ورحل الصحفي والأديب العالمي «ماركيز» صاحب مائة عام من العزلة
تناقلت الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء نبأ رحيل الروائي الذي امتهن الصحافة مبكراً “غبرائيل غارسيا ماركيز”. وقد أعلن الرئيس الكولمبي الخبر في بيان أذاعه بنفسه، وفي ذلك تقدير كبير للأديب العالمي الذي رحل مساء (الخميس) الموافق 17 ابريل 2014م حيث كان يتعالج بالعاصمة المكسيكية من داء الرئة الذي أنهكه كثيراً في سنواته الأخيرة .
“ماركيز”، هو صاحب رواية “مائة عام من العزلة” والحائزة على جائزة نوبل للآداب عام 1982، أمس (الخميس) في مكسيكو سيتي عن 87 عاماً.
ورحل “ماركيز” في بيته في مكسيكو سيتي كما قال مصدر مقرب من عائلته، بعد أسبوع من عودته إلى البيت من المستشفى حيث كان يعالج من نوبة التهاب رئوي.
وكان “ماركيز”، الذي يعرف لدى الملايين بلقب “غابو”، يعيش برفقة زوجته “مرسيديس بارشا” في المكسيك منذ فترة بعيدة في أجواء منعزلة لم تكن تخلو من مشاركات نادرة في بعض النشاطات الثقافية.
ويعتبر الكاتب الكولومبي، الذي بدأ عمله مراسلاً صحافياً، واحداً من الكتّاب الأكثر احتراماً وتأثيراً في جيله، وقدّم مساهمة كبرى في إغناء فن السرد الروائي في العالم.
وكافح لسنوات كي يصنع اسمه كروائي على رغم أنه نشر قصصاً ومقالات وروايات قصيرة عدة في الخمسينيات والستينيات أشهرها “عاصفة الأوراق” و”ليس لدى الكولونيل من يكاتبه”.
وحقق اسمه كروائي على نحو ملفت للانتباه في روايته “مائة عام من العزلة” والتي نال شهرة كبيرة بعد نشرها مباشرة في عام 1967، وباعت أكثر من (50) مليون نسخة في أنحاء العالم وأعطت دفعاً لأدب أميركا اللاتينية.
وفي الرواية، التي نال عنها جائزة نوبل للآداب، يمزج “ماركيز” الأحداث المعجزة والخارقة بتفاصيل الحياة اليومية والحقائق السياسية في أمريكا اللاتينية. وقال “ماركيز” إنه استلهم الرواية من ذكريات الطفولة عن القصص التي كانت ترويها جدته التي يغلب عليها التراث الشعبي والخرافات، لكنها قدمت أكثر الوجوه استقامة.
وولد “ماركيز” في السادس من آذار (مارس) عام 1927 في بلدة أراكاتاكا في مقاطعة (ماغدالينا) الكولومبية، والتي أصبحت النموذج لبلدة ماكوندو، البلدة المحاطة بأشجار الموز على سفح جبل سييرا نيفادا في “مائة عام من العزلة”.
أرسل “غابرييل” إلى مدرسة داخلية في “بارانكويلا”، واشتهر هناك كونه صبياً خجولاً ويكتب قصائد ساخرة و يرسم رسوماً هزلية، ولقب حينها بين زملائه بـ «العجوز» كونه كان شخصاً جاداً وقليل الاهتمام بالأنشطة الرياضية. وعلى رغم شغفه بالكتابة، إلا أن “غارسيا ماركيز” استمر في دراسة القانون عام 1948 إرضاءً لوالده.
وخلال زيارة لوالديه في مدينة سوكر الكولومبية، تعرف “غارسيا ماركيز” إلى ميرسيدس بارشا، وكان حينها لا يزال طالباً، ثم تطور التعارف إلى وعد بينهما على الزواج، وهو في عمر (13) سنة، وحين أنهى دراسته في عام 1958 تزوجها وبعد عام واحد أنجبا ابنهما الأول “رودريغو”، الذي أصبح فيما بعد مخرجاً سينمائياً، وبعد ثلاث سنوات، أنجبا ابنهما الثاني “غونزالو”، مصمم غرافيك مقيم في المكسيك.
أحيا “ماركيز”، سحر أمريكا اللاتينية وتناقضاتها المجنونة في أذهان الملايين، وأصبح رائداً للواقعية السحرية وأحد المدافعين الرئيسيين عنها، وهي تقوم على مزج عناصر خيالية في تصوير الحياة اليومية التي جعلت الاستثنائي يبدو روتينياً إلى حد ما.
ويقول “ماركيز” إن هذا الأسلوب يجمع بين “الأسطورة والسحر وغيرها من الظواهر الخارقة للعادة”.
وقالت الأكاديمية الملكية السويدية عند منحه جائزة نوبل في عام 1982، إن ماركيز “يقودنا في رواياته وقصصه القصيرة إلى ذلك المكان الغريب الذي تلتقي فيه الأسطورة والواقع”.
ومن أعماله المشهورة الأخرى “خريف البطريرك” الصادرة عام 1975، و”قصة موت مُعلن” عام 1981، و”الحب في زمن الكوليرا” التي صدرت عام 1986، ومن كتبه الحديثة “عشت لأروي” و”ذاكرة غانياتي الحزينات”. وترجمت معظم أعماله إلى لغات عدة منها العربية.
وتعتبر العزلة الموضوع الرئيسي لعدد من أعمال ماركيز، وليس فقط “مئة عام من العزلة” الذي يعتبر من أهم الأعمال في تاريخ اللغة الإسبانية. وحمل خطاب قبوله جائزة نوبل للآداب عام 1982، عنوان “العزلة في أميركا اللاتينية” وقال فيه إن “تفسير واقعنا من أنماط عدة، وليس من خلالنا نحن، يجعلنا فقط نشعر في كل مرة وكأننا غرباء عن عالمنا، ونصبح أقل حرية وأكثر وحدة في كل مرة”.
• نقلا عن عدة أبحاث توثيقية.