
} وأيام حزنت فيها؟
– عندما فقدت الوالدين وشقيقتي الوحيدة، إضافة إلى فقدي عدداً من أخوتي وبعض الأهل؟
} إذا دخلت السوق ما هي المقتنيات التي تحرص على شرائها؟
– هناك مراحل لدخول السوق، ففي فترة الشباب تأسرني الموضة، وفترة أخرى بعض القمصان، وأخيراً أصبحنا (ناس جلاليب).
} السياسة فتنت الناس.. وقتها هل كان لك ميول سياسية؟
– لقد تفتحنا على نظام مايو، ولكن لم نكن سياسيين، ونمت بيننا وقياداتها علاقات.. الرئيس “نميري” و”أبو القاسم محمد إبراهيم” و”زين العابدين محمد أحمد عبد القادر”.
} ألم تكن لك ميول اتحادية أو أنصارية؟
– أبداً.. وأنا أبعد عن السياسة أصلي وأصوم وأزكي.
} وقراءتك؟
– أنا مهتم بالقراءة في جوانب مختلفة، منها الأدبية ومنها الشعر، ولكن أحرص دائماً على قراءة الصحف.
} مدن بذاكرتك داخلياً وخارجياً؟
– داخلياً مدني، أما خارجياً فقد زرت العديد من الدول العربية والأفريقية.
} والاحتراف خارجياً؟
– حاولت الاحتراف بأمريكا، فذهبت إليها وبعد إجراء الاختبارات اللازمة، إلا أنني عندما عدت إلى السودان وجاء مندوب نادي (كوزمو) اعتذرت له.
} السبب؟
– الحنين إلى الوطن كان أكبر، خاصة أنني عندما ذهبت إلى أمريكا كان قد ضربها جليد لم يسبق له مثيل من قبل.
} ألم تحترف بدول أخرى؟
– احترفت بالكويت وقطر.. وعندما ذهبت إلى قطر وأثناء التمرين وجه إليّ أحد اللاعبين إساءة لم أعرف معناها وقتها وعندما عرفتها عدت إليه وضربته ضرباً شديداً وحملت جوازي وعدت إلى السودان رغم محاولات وزير الشباب والرياضة آنذاك “زين العابدين” بإقناعي بعدم العودة.
} أفضل المدربين الوطنيين والأجانب؟
– من أفضل المدربين الأجانب “استاروستا”.. أما المحليون فمنهم الراحل “عثمان حسين الصبي” و”سليمان فارس” و”عبد الفتاح حمد” و”منصور رمضان”. وكنت أجد دائماً التشجيع من المدرب “سليمان فارس” ونحن داخلين الميدان فيقول لي بعد التربيت على كتفي: (يا كابتن عاوزين نشوف حاجة الليلة).
} ومن الإداريين؟
– “حسن عبد القادر”، والراحلان “الطيب عبد الإله” و”بابكر”، و”عبد المجيد منصور” و”طه علي البشير”.
} وكيف اعتزلت؟
– أذكر كنا مجموعة من اللاعبين ولبعضنا مشاكل مع الإدارة، وأثناء اجتماعنا بنادي الهلال دخل علينا “الطيب عبد الله” رئيس النادي واحتد في الكلام معي وقال لي: (أنا رئيس نادي الهلال)، فقلت له: (أنا الهلال ذاتو.. ونحن سنجتمع ولن تكون واحداً منا).
} هل تذكر من كان معك في الاجتماع؟
– كان هناك عدد من اللاعبين من بينهم “زغبير” و”عبد الله موسى” و”قاسم أحمد عثمان” و”فوزي المرضي” و”محجوب الضب” و”عبده مصطفى”، وبعد الاجتماع أصدرنا قراراً بعدم لعب المباراة التي ستقام في اليوم التالي مع فريق أجنبي، ولكن أحد اللاعبين ذهب إلى “الطيب عبد الله” ونقل له الكلام فاتخذ قراره بالليل بشطبي.
} وماذا فعلت؟
– وقتها “زين العابدين” وزير الشباب والرياضة كان يرقد بالسلاح الطبي، فطلب مني عدم اتخاذ أية خطوة حتى يخرج من المستشفى فوافقت، ولكن “أبو القاسم محمد إبراهيم” أصر على توقيعي للمريخ وبالفعل وقعت، بعدها أقيم لي مهرجان ضخم باستاد المريخ حضره عدد كبير من المشجعين، وبعد المهرجان علمت أن غالبية الجمهور كانوا من الهلال فجاءني عدد كبير منهم يبكي وآخرون هددوني إن لم أعد للهلال، فحملت كل ذلك إلى “زين العابدين” فقال لي: (لن يتم شطبك إلا بموافقة “أبو القاسم” ورئيس النادي “حسن أبو العائلة”) فذهبت مع “أبو القاسم” إلى نادي المريخ وبعد اجتماع قصير تم شطبي، بعدها أقيم لي مهرجان بميدان (عقرب) حضره حشد كبير من المشجعين، وبعد المهرجان قررت إدارة الهلال إعادة تسجيلي.
} وماذا فعلت بعد ذلك؟
– عندما أعيد تسجيلي قررت ألا ألعب مباراة إلا يكون طرفها المريخ، وبالفعل بدأت أتمرن استعداداً لتلك المباراة، ولكن في تلك المباراة حدثت أشياء لا أعرف سببها وانتهت بالتعادل، وعندما دخلت غرفة اللاعبين جاءني اللاعب “متوكل عبد السلام” يبكي وقال لي: (رئيس النادي “الطيب عبد الله” طلب من اللاعبين عدم التعاون معك في تلك المباراة حتى لو خسرها الهلال).. وفي تلك اللحظة ركبت عربتي وذهبت إلى منزلي وقررت الاعتزال نهائياً رغم أنه كان بإمكاني أن ألعب خمس أو عشر سنوات بعدها.
} هناك اتهام يقول إنه إذا لم يُدفع لك لا تلعب؟
– سمعت كثيراً مثل هذا الحديث، (وأتحدى أي زول يثبت ذلك).
} والرياضة اليوم؟
– أصبحت تجارة ومصالح فانعدمت المواهب.
} والهلال اليوم؟
– لا تشعر بأن هناك إداريين فيه لهم تاريخ رياضي، فالمال أصبح كل شيء وأكثر من الولاء.
} والمدرب الأجنبي؟
– مهم ولكن ليس على حساب الوطني.
} إذا أعدناك للوراء.. هل أنت من عشاق السينما؟
– أبداً ولا أحب السهر، وما زلت.
} برامج تحرص على متابعتها عبر الإذاعة والتلفزيون؟
– في الماضي كنت أحرص على مشاهدة برنامج (فرسان في الميدان).
} فنان تفضل الاستماع إليه؟
– “إبراهيم عوض” و”محمد أحمد عوض”.
} أكلات تجيد طهوها إذا دخلت المطبخ؟
– بيض مسلوق أو مقلي، وشاي أحمر و(حَلة القطر قام).
} لاعبون كنت تتعاون معهم داخل الميدان؟
– “علي قاقارين” و”محمد حسين كسلا” و”جكسا” و”شواطين”.
} هل تعتقد أن هناك مؤامرة تتم داخل الميدان؟
– أبداً.
} لاعبون ربطت بينك وبينهم صداقة بالفرق الأخرى؟
– “وزة” و”ماوماو” و”عبد العزيز عبد الله” و”عبد الله عباس” و”جقدول” و”الفاضل سانتو” و”كمال”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية