سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم "ميان دوت وول" لـ(المجهر): (1 – 2)
أحداث ساخنة شهدتها دولة جنوب السودان خلال الأشهر الماضية جراء المواجهات الحربية المستمرة بين الجيش الشعبي بقيادة الفريق أول “سلفاكير ميارديت” والمتمردين عليه بقيادة نائبه السابق د. “رياك مشار”.
وكانت مدينة “بانتيو” بولاية الوحدة مسرحاً لتنفيذ مجزرة بشرية بشعة ضد مواطنين سودانيين بينهم مدنيين في ما تردد أن معظهم من مسلحي (الجبهة الثورية)
(المجهر) طلبت جلوساً سريعاً إلى سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم سعادة “ميان دوت وول” وساعد في ترتيب الموعد السكرتير الإعلامي للسفارة “قبريال دينق”:
} أين تقف عملية تنفيذ اتفاقيات التعاون بين السودان وجنوب السودان حالياً في ظل المتغيرات الداخلية في جوبا؟
– العلاقات بين الخرطوم وجوبا جيدة..
} (مقاطعة).. كيف تكون جيدة ولم تدخل اتفاقيات التعاون حيز التنفيذ حتى الآن؟
– لا توجد فيها مشاكل، والدليل على ذلك الزيارة الأخيرة للرئيس “سلفاكير” إلى الخرطوم، وتقريباً الرئيسان والآليات كلها تعمل والوزراء من الخارجية والنفط كانوا حضوراً خلال الزيارة في الخرطوم.
} وماذا عن مخرجات زيارة الرئيس “سلفاكير”.. لم يخرج شيء سوى الاتفاق على فتح المعابر؟
– فتح المعابر جزء لا يتجزأ من تنفيذ اتفاقيات التعاون، وتقريباً الرئيسان ناقشا كل الموضوعات والأجندة بما فيها موضوع أبيي، والقضايا العالقة في أبيي تم النقاش حولها، ووجها بتسريع تنفيذ الاتفاقية من خلال توجيههما لوزيري الدفاع بالإسراع في تنفيذ مخرجات اتفاقيات اللجنة الأمنية، لأن كل الموضوعات مرتبطة بذلك، ووزيرا الدفاع لو نفذا ذلك ستكون كل الاتفاقيات سهلة التنفيذ.. هذا مجمل ما دار في قمة الرئيسين الأخيرة.
} وما هي العقبات التي تقف أمام اللجنة الأمنية ولا تمكنها من بداية تنفيذ الاتفاق الأمني؟
– العقبة هي قضية تحديد نقطة الصفر، والخريطة فيها تحفظات من الجانبين، وعند ترسيم الحدود على الأرض يعترض كل طرف على تبعية مناطق بعينها للطرف الآخر، وهذه هي الإشكالية تحديداً وهذا هو الاختلاف.
} أليس للخلاف علاقة بدعم وإيواء المعارضات؟
– لا علاقة لها بذلك.. الخلاف حول نقطة الصفر.. وعند وصول الطرفين إلى الأرض ووضع الأجهزة يعطي القمر الصناعي والأجهزة مؤشرات مختلفة عن ما يريده كل طرف، لذلك يرفضان، ونحن نشجع موضوع الترسيم ونقول إنه خارطة مؤقتة ولا علاقة له بترسيم الحدود بين الدولتين، وهي ليست الحدود الدائمة وتستعمل في نشر القوات والمراقبين وموضوع الشد والجذب القائم بين الطرفين حول دعم كل طرف لمعارضة الآخر سينتهي بعد تلك الإجراءات، وينسحب كل طرف إلى داخل حدوده عشرة كيلومترات وينشر المراقبين.
} وما الموضوع في الأجندة بعد توجيهات الرئيسين لقادة اللجنة الأمنية في البلدين ولوزيري الدفاع؟
– طبعاً التوجيهات صدرت لهما بتسريع اجتماعاتهما لبداية تنفيذ الاتفاقيات والخروج بأشياء لتنفيذ الاتفاقيات..
} (مقاطعة).. هل وضع سقف زمني للوزيرين واللجنة الأمنية للفراغ من أعمالهم؟
– لم يوضع سقف زمني محدد، ولكن وُجِهوا باستعجال عقد اجتماعاتهم وتسريع تنفيذ ما اتُفق عليه.
} لكن الوزيرين اجتمعا عشرات المرات.. ما الجديد الذي يمكن أن يضيفه اجتماعهما القادم؟
– الجديد وجود توجيه من الرئيسين..
} (مقاطعة).. الرئيسان نفسهما أصدرا عشرات التوجيهات والواقع على الأرض لم يتغير؟
– لم يوجها مجتمعين، وإنما كانت التوجيهات تصدر من كل رئيس منفرداً، ولكنهما في هذه المرة وجها مجتمعين، وهذا هو الجديد، وفي المرات السابقة كان كل رئيس في دولته ينادي على وزيره ويوجهه.. ولكن هذه المرة، الرئيسان وبوجود الوزيرين في مكان واحد أصدرا التوجيهات.
} هناك معلومات تقول إن زيارة الرئيس “سلفاكير” المفاجئة إلى الخرطوم سببها ملف دعم المعارضات؟
– الرئيس جاء وفقاً لدعوة موجهة له من الرئيس “البشير”، ولو لاحظت فإن الرئيس “البشير” قد ذهب في زيارة إلى جوبا في يناير الماضي، وعُرف العمل الدبلوماسي يفرض رد الزيارة، وبالتالي الرئيس “البشير” كتب دعوة للرئيس “سلفاكير” وجاءت الزيارة الأخيرة.
} لكن البعض يربط الزيارة بدعم المعارضات؟
– لا علاقة للزيارة بدعم المعارضات، وقد تكون ظهرت في مناقشات القمة، ولكنها لم تكن الهدف الرئيسي من الزيارة.. الهدف الرئيسي كان تسريع وتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع.
} وما الموقف من دعم المعارضات؟ هل توقفت أم ما زالت مستمرة؟
– لا أستطيع القول إنها مستمرة أو إنها توقفت، ولكننا نريد أن تكون هناك إرادة وجدية من كلا الطرفين لتنفيذ الموضوع ورسم المنطقة العازلة، والآن لا توجد مراقبة، ومن طرفنا نطالب بالجدية والإرادة.
} أنتم كطرفي صراع داخل الجنوب مع الدكتور “رياك مشار” تبادلتما الاتهامات بأن الحركات المسلحة السودانية لعبت أدواراً هنا وهناك.. ماذا تقول؟
– (والله هذه حاجة موجودة طبعاً).. والآن هم يتهمون حركة العدل والمساواة بأنها وقفت مع الحكومة في الجنوب في تحرير مدينة بانتيو، ويتهم بذلك الدكتور “رياك مشار”..
} (مقاطعة).. هل هذا الاتهام صحيح بأن حركة العدل والمساواة وقفت مع حكومة الجنوب والرئيس “سلفاكير” في تحرير مدينة بانتيو؟
– هذا الكلام غير صحيح ولا يوجد شيء كهذا.
} ألم تقل الحكومة في الجنوب إن هناك أطرافاً سودانية وقفت مع الدكتور “رياك مشار”؟
– كشيء رسمي.. الحكومة لم تقل ذلك، وهذه شائعات.
} وهل فعلاً سيطر الدكتور “رياك مشار” على بانتيو في اليومين الماضيين؟
– على العاصمة نعم، وأنا يمكن أن أقول لك حتى الآن هم موجودون في العاصمة وهذه لا ننكرها، والوالي خرج منها، وهذه بانتيو، ولكن الولاية فيها تسع محليات.. هذه مؤامرة من الداخل.. وهناك عناصر تسللت وسلمت نفسها، ونفذوا مؤامرة باتصال خارجي ودخلوا إلى بانتيو، رئاسة الولاية هم موجودون فيها، ولكن بقية المناطق لا وجود لهم فيها.
} “مشار” قال إن لديه هدفين هما النفط وجوبا.. ماذا تقول حكومة الجنوب في ذلك؟
– هذا رأيه واسأله هو.
} وما رأي الحكومة في الجنوب؟
– هذا رأيه، وهذا حديثه، والحكومة ستدافع عن نفسها.. وهذا هدف إستراتيجي بالنسبة له، والحكومة كذلك لديها أهدافها الإستراتيجية.
} (مقاطعة).. وما هي أهدافها الإستراتيجية؟
– أصلاً كدولة تحمي ممتلكات الدولة، والنفط وغيره هي ممتلكات للشعب وليس ملكاً للحكومة، وغداً يمكن أن يأتي للحكومة.. والموجود إذا خرج هل يعمل على تدميرها؟ هذا لن يتم، والنفط ملك للشعب، وهو غداً لو جاء بالانتخابات هل سيدمرها؟ ومعروف أن مورد جنوب السودان هو النفط ويستخدم في التنمية وفي هذه الأشياء، ولو دمرها فسيحتاج إلى زمن، والحكومة لديها شرعية المدافعة عن ممتلكات الشعب ومن بينها النفط.
} ما هو موقف تدفق النفط الجنوبي عبر الأنبوب السوداني ومدى تأثره بالمعارك في الجنوب؟
– أعالي النيل هي الآبار الوحيدة التي ما زالت مستمرة، وهي الأكبر إنتاجاً منذ أن كان السودان موحداً، وهي ما زالت مستمرة وتنتج.. أما نفط ولاية الوحدة فقد توقف منذ ديسمبر من العام الماضي، وكان العاملون بالشركات قد انسحبوا.. أما أعالي النيل في (فلج) و(عدارييل) فالنفط مستمر.
} وهل سيغطي نفط أعالي النيل العجز الناتج عن توقف نفط ولاية الوحدة؟
– ولاية الوحدة كان إنتاجها قليلاً أصلاً، وعندما أغلق تدفق النفط كانت تنتج (45) ألفاً.
} وبالنسبة للعائدات.. هل تستمر بشكل طبيعي أم أنها متأثرة بالمشاكل القائمة؟
– لا توجد أية مشكلة.
} التحويلات النقدية.. هل تتم بشكل طبيعي؟
– لا توجد أية مشكلة، ومنذ بداية تدفق النفط بعد اتفاقية أديس أبابا مستمرة بشكل طبيعي ولا توجد أية مشكلة.
} وماذا عن تقديرات العائدات النفطية الشهرية وتقاسمها بين الدولتين.. كم تبلغ؟
– لا أستطيع أن أقول لك.. هذا مرتبط بالإنتاج وهو غير ثابت.
} وكم تبلغ بالمتوسطات أو بالتقريب؟
– لا أستطيع أن أقول لك، لأن هذه أسرار الدولة.. (ضاحكاً).
} هناك حديث بأن أبيي حالياً تشهد توتراً بين الطرفين.. ماذا تفيد متابعاتكم للأوضاع في أبيي؟
– أبيي أصلاً في العام الأول ومنذ مارس كانت فيها توترات كبيرة، ولكن بعد وصول قوات الـ(يونيسفا) على الأرض الآن انتهت، وفصلت الطرفين وأنشأت ممرات لرعاة (المسيرية) الذين يذهبون في فترة الصيف نحو الجنوب وصولاً إلى البحر، والـ(يونيسفا) أنشأت لهم ممرات وطرق يسيرون فيها.
} (مقاطعة).. وماذا عن الشكاوى حول وجود أو دخول أطراف مسلحة إلى المنطقة؟
– أنا قلت لك إنها وقفت، والآن لا توجد أطراف مسلحة، وفعلاً كانت المنطقة تعيش صراعاً.. (ومنذ أن قتلوا السلطان، أبناء نقوك كانوا زهجانين وقالوا هؤلاء يجب أن لا يسيروا إلى البحر حقنا)، وهذه أشياء تقليدية سودانية عادية، ولكن قوات الـ(يونيسفا) فصلت هؤلاء الناس وسمحت لأبناء (المسيرية) بأن يسيروا بالأبقار والعبور إلى البحر ليشربوا من هناك، وأصبح هناك هدوء.
} وماذا عن تسوية الوضع النهائي لأبيي؟
– موقف حكومة جنوب السودان في هذه القضية كان واضحاً، وهو أننا موافقون على المقترح وخارطة الطريق التي قدمها “ثابو أمبيكي”، والحكومة السودانية كانت رافضة ولديها تحفظات، وقلنا أن يتم أولاً تكوين جسم للمفوضية وهي مناصفة من الطرفين، اثنان لكل طرف، وشخص خامس من الاتحاد الأفريقي، والحكومة السودانية لديها تحفظات في هذه القضية، وحتى (دينكا نقوك) نظموا الاستفتاء، وكان موقف حكومة جنوب السودان منه واضحاً.
} وهل الرئيسان وضعا في القمة الأخيرة أي ترتيبات خاصة بأبيي؟
– لا.. لم يوضع شيء، لأن كل طرف لديه موقف، والحكومة السودانية رافضة لمقترح “أمبيكي”.
} طيب.. وما الجديد بشأن أبيي في قمة الرئيسين الأخيرة؟
– لا يوجد شيء صدر عنها، ولكن الجديد هو في النفط، وأبناء (دينكا نقوك) يطالبون بمنحهم نسبة (2%) من النفط، ويقولون إن (المسيرية) مستمرون في أخذ نسبتهم في ولاية غرب كردفان، وولاية واراب لا تصلها تلك النسبة المنصوص عليها في الدستور وفي الاتفاقية، وهم يقولون (اعطونا حقنا مثل (المسيرية)، والآن إنتاج النفط في أبيي مستمر، وقالوا منذ دخول الجيش إلى أبيي في 2011م هم لم يجدوا حقهم من النفط، والحكومة تقول إن النسبة لا علاقة لها بالإدارة وإنما هي خاصة بقبيلة (المسيرية)، والآن لديهم مشروع تنمية مناطق (المسيرية) ونحن كذلك عندنا تنمية مناطق (الدينكا).
} وكيف تتم إدارة النفط في أبيي في الوقت الحالي؟
– حتى الآن ليس لدينا يد فيها، ومنذ 2011م نحن كحكومة جنوب السودان وحتى الآن لم نجد من عائدات نفطها شيئاً، وتقريبا لدينا (44%)، و(2%) للدينكا و(2%) لولاية واراب.. وأستطيع أن أقول لك إننا حتى الآن ليس لدينا شيء من النفط المنتج في أبيي.
} الجنوبيون السودانيون في السودان ما واقعهم وكيف يعيشون وما هي خطتكم لترحيلهم؟
– هناك لجوء مستمر من ولاية الوحدة وأعالي النيل، وأغلبية اللجوء من أعالي النيل، وهم موجودون في منطقة اسمها (كيلو عشرة) بكمية كبيرة تزيد عن (27) ألفاً.
} وكيف هي أوضاعهم الإنسانية؟
– (ما بطالة)، ولكنها غير مشرقة، لأن حكومة السودان رفضت وصول المنظمات وتمسكت بتقديم المساعدات عبر المنظمات الوطنية، ونحن نشكر المنظمات الوطنية على دعمها.
} وماذا عن الملفات الخاصة بالتعليم والصحة بين البلدين.. وكيف تتواصلون مع المؤسسات التعليمية في السودان؟
– (والله ممتازين) سواء في التعليم العالي أو التعليم العام، والآن نحن نجد منحاً مستمرة خاصة من الجامعات الخاصة، وتمنح بعثات لأبناء جنوب السودان.
} هل توجد إحصاءات أو تقديرات لعدد الطلاب الجنوبيين في الجامعات السودانية؟
– نعم حوالي (8) آلاف طالب، مستمرون في الدراسة، والآن سيصل إلى الخرطوم وزير التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا في حكومة جنوب السودان بغرض التعاون وتفعيل الاتفاقيات، وسيأتي معه مديرو الجامعات الحكومية في الجنوب، وسيتحدثون مع رصفائهم في السودان لتبادل الخبرات، والتعاون في مجال التدريب وغيره.
} الرئيس “البشير” تحدث قبل فترة عن إمكانية ابتعاث خبراء سودانيين في مختلف المجالات إلى الجنوب.. هل تم عمل من هذه الشاكلة في الفترة الماضية؟
– هذا موجود، و”سلفا” أيضاً وجه كل المؤسسات، (والآن يوجد ناس كتااااااار دايرين يجوا عشان يتدربوا هنا).. وطبعاً هذا لا نعلنه، وهم أطباء في الذرة والطب النووي، وهذه المسائل مستمرة، وكذلك في كل مجالات النفط.