حديث لابد منه (21)
ذكرنا في الحوار الساخن الذي دار أثناء الإعداد لزيارة الأخ رئيس الجمهورية وقتها “جعفر محمد نميري” ليشهد مهرجان العمال الكبير والحاشد، وقد تم الاتفاق على البرامج المصاحبة وفقرات الاحتفال والتي طلب الأخ المشرف السياسي الأستاذ “بدر الدين سليمان” أطال الله عمره وتولاه تحديد الآيات التي تقرأ والقارئ الذي يقرأ ذلك، وذكر أن القرآن فيه آيات السلم وآيات الحرب، فقلنا يقرأ القارئ من قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، فوافق ببسمة عريضة وقد أعجبه ذلك وهو لا يدري ما تحتويه هذه الآيات، وحددنا له القارئ وهو الأخ “الجعلي إبراهيم” من عمال السكة الحديد، ولابد من الإشارة إلى أن عمال السكة الحديد يوجد فيهم الكثير من حفظة القرآن الكريم والكثير من أهل الفقه والعلوم الإسلامية، فكان وفد المقدمة والذي حضر قبل مجئ الأخ الرئيس بيومين هما الأستاذ الدكتور “علي محمد شمو” وزير الثقافة والإعلام والله أسأل أن يصبغ ثوب العافية ويبارك في عمره، والدكتورة “فاطمة عبد المحمود” وزير الشؤون الاجتماعية بنظام مايو أطال الله عمرها ونفع بها أهل السودان.
وقد تم استقبالهما وإنزالهما في سكنهم المحدد بـ(حي السودنة) بالسكة الحديد، ولقد عاجلني الأخ الأستاذ “علي شمو” بقوله: (يا أخ عباس ما رأيك في أن تتولى المرأة الوزارة؟)، والدكتورة “فاطمة عبد المحمود” كانت حضوراً وكانت حريصة على الرد على هذا السؤال، فقلت لا مانع أن تتولى المرأة الوزارة والوزارة التي تناسبها هي (وزارة الداخلية)، وهي التي تعد الجيل وتربيه وتحافظ عليه، وقد فهم الأستاذ الدكتور إشارتي فضحك ضحكة مجلجلة، ونظرت إليّ الدكتورة “فاطمة” ملياً، وقد أصدر الأستاذ “محمود محمد طه” رسالة في كتاب بعنوان (رئيس النقابة العامة لعمال السكة الحديد يفتي بعدم أن تتولى المرأة الوزارة)، ومن لديه كتب الأستاذ “محمود محمد طه” قد يجد هذه الرسالة ضمن رسائله. ثم حضرت الدكتورة “فاطمة عبد المحمود” اجتماعاً جمعنا بالأخ المشرف السياسي للوقوف على الحشد، فذكرنا له أن (إستاد عطبرة) سوف يضيق بالحضور وقد لا نجد موقع قدم خالٍ بالإستاد.. ثم قال إن الدكتورة “فاطمة عبد المحمود” تريد أن تقدم سؤالاً لكم، قلت له: إذن نسمع سؤال الدكتورة، فقالت: بانفعال شديد لماذا تم إهمالكم لرافد مهم من روافد ثورة مايو؟، قلت: ما هذا الرافد؟، قالت: لقد أهملتم المرأة فلم تقدموا لها دعوة، قلت لها: الاحتفال بالمهرجان مفتوح بـ(إستاد عطبرة)، وسوف يحضره كل المنضوين تحت لواء النقابة العامة، وكذلك قدمنا الدعوة لكل قيادات وأعيان عطبرة والطرق الصوفية.. قالت: لم تقدموا دعوة للاتحاد النسائي، وهو رافد مهم من روافد الثورة.. قلت لها: نحن دعونا أعيان وقيادات عطبرة والطرق الصوفية، بالإضافة للمنضوين تحت لواء النقابة، ولا يشرفنا أن تأتي امرأة لهذا الاحتفال وهي غير محتشمة، فانفعلت وأرادت أن تناقشني مرة أخرى، فقال لها الأستاذ “بدر الدين” المشرف السياسي: ما قال لكي لم أوجه إليهن دعوة، وخرجت من الاجتماع وهي غاضبة، وقامت بعقد اجتماعات مع عناصر الاتحاد النسائي بـ”عطبرة”، ونحن نستعد لاستقبال الأخ رئيس الجمهورية “جعفر نميري”.
ماذا حدث؟ هذا ما سنقف عليه لاحقاً إن شاء الله.