أخبار

حكومة ولاية كسلا

لي رابط خفي واستئناس غريب بـــ”كسلا” وسيرة أهلها، إني في هموم شواغل غيبيات الود (شرق)، لا أعلم تفسيراً لحالة الجذب هذه كلما ألتقي شخصاً من “كسلا” تتملكني حالة من الشوق لجهة أغرب ما في سبر حصادي معها، أني لم أزرها على كثرة الزائرين منها إلى قلبي والمقيمين فيه من “عبد العظيم حركة” إلى جارتنا (أم مودة) التي كلما ألتقيها أتلمس روحاً، هي خليط من العنبر الفواح والنباهة الجسورة و(تحنان) أهلنا الرصين، وكلما تطل في بيتنا أهمس في نفسي (التبسم العند الناس صدقك فيك علامة وسمت)، حيا الله (أم مودة) فحتى من (مهجرها) تملك قدرة على مد بصيرة التفاؤل، وهي قد صارت (جدة) وإني لأظنه حتماً(حفيداً)محظوظاً.
أجمل ما في الكسلاويين وسامتهم المعنوية التي تجعلهم فوق مخاطر العلل ونسيجهم المتماسك وأصلهم المتسامح، فالمنطقة ملك للجميع ودار سكني وهجرة وبلد طيب، وهي من بعد ولاية أجمل ما فيها أنها تجسد السودان كوطن وقارة، وقد تكون ولاية كسلا هي الولاية الوحيدة التي لم أسمع أن وفداً منها أتى الخرطوم شاكياً الوالي أو مادحاً له. ولم نرَ فيها خلافات حزبية أو أنشطة مدمرة مثل كثير من ضغائن السياسة والفرق التي غزت بلادنا، فلم تسلم منها ولاية إلا كسلا النابهة وقد تعجبت لهذا فقياساً على أجواء مواتية مثل هذه. ووفقاً لمعطيات كثيرة كنت للأمانة أتوقع طفرات تنموية وتنفيذية أكثر وأشد مما أرى وأتابع من على البعد وقد تلمست إحباطاً بين مواطنيها.
تتوفر لحكومة الولاية فرصة لا توجد في مكان آخر، فرصة بيئة الأداء دون التعرض لضغوط المخاشنات الحزبية والقبلية، والعمل بارتياح دون خوف من تحركات ضغوط الجماعات وزوار الخرطوم ومكاتب المسؤولين من حملة العرائض ومذكرات الاحتجاج. واقتصادياً تمتلك الولاية مقومات كبيرة لإدارة استثمارات كبيرة ومربحة، وأمنياً لا توجد مهددات ماثلة عدا تحركات المهربين للسلع والبشر، وهذه ليست إشكالية مرهقة خاصة مع تزايد التدابير الحدودية وفرار الناس والأجانب بجلدهم من شراك وأفخاخ المهربين بعد تحول الأمر إلى عمليات اختطاف ممنهج، وإحساس الجميع أن كامل المنطقة الشرقية صارت في مرمى نيران أكثر من جهة، حيث أن الغارات الإسرائيلية التي تظن أي كتلة بشرية متحركة سلاحاً يرحل إلى حماس، فترجمها بالصواريخ فاعتزل المهربون التهريب وآثر الزبائن السلامة والنجاة.
ولاية حكومة كسلا بحاجة إلى التحرك أكثر إلى دائرة الضوء والبيان، فإن اتضح أنها لم تفعل شيئاً ذا بال فإن عليها التحسب لنتيجة غير مؤهلة لها في المرحلة المقبلة، لأن الحكومة المركزية ستفكر حتماً في تدبير يوفر حكومة إنجاز وعمل يرى ويشاهد، ولئن كان بعض الولاة ينجحون في مواقع حروب وأزمات فما بال عذر والي كسلا.
بلد أهلها شعراء وأدباء، صوفية ومتسامحون، وادعون حتى في لحظات الغضب، فمن يفشل وقد ولي عليهم ..فاشل من نفسه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية