رأي

الهجرة الأفريقية للسودان

سأتناول اليوم موضوعاً شديد الحساسية يتجنب الكثيرون تناوله حتى لا يتهموا بأنهم عنصريون والحقيقة أن مواجهة هذا الأمر ستؤدي إلى الوصول للحقيقة وتقود إلى حل سلمي للمشكلة تلك المشكلة هي الهجرة الكثيفة للأفارقة من غرب وشرق أفريقيا إلى السودان. بالنسبة لغرب أفريقيا بدأت الهجرة منذ مطلع القرن الماضي فجاءت قبائل بأكملها واستقرت في السودان اختلطت بأهله فلم يعد أحد يستطيع أن يقول لهم إنكم لستم سودانيين.
والحقيقة أن سبب الهجرة الكثيفة للسودان سببه أنه كان هناك فراغ سكاني بعد حروب المهدية الكثيرة وكان البلد متسعاً وخيراته وفيرة وأمطاره غزيرة وكل قبيلة تختار المساحة التي تعجبها وتعتبرها ملكها ولا أحد يلومها.. وعندما جاءت القبائل من غرب أفريقيا تقبلها الجميع لعدة أسباب أولاً لأنها كانت قبائل مسلمة شديدة التعصب للإسلام كما أن بعضها حضر ومعه أبقاره فساهم بزيادة الإنتاج مثل (الأمبررو) وقد اختارت قبيلة الأمبررو منطقة جنوب النيل الأزرق وهي تفضل دائماً العيش خارج المدن. هذا إضافة لملايين أخرى استقرت في القرى دون أن يعترضها أحد وقد كانت الإخوة الإسلامية تمنع (الناس) من التعرض لهم لأن بلاد المسلمين ملك لكل المسلمين. فالإسلام لا يعترف بالكيانات القطرية الضيقة فأرض الإسلام هي التي بها مسلمون. وجاءت قبائل غرب أفريقيا بأعداد كثيفة واختارت مناطق الفراغ السكاني فاستقرت في شرق السودان ووسطه ولم يعترضها أحد لأنها كانت فئة منتجة بل إنه لولا هذه القبائل القادمة من غرب أفريقيا لما نجح مشروع الجزيرة.
يبقى أن ندرك أن سبب الهجرة هو أنه كان هناك فراغ سكاني وكان لابد من ملئه وهي مشكلة تواجه حتى الدول الكبرى مثل أمريكا التي لم تجد مفراً في النهاية سوى تقنين الهجرة والسماح لكل من يريد الهجرة لأمريكا بالحضور بعد أن يوفق أوضاعه. وأصبح المجتمع الأمريكي الآن خليطاً من عدة شعوب توحدها اللغة الإنجليزية. وقد حددت نسبة مئوية ثابتة لعدد المهاجرين سنوياً ولم يعد هناك داعٍ لتسلل عبر الحدود بطريقة غير قانونية.
ونحن بإمكاننا عمل ذلك بدلاً من اللجوء إلى الحلول غير المنطقية التي ينادي بها البعض. فمن المستحيل طرد كل المهاجرين الأفارقة لأن هؤلاء حضروا لوجود فراغ سكاني. ففي البداية لابد من ملء هذا الفراغ. ولكن كيف يُُملأ هذا الفراغ وأكثر من 2 مليون سوداني هاجروا إلى دول الخليج الغنية.
أولاً نقول لكل السودانيين لقد اختلطنا مع المهاجرين الأفارقة ولم يعد أحد يفرق بين السوداني الخالص والسوداني الخليط فكلهم يحمل نفس الملامح ونحن بإمكاننا الاستفادة من الأيدي العاملة الأفريقية وهي قوة نشطة تؤدي أي عمل مهما كان الجهد فلابد من الاستفادة من هذه الطاقة الجبارة ومنحهم الجنسية وفقاً لشروط وأول هذه الشروط تأدية الخدمة العسكرية لمدة عام. ويمكن أن تقدم هذه الأسر واحداً من أفرادها وسيكون ذلك شرطاً لنيل الإقامة الدائمة وأن تشمل هذه الخدمة الإقامة في مدن جديدة حدودية وتعميرها. وأن يدرب أبناء المهاجرين على الحرف الصغيرة ويكونوا بذلك قوى منتجة بدلاً من مستهلكة. وأن تحفر الآبار والحفائر للاستفادة من المياه الجوفية. ويستفاد من الأمطار الغزيرة كل عام ليتوفر الماء كل العام. فالمهاجرون الأفارقة كانوا دائماً قوة إنتاجية وقتالية دافعت عن السودان بكل (بسالة) منذ المهدية. ولا يصح أن ينسى دورهم هذا، المطلوب فقط تقنين أوضاعهم وإجبارهم على أداء الخدمة الوطنية. فنحن نعاني من نقص في الأيدي العاملة جعلت الأقطار من حولنا تطمع فينا وبتدريب هؤلاء المهاجرين ستغلق الحدود نهائياً أمام أي محاولة لتسلل وستصبح القرى الحدودية مواقع للإنتاج خاصة وأن الأمطار غزيرة ولن تحتاج هذه القرى لمناطق أخرى تزودهم بالغذاء فكلهم غذاؤهم الذرة التي تنبت في كل مكان. ولابد من البحث الآن لتقنين أوضاع المهاجرين بدلاً من التفكير في طردهم وإبعادهم فهؤلاء الناس أصبحوا سودانيين شئنا أم أبينا وهم يمثلون الجيل الرابع أو الخامس ولن يستطيع أحد الزعم أنهم غير سودانيين، فقط نود الاستفادة من طاقاتهم الجبارة لتقنين أوضاعهم وبذلك نقضي على الفراغ السكاني لنحل مشكلة الأيدي العاملة لإضافة قوى منتجة لا تعامل على أنها قوى أجنبية بل هم سودانيون مخلصون ومسلمون بعضهم جاء للسودان بأبقاره.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية