الديوان

(البودي جارد) ومديرو الأعمال…رجال لا يفعلون شيئاً..

ظهور الفنانين محاطين برجال أشداء لمنع معجبيهم من إلقاء التحية عليهم أو مصافحتهم ليس أمراً جديداً على الساحة الفنية الشبابية، فقد عُرف بعض الفنانين الشباب الذين لا يتعدى تأثيرهم بعض المعجبين والمعجبات في سن المراهقة، ولم تقتصر محاولاتهم للظهور ولفت الانتباه على استخدام أولئك الرجال الأشداء الذين لا يكادون يفعلون شيئاً حتى تفتقت عبقريتهم على شىء آخر وهو الاستعانة ببعض الأصدقاء الذين يوهمون من يتصل بهم أنهم مديرو أعمال الفنان فلان الفرتكاني.
استخدام نجوم الصف الثالث من الشباب لمديري الأعمال و(البودي جارد) بدأت قبل فترة قليلة للغاية مع تعدد المطربين وتكاثرهم وتنوعهم ومحاولة كل واحد منهم خلق (برستيج) خاص بهم، ليلقوا في روع الناس والإعلام أن الفنان الفلاني مطلوب بشدة ولهذا فهو يسعى إلى إحاطة نفسه بهالة من (البرستيج) أو الغموض.
بساطة المبدع وتلقائيته والتصاقه بهموم مجتمعه وقضايا وطنه الكبير هي ما تجعله خالداً في عقول وقلوب الناس خاصة إذا كان ذلك مقروناً بفن يتعايش مع الناس ويتنفس همومهم، وتلك هي التركيبة التي أدركها كبار مبدعينا «محمد وردي» و»محمد الأمين» و»عثمان حسين» و»أبوعركي البخيت» و»إبراهيم عوض» الذين لو كانت الحاشية تجري على ما يقدمه المبدع لكان هؤلاء يعيشون في أبراج عاجية ولكنهم آثروا النزول إلى معرفة حاجات الناس والالتصاق بهم وعدم التعالي عليهم فكان أن جعلوهم بمثابة الأيقونات التي تمنح الحب والإلهام والجمال.. لم يحدث أن جعلوا حاجباً أو (حامل أختام) بينهم وبين معجبيهم فتوثقت صلاتهم بجمهورهم وأصبحوا في منزلة الأصدقاء لهم.
ولكن في منطقة قريبة جداً من ذات المحيط الفني ولكنهم في ذات الوقت يعيشون في جزائر معزولة… استطالت بينهم وبين الجمهور حوائط وحواجز صنعها أولئك المطربون بسوء تدبيرهم وفقدانهم للكياسة والقدرة على التعامل معهم.
ظواهر غريبة
قبل فترة ظهر الفنان «أحمد الصادق» على مسرح نادي الضباط محاطا بعدد (30) (بودي جارد) لحراسته على خشبة المسرح ووجدت خطوته وقتها كماً هائلاً من النقد، كانت الحادثة بعد فترة قصيرة من ظهوره محمولاً على (هودج) يحمله أربعة رجال مفتولي العضلات في مهرجان (اماسي أم در)، و»أحمد الصادق» نفسه لا يرد على أي مكالمة في هاتفه الجوال ويدع الأمر لمن يطلق عليه (مدير أعماله).
جمعتني جلسة سمر بأحد الشعراء الشباب في إحدى الليالي وبعد فترة استأذنني لإجراء مكالمة مع المطرب «أحمد البنا» ليبلغه فراغه من إحدى القصائد، ولكن عندما فتح الخط رد عليه بالجانب الآخر شاب أخبره بأنه (مدير أعمال أحمد البنا).. نعم مدير أعمال (حتة واحدة) وطلبه بأن يترك رسالة يبلغها للمطرب الشاب، وقتها استشاط صديقي غضباً واستطرد مزمجراً: (ياخي هو متين بقى فنان وعندو معجبين عشان يعمل ليهو مدير أعمال؟). وحادثة أخرى كانت بطلتها الفنانة الشابة «ريماز ميرغني» عندما كلفت إحدى محررات صحيفة (فنون) قبل نحو أربع سنوات بأن تجري حواراً معها بوصفها مطربة جديدة وصاعدة ولكنها عادت بعد دقائق وعلامات الإحباط مرسومة على وجهها وهي تقول إن شخصاً رد على هاتف «ريماز» وقال لها إن الأستاذة نائمة الآن وعندما تصحو فإنه سوف يخبرها، وأبلغها أن تترك رقم هاتف للاتصال بها حال وجدت وقتاً لإجراء الحوارات الصحفية.
كثير من المطربين الشباب الآن لا يدركون الفرق بين مطلوبات البقاء في الساحة وبين ما من شأنه أن يطيح بهم ويجعلهم في غياب النسيان.. الغرور وإيهام المطرب لنفسه أنه قد وصل إلى ما لم يصله الآخرون.. دون أن يدركوا أن هذا الشعب مثقف جداً ويستطيع التمييز بين الغث والسمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية