تقارير

مشاهد من المؤتمر التأسيسي لحركة (الإصلاح الآن) بأرض المعارض ببري

أغانٍ وطنية وثورية تجسد شعار المؤتمر التأسيسي لحركة (الإصلاح الآن) (نحو وطن يسع الجميع)، وألحانها تنطلق من مكبرات الصوت في أرض المعارض منذ الصباح الباكر ليوم أمس (السبت).
كل شيء بنظام، وعضوية المؤتمر منحت ديباجة توضح اسم كل عضو ورقمه، والكراسي مرصوصة بألوان مميزة كان نصيب الإعلاميين منها (اللون الأحمر). بعناية فائقة وضعت حركة (الإصلاح الآن) كوادر الاستقبال والمراسم وحتى (أهل التأمين وحماية الشخصيات المهمة)، توزعوا في القائمة التي امتلأت من كل فج عميق.

تزينت قيادات حركة (الإصلاح الآن) في عرسها الأول واختاروا الأغنيات باهتمام بالغ بصوت الفنان الراحل “محمد وردي” (بلدي يا حبوب) .. وعند الساعة التاسعة والثلث صباحاً بدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي بآيات من القرآن الكريم، قرأها الشيخ “الزين محمد أحمد” (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

لم يكد ينتهي الشيخ “الزين” من تلاوته بعد حضور لافت لرموز القوى السياسية ورجال السلك الدبلوماسي، من المؤتمر الوطني “مصطفى عثمان إسماعيل”، ومن المؤتمر الشعبي “كمال عمر”، ومن الحزب الناصري “مصطفى محمود”، ومن منبر السلام العادل “الطيب مصطفى”. وجاء قائد المحاولة الانقلابية الأخيرة العميد (م) “محمد إبراهيم عبد الجليل” وجلس بجوار “كمال عمر” وتغيبت بقية الأحزاب الأخرى.

يقول رئيس اللجنة التحضيرية للحركة “حسن عثمان رزق”:

(في المبتدأ أسمحوا لي بأن أرحب بضيوفنا الأماجد الذين زينوا هذا الاجتماع، وازدان وأضاء بهم هذا المكان. والترحيب موصول لإخواني وأخواتي من المؤتمرين خاصة الذين تكبدوا مشاق السفر والسهر حتى يكونوا حضوراً بيننا).

وأضاف بالقول: (بالرغم من أن حركة (الإصلاح الآن) لم يبلغ عمرها نصف العام بعد، إلا أنها شغلت الناس وملأت الدنيا وسار يذكرها الركبان).

تمددت الحركة جغرافياً ورأسياً في جميع الولايات وانداحت الحركة لتشمل السودانيين العاملين والدارسين بدول المهجر، وشمل ذلك حوالي العشرين دولة شملت دولاً عربية وأوروبية وآسيوية وأفريقية ومن أمريكا واستراليا).

وأشار “رزق” إلى أنَّ للحركة الآن وجوداً مقدراً في الجامعات والكليات ووسط الشباب والمرأة والفنانين والمهنيين، وبالرغم من أن الحركة مازالت في بدايات عمرها من ناحية العمر الزمني إلا أنها ولدت بأسنانها واستطاعت أن تحجز لنفسها مقعداً متقدماً بين الأحزاب السودانية الفاعلة وبين الكبار، وأصبحت رقماً سياسياً لا تخطئه عين لا تعرف القمرا.. ولا تنكرها عين إلا عين لا تبصر الشمسا – بحسب عباراته.

وقال “رزق”: طلب منا المسجل (500) عضو، فدفعنا له بأربعة أضعاف العدد المطلوب، ونحن على استعداد تام للدفع بأضعاف مضاعفة متى طلب منا ذلك.

الحركة الآن تجد قبولاً وتدافعاً من المواطنين لأنها لبت أشواقهم ووجدوا فيها أنفسهم، ونعترف بأن مواعين الحركة ضاقت مقدرتها عن استيعاب المقبلين عليها.. وإن شاء الله سنعمل على توسيع القدرة الاستيعابية ونمدد جسور الوصل بيننا وبين الراغبين في اللحاق بركب الإصلاح الآن. وأضاف: (بدأت الحركة نشاطها بلقاءات صالونية ولما ضاقت الدور بالجماهير خرجنا إلى الساحات العامة والمدارس، انتزاعاً لحقنا في حرية التعبير ورفضنا لتكميم الأفواه إحقاقاً لحق الإنسان في أن يعيش حراً كما ولد حراً.. وقد تحملنا في ذلك الأذى من مضايقات واعتقال وتعذيب ولكن لم يثننا الترهيب ولم يلن جانبنا الترغيب لأننا نعلم أن من طلب الحرية لم يغله المهر).

وزاد بالقول: (وفي سعي الحركة لإصلاح العلاقات الخارجية قامت الحركة بعدة لقاءات شملت بعض المنظمات الدولية والمندوب الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وممثل جامعة الدول العربية ورئيس لجنة الوساطة المكلف من الاتحاد الأفريقي والعديد من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية بالخرطوم، كما تم اللقاء مع “كارتر” وممثلي مركزه. كانت اللقاءات التي أدرناها تستند على المصالح المشتركة والعلاقات المتوازنة القائمة على الندية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، واحترام إرادتها وتقوية التعاون والصداقة والأواصر والعلاقات الجيدة بين الشعوب).

وأشار “رزق” إلى أن المال عصب الحياة، وقال قد نصحنا وحذرنا الكثيرون بأننا لن نستطيع أن نؤسس وندير حزباً في قلٍ وشحٍ من المال.. ولكننا كنا نرى أن إرادة الإنسان المستمدة من إرادة الله لا تقهرها الصعاب. وقد كانت عضويتنا على قدر من التحدي ما احتجنا إلى مال إلا كان حاضراً، وما احتجنا إلى تضحيات إلا وأقبل الناس زرافات ووحدانا.. لم نتلقَّ مالاً من أي جهة داخلية أو خارجية وطنية أم أجنبية ولله الفضل والمنة وله الحمد والشكر).

من جانبه قال رئيس حركة (الإصلاح الآن) “غازي صلاح الدين”: ينعقد هذا المؤتمر التأسيسي في مفترق من تاريخ السودان ذي خصوصية عالية ودلالة عميقة، وحركة الإصلاح تدشن انطلاقتها كتيار وطني مفتوح يقوم على تعاقد قيمي وفكري يعلي من قيمة الوطن وإنسانه، تيار يرى نفسه امتداداً للحركة الوطنية وتجلياً لنضوج الفكر السياسي السوداني ليس هو إسقاطاً آيديولوجياً على الواقع، بل تفاعل حي معه توخياً للموقف الأصوب.

حركة (الإصلاح الآن) ليست حركة حزبية ولا طائفية ولا تقبل بالتمحور حول الأشخاص ولا ترهن نفسها للقيادة الفردانية.

وأضاف غازي: (الحضارة ناتج من تفاعل ثلاثة عناصر: الزمان، المكان، الفكر والإنسان هو الذي يجمع الثلاثة، أو يضيعها؟.

أما الزمان فنحن والبشرية جمعاء نطل على مستقبل غير مسبوق تهاوت فيه القواعد القديمة وتحرر الإنسان كما لم يفعل من قبل، الذين يفهمون تلك الحقيقة يبقون في المنافسة، والذين لا يفهمونها يطاح بهم خارج الحلبة وتكنسهم حركة التاريخ.

المكان هو السودان، ذلك الموقع المتميز بخيراته العميمة التي هي محض نفحة إلهية كريمة، بقيت الفكرة وبقي الإنسان الذي يحملها وهذا ما نحن اليوم بصدده، كيف نولد الفكرة؟ وكيف نصنع الإنسان الذي يحمل الفكرة.

من هذا جاء مولد حركة الإصلاح ونبه بالقول: (لكننا بقدر ما نرى من عوامل النهضة في البلاد، نرى من عوامل الانحطاط، نرى تقسيم البلاد، نرى حرب الأغنياء على الفقراء، والفقراء على الأغنياء، نرى حرب العرق على العرق والجهة على الجهة، نرى حرب الأخ على أخيه، بل نكاد نرى حرب الكل على الكل. ومن هنا تلحُّ على بابنا طرقات الإصلاح).

وتساءل “غازي”: (من أين نبدأ إذن؟ من الإنسان نبدأ لأن الإنسان صانع الفكرة وحاملها، وهو مازج العناصر الثلاثة التي ذكرناها. والإنسان المصلح لا يخيب أبداً (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ).

لقد جعلنا الإنسان في مقدمة المرجعيات التي نؤسس عليها رؤانا السياسية ومواقفنا، لأن الإنسان كما قضى المولى موضع التكليف والتشريف وعليه مدار الإصلاح، فإذا صلح صلح الأمر كله وإذا فسد فسد الأمر كله.

وقال “غازي”: وجعلنا الوطن ثاني مرجعياتنا لأن الله سبحانه عندما خلق الإنسان نسبه إلى وطن هو الأرض، فكما أن الإنسان خليفة في الأرض فنحن خلفاء في الوطن نتساكن فيه ونتجاور وتستوي فيه حقوقنا على أساس المواطنة، ليكون وطناً متسالماً مستقراً على موازين العدل والتكافؤ.

وهو وطن عامر بالتنوع الذي جعله الله آية من آيات خلقه وإبداعه ونحن حفيون بذلك التنوع، لأنه مصدر ثراء وقوة لهويتنا الوطنية، هوية تتناصر مكوناتها ولا تتحارب، في عالم ما ينفك يزداد تنوعاً وهذه مرجعية ثالثة.

و”شرح غازي” مرتكزات القوة للأحزاب وقال : إن القوة والفاعلية لأية جماعة أو فئة تدعو لتحولات إيجابية في المجتمعات، تتجمد في أربع ركائز تتمثل في نفوذ الفكرة وفاعلية التنظيم، وقوة التحالفات وتوفر الموارد المادية.

وقال “غازي”: (نحن نؤسس لحركة (الإصلاح الآن) في ظل معطيات مخصوصة بهذه المرحلة التي نجتازها. ينبغي أن ندرس تلك المعطيات ونحللها لنستخرج منها أهم أولوياتنا الوطنية، وينبغي ونحن نرسم خطوط هذه المهمة الدقيقة ألا ننجرف مع أنبياء الخراب الكذبة الذين يحبطون الناس بشؤم نبوءاتهم، ينبغي أن ننطلق في تقييمنا من تدبر موضوعي يوائم بين رؤية المخاطر والفرص.

وأضاف بالقول: لكن على خلفية هذه اللوحة الزاهية تبدو جملة من المخاطر التي تشكل أولويات وطنية مشتركة. هناك أربع أزمات أساسية آنية: أزمة أمن واستقرار سياسي، أزمة اقتصاد معاش، أزمة علاقات خارجية، وأزمة حكم، ويتوجب علينا أن نواجه تلك المخاطر واحدة واحدة، ونتصدى لها بصف وطني مجتمع).

ونبه “غازي” إلى أن أزمة الأمن والاستقرار السياسي هي أولى الأزمات بالعناية، لأن استمرارها وتعقدها يضع مستقبل البلاد كلها على المحك، إن التحدي الذي يواجهنا هو أن نضع في قمة أولوياتنا إنهاء الحرب من أجل التفرغ لمهمات البناء والنهوض. وقال: من هذا الالتزام نحو وقف الحرب كان دعمنا لمبادرة الاتحاد الأفريقي التي يقودها الرئيس “أمبيكي”، لكن انفضاض المفاوضات في “أديس أبابا” دون التوصل إلى إطار سياسي يحدد الأجندة ويوجه النقاش، يجب ألا يثنينا عن تكرار المحاولة. ونحن ندعو أطراف التفاوض للتفاعل بحسن نية مع مهمتهم وتلبية الرغبة العامة في البلاد وبين جميع السودانيين، للتوصل إلى تسوية عاجلة وعادلة. إن الوصول إلى تلك التسوية هو الذي سيطلق طاقات الإصلاح السياسي الذي نتطلع إليه وندرك أنه الترياق الوحيد الناجع لأزماتنا. بعدم ذلك، أي بعدم التوصل إلى تسوية عاجلة في المباحثات ينبغي أن ننظر في البدائل ذات المصداقية التي تستديم العملية السياسية وتستبقي الحوار المفضي إلى خطوات ملموسة تعزز مناخ الثقة.

وقال: (بمقابل أزمة الأمن تبرز بصورة متجددة أزمة الاقتصاد وآثارها الطاحنة على قدرة المواطنين على العيش الكريم، وتتميز أزمة الاقتصاد بشيئين أولاً، أنها تمس الجميع دون استثناء، فلئن كانت أزمة الأمن تمس بصورة أخص قطاعاً من المواطنين دون آخر، فإن أزمة الاقتصاد والمعاش لا تميز بين اثنين. بناءً على ذلك هناك ضرورة ملحة لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأزمة من ضمنها خفض الإنفاق العام إلى الحد الأدنى الضروري، ومحاربة داء الفساد محاربة لا تبقي ولا تذر. إن إجراءات محاربة الفساد لا تكتمل بإعلان التحدي لمن يملك أدلة على الفساد أن يبرزها، إنها ينبغي أن تكون حرباً هجومية شرسة تستقصي الفساد المؤسسي وتغزوه في أوكاره، وذلك يتطلب أن تقوى المؤسسات والتشريعات والسياسات والأوامر التنفيذية التي تسد على الفساد المنافذ وتخلقه حتى الموت. وعلى المدى الأبعد نؤيد الاعتراف بالمطالب العادلة بالتنمية المتوازنة والشراكة العادلة في مقدرات الوطن، بما يعطي ميزات للمناطق الأقل نمواً، كما لابد من تأكيد مسؤولية الدولة تجاه المواطنين عموماً وضمان حق العمل لهم والخدمات الأساسية في التعليم والصحة والأمن.

وأضاف “غازي”: المسألة الثالثة في أولوياتنا الوطنية والتي تمس بصورة مباشرة مسألتي الأمن والاقتصاد هي العلاقات الخارجية، ولا نحسب أن أحداً يشك في أن جذور هاتين المسألتين تتغذى من أزمة علاقاتنا الخارجية ولئن كانت أزماتنا بالأمس مع الولايات المتحدة الأبعد عنا جغرافياً ووجدانياً، فإنها تتمدد اليوم لتشمل أقرب أشقائنا في محيطنا الحيوي المباشر الذي يمثل متنفسنا الطبيعي، إن تعقيدات علاقاتنا الدولية مع جوارنا الأقرب والأبعد ستبقى محدداً رئيسياً لتقدمنا في معالجة أزماتنا في الأمن والاقتصاد الدولي على أسس المبادئ والمصلحة الوطنية. وكي ما يكتسب هذا الخط السياسي مصداقية علينا أن نبادر إلى الحوار وعرض ما لدينا والاستماع لمأخذ الأطراف الأخرى وصولاً إلى علاقة خارجية سوية تحفظ حقوقنا الوطنية).

وزاد بالقول: (المسألة التي تشكل التحدي الرابع هي أزمة الحكم والنظام السياسي، لكنها في ذات الوقت هي المسألة الضامنة للإصلاح لكل أزماتنا الأخرى. وتتمثل الأزمة في أن مؤسسات الحكم الراهنة غير مؤهلة لمقاربة أزمات السياسة والأمن والاقتصاد، توجد هوة ثقة بين الحكومة والحزب الحاكم من جهة وبين قطاع واسع من القوى السياسية التي انحازت إلى خيار المعارضة السلمية. توجد قوى أخرى يئست من المقاربات السلمية فلجأت إلى السلاح والحرب، توجد قوى اجتماعية شبابية غير مسيسة أو منظمة على الطريقة التقليدية، لكنها تمثل كتلة مؤثرة ولديها قدرة عالية على تكوين الرأي العام خاصة بين الشباب. يوجد سودانيون في الشتات تتعاظم أعدادهم وتتنوع مشاربهم وثقافاتهم ومفاهيمهم بتنوع المجتمعات التي يعيشون فيها، وهم لهم إسهامات اقتصادية وسياسية متعددة الاتجاهات والنتائج. توجد مؤسسات دولة غير فاعلة، لا من حيث تكوينها وشمول تمثيلها، ولا من حيث قدرتها على إنجاز مهمتها، ولا من حيث ثقة الجمهور فيها. في مقدمة تلك المؤسسات المجلس الوطني القائم، والجهاز التنفيذي بكل تفريعاته الذي تمثله الحكومة والخدمة المدنية. ويمتد الأمر إلى حكومات الولايات ومجالسها التشريعية.

وأشار رئيس حركة (الإصلاح الآن) إلى أن في ظل كل تلك المعطيات تتجلى أزمة كبيرة، تتمثل في عدم إيمان القوى السياسية بجدوى خوض انتخابات ذات مصداقية في العام 2015، في ظل هيمنة كاملة للمؤتمر الوطني على آليات الدولة وإمكاناتها، وفي ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات وعدالتها، فبدلاً من أن تكون الانتخابات القادمة عرساً وطنياً جامعاً ومناسبة لتجديد الثقة والدماء في مؤسسات الحكم الوطنية والنظر من ثم إلى آفاق الازدهار والتطور، ستصبح الانتخابات القادمة -في غيبة إصلاح حقيقي- مناسبة للشقاق والتناحر والمغالطات المريرة بما يعني، لا استدامة الأزمات فحسب، بل تعقيدها بصورة أكبر والدخول في محنات وطنية متجددة تطيح بكل آمالنا في الوعود التي ذكرنا أن السودان يحملها.

وقال “غازي”: (في ضوء هذا التكييف الإستراتيجي لأهدافنا ومواقفنا، يمكننا القول إننا أمام مهمتين رئيسيتين ننطلق لإنجازهما بدفع قوى من هذا المؤتمر التاريخي: المهمة الأولى تتعلق بالساحة الوطنية العامة ورؤيتنا لدورنا فيها. والمهمة الثانية تتعلق ببناء حركة (الإصلاح الآن) لتتأهل لأداء دور وطني تاريخي).

وأضاف: (المهمة الأولى تعني بأن يكون لحركتنا نفوذ وحيوية يمكناها من المشاركة في وضع الأجندة السياسية الوطنية وترتيبها للترتيب الصحيح. بهذا الفهم رحبنا بالمبادرة إلى الحوار الوطني الجامع رغم كل مآخذنا التي أبديناها تجاهه، وذلك إيماناً منا بجدوى العمل السياسي مهما استبطأ الناس ثمراته، وندرك في ذات الوقت أن هناك مسارات أخرى للتأثير على الواقع السياسي من خلال العمل المسلح، إن مهمتنا تتمثل في تعميق الحوار مع قوى المعارضة المسلحة لإقناعها بجدوى خيار العمل السلمي على أي خيار آخر، وهو ما يقتضي أن ننخرط في ذات الوقت في تهيئة الأرضية والمناخ السياسي عبر الحوار الوطني الجامع الذي يضم كل القوى السياسية سواءً التي في الحكومة أو المعارضة).

وزاد “غازي” قائلاً: (لقد استطعنا أن نبتدر العمل في هذا الاتجاه من خلال لقائنا بوفدي التفاوض حول المنطقتين في “أديس أبابا” مؤخراً، حيث كان رجاؤنا أن تختتم الجولة باتفاق ناجح يمهد لانطلاق الحوار الوطني الجامع لكل القوى، أما وقد أخفق الاجتماع في التوصل إلى اتفاق إطاري فستظل دعوتنا وسيظل جهدنا باتجاه تجاوز العقبات المانعة لتوقيع اتفاق سلام مع القوى المعارضة بالسلاح، سواءً حركات دارفور أو قطاع الشمال، اتفاقاً يعين على إطلاق الجهود السياسية بالداخل، وقد تعزينا بعض الشيء بأن الطرفين في “أديس أبابا” قد وافقا بصورة مبدئية على اعتماد الحوار الوطني بنداً من بنود التفاوض).

وأشار “غازي” إلى العقبات التي تواجه الحوار الوطني وقال: (تبرز مشكلة الانقسام السياسي الذي أدى إلى فرز الساحة بين مستجيبين لدعوة الرئيس وبين ممتنعين من الاستجابة. وهناك بطء واضح في تشكيل آليات الحوار وتعريف دورها واستدعائها للعمل، حتى كانت المبادرة أن تفقد قوة دفعها، برغم إيماننا بأن هناك كتلة إصلاحية داخل المؤتمر الوطني تدعم الحوار وتسعى إليه بجدية لكن تأثيرها ما يزالا محدوداً. وهناك محدد زمني مرتبط بشهر أكتوبر القادم، حين ينعقد المؤتمر العام للمؤتمر الوطني، حيث يسود اعتقاد بأن المؤتمر الوطني ربما يفقد الرغبة في نتائج الحوار الوطني، ويبدأ الاستعداد لانتخابات سيشكل قيامها بتلك الصورة أزمة كبيرة تقضي على الرمق الأخير من الثقة).

وأضاف “غازي”: (نحن سنسعى لاستنقاذ الحوار الوطني بكل الوسائل، ومن ضمن ذلك تقوية التشاور والتنسيق مع القوى السياسية في الداخل والخارج، لاقتراح خطوات جذرية تدفع بالحوار وتكسبه المصداقية. مثال لتلك الخطوات الدعوة لإنشاء مؤسسات حكم قومية تهيئ الساحة لانتخابات عامة نزيهة، تشمل تلك الخطوات إقامة حكومة مهمات خاصة قومية لمعالجة التحديات الوطنية الأربعة المذكورة آنفاً، وإقامة حكومات ولائية ومجلس تشريعي قومي ومجالس تشريعية ولائية وإعادة تكوين المؤسسات التي ترعى الانتخابات. ونحن هنا ننوه باللقاء الأول الذي تم قبل عدة أيام بين مجموعة من الأحزاب حول التنسيق في هذا الاتجاه).

وقال: (لن ينحصر عملنا في الحوار الوطني على العلاقات الفوقية مع الحكومة والقوى السياسية، لكنه سيمتد إلى القطاعات الشعبية وتنظيمات المجتمع تواصلاً معها وتعرفاً إلى أسباب معاناتها ورؤيتها للحلول، حتى يكون الحوار والسلام متجذراً في الجماهير).

وأضاف “غازي”: (المهمة الثانية التي نوجه لها اهتمامنا هي مهمة البناء الداخلي. ينبغي أن نستذكر على الدوام أنه: (لا إصلاح بلا مصلحين) الإصلاح يبدأ أولاً في داخل صفنا، حيث ينبغي أن نصلح شأننا أولاً شأن أنفسنا، وشأن عضويتنا، وشأن مؤسساتنا قبل أن ندعو الآخرين لإصلاح أنفسهم. معايير الصدق والأخلاق هي التي تدعونا لأن يتسق فعلنا وقولنا حتى لا ندخل في زمرة الذين يقولون ما لا يفعلون).

وزاد بالقول:

(أذكركم ونحن نتحدث عن ركائز القوة الأربع الفكرة، التنظيم، التحالفات، والموارد المادية، أذكركم بأننا حركة لأن لدينا القدرة على إحداث الحراك النشط والتجديد، لسنا جامدين ولا مقلدين، نحن نجدد أدواتنا وأفكارنا باستمرار، ونحن حركة للإصلاح أي أننا ضد كل فساد وضد كل مفسد، ومفسدة، نحن مع الإصلاح ومع كل مصلح ومصلحة، ونحن حركة للإصلاح الآن الآن وليس غداً. إصلاح بلا تسويف أو مماطلة). وردد معه المئات هذا الشعار.

وختم قائلاً:(بهذه الكلمات وهذا المؤتمر نعلن انطلاق حملتنا الكبرى، وحركتنا المصممة القاصدة، حركة قوية مبدعة حرة مجددة، تمسك بمقود التاريخ، تتطلع إلى غايات عليا، رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً/ معاً معاً، يداً بيد، معاً معاً كتفاً بكتف، على محجة واضحة نحج بها إلى مستقبل واعد، وسودان واحد وغدٍ جديد).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية