الديوان

عبد الحفيظ (للنظافة العالمية).. خدمات على ظهر (عجلة) بشارع الجمهورية.. !

قادتنا إليه (عجلته) ذات الشكل الغريب والمحملة بكل ما يخطر على البال وفي مقدمتها (علم السودان) وصورة (الرئيس البشير)، إضافة إلى لافتة إعلانية تشير إلى عمله ونشاطاته من حمل للبضائع وأدوات النظافة وأعماله التي يديرها عبر (مؤسسته الصغيرة – عبد الحفيظ العالمية)، ثم قادتنا إكسسواراتها إلى ضبابية ظروف صاحبها وبساطة دنياه، فـ”عبد الحفيظ” رجل استبانت خطوط الثقة على وجه حياته الكالحة.. ليضرب لنا مثلاً في إدارته لعنت الحياة بكل اقتدار، فهو يتقلب بين جنبات اليوم منذ السابعة صباحاً وحتى المغيب، يطوف بعربته مبعثراً الأمل على الطرقات، على شارعي (الحرية) و(الجمهورية) تستلقي على ظهر أحلامه بضائع المحلات التجارية في نهار الصيف الحارق، ويحصد نهاية يومه المليء بالأوساخ والغبار وكل الرهق إثر المشاوير الطويلة رافعاً شعار: (النظافة من الإيمان)، ورغم صعوبة عمله في مدينة لا تنام من الأوساخ جرذانها، فهو كل شكواه أنه يتضجر من نصف رنة لهاتفه الجوال أثناء تأدية عمله، معذور عمي “عبد الحفيظ” فهو من شدة تآلفه مع مهنته لم يشعر بمدى صعوبتها، لكنه حباً في كل ذلك يعمل ما بوسعه حتى يرسل لوالدته بعض الجنيهات ويلحق ما تبقى من وقت لبناء (عش الزوجية)، لكل ذلك إلتقته (المجهر) عن قرب.. فكان لنا معه الحوار التالي:
} في البداية قلنا له عرفنا بنفسك؟
اسمي “عبد الحفيظ عيسى هارون” من أبناء الجزيرة – محلية الكاملين – ريفي المعيلق.
} أول مهنة بدأت بها؟
كنت أعمل (كمساري) في خط بانت – سوق أم درمان ووقتها كانت اليومية (مائة جنيه)، الكلام ده كان سنة 84 وبعد داك عملت في النظافة مع “د. علي شبيكة” – سنة 1990م.
} وهسي بتعمل شنو؟
بعمل في نظافة المحلات والمكاتب وبنقل البضائع وأي حاجة فيها رزق حلال بعملا، وفي شارع الجمهورية هنا عملت عجلة (عبد الحفيظ للنظافة العالمية).
} ولماذا أسميتها بالعالمية؟
فأجاب بتفاؤل يحسد عليه: (لأنني مستعد وجاهز للسفر لأي مكان في العالم لأقوم بعملية النظافة).
} لماذا هذه المهنة بالذات؟
أنا أصلاً بحب النظافة، ولأن العمل في النظافة عمل ضراع وقروشو حلال، وفي الأول والآخر النظافة من الإيمان.
} والحياة هنا في السوق ماشة معاك كيف؟
– الزمن بقى صعب (العشرة جنيه) بقت ما بتعمل حاجة، طلب الفول بقى بـ(7 جنيه) كباية الشاي (جنيهان) ما تبقى منها لا يكفي حتى للحمام، وفي زمن “نميري” كان طلب الفول بـ(10 قروش).
} بتأكل من وين؟
بعرف أطبخ (أم رقيقة)، (كول) وأي حاجة، لكن الحاجات غالية عشان كده عايش على (أكل الفول) بس وبشرب (شاي) و(قهوة).
} بتسمع منو من الفنانين؟
بحب “زيدان إبراهيم” و”كابلى” حتى “محمد وردي” وتاني بسمع “قسمة” و”شادية” المصرية.
} بتسمع إذاعة؟
بتابع أغلب برامج (إذاعة المساء) وفي إذاعة أم درمان بتابع (صالة فنون).
} في الكورة بتشجع منو؟
مريخابي شديد.
} المشاكل التي تواجهك؟
ورغم صعوبة عمله رد بغضب عارم من أصحاب (المسكولات.. بس مشكلتي الأولى مع ناس المسكولات، يشبكوك طواالي مسكولات ما بنتظروا، شفقانين خلاص.. وأي حاجة بالنية وتاني ناس مكاتبهم وسخانة يدوك (10 جنيه أو 20 جنيه) وما بتكفي أنا عاوز (50 أو 60 جنيه).
} أها ناس المحلية كيف معاك؟
مبسوطين مني خالص ولو عاوزين هم ذاتهم بنضف ليهم وما عندي معاهم أي تعطيل.
} أحكي لينا عن عجلتك دي؟
هي أصلاً (عجلة لنقل البضائع) أو درداقة كانت بعجلتين، لكن الباقي ده من شغل رأسي اشتريته بي (50 جنيه) عملت ليها زيادة كرسي وميزان ووديتا الحداد وتاني عملت ليها صندوق وزاوية واشتريت ليها مراية بـ(60) جنيه وتاني عملت صندوق للعدة بعد داك ركبت فيها (لافتة)، (راديو) و(كروت) وزعتها للزبائن وهسي عندي نية لي بطارية. وطبعاً أنا بنقل بيها كل أنواع البضائع وبتتحمل أي قدر من الحمولة وكمان بشيل فيها جميع الأدوات البشتغل بيها في النظافة
} ناس المرور ما وقفوك؟
ناس المرور يشوفوها بعاينو سااي ومرات بضحكو بقوم أديهم (بوري) حاار وعجلتي دي مشهورة مافي زول بسرقا مني و(الجن) ذاااتو بعرفه وأي حاجة بالنية.
} بتمشي بيها لحدي وين؟
– أي حاجة بالنية، بمشي لحدي السوق العربي (فندق الأمير) و( بنك النيلين ) بس حتى الآن ما وصلت( النفق) وكمان عاوز أمشي بها في شارع (فندق السودان) عشان أعمل إشارات و(وهمات كده) .
} حاجة بتتمناها؟
بتمنى الخرطوم تصبح عاصمة نظيفة ذي ما كانت زمان
} كلمة أخيرة؟
– عاوز أسلم وأعمل إشارات للوالدة زهرة بـ (ريفي المعيلق) ، (خالتي خديجة)، (فرح عيد) و(آسيا حسن حماد). وأي حاجة بالنية والبقسمو ربنا كويس، سلامي (للرئيس البشير) و(حسن الترابي) وشكراً ليكم ومية مية الحمد لله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية