الديوان

(تسمين العجول).. المشروع الذي أخرج الـخريجين من دائرة العطالة !

في نهارٍ صيفي حار بمنطقة (غرب أم درمان) وعلى الجبال، آثرت مجموعة من الشباب كان حاديها الأمل، أن تلتقي عند (السراب) سوى بعض من البقاع التي تنبض بالحياة، وحتى زيارتنا لهم كانت نابعة من إيمان وقناعة أننا سنقف على تجربة واقعية حقيقية ليست كتجارب مشاريع الخريجين المستحيلة أو الفاشلة.
آمال وطموحات اعترت خريجين في مشروع (تسمين العجول) بغرب أم درمان خاصة وأن أغلبهم ليسوا خريجي تخصصات في مجال (الإنتاج الحيواني) و(الطب البيطري) ونحوهما، فقط ساقتهم رغباتهم وأقدامهم ليتمسكوا بهذا المشروع الذي قدم لهم كمجموعة من الخريجين من الجنسين ليبعدهم من دائرة العطالة، بعد أن صالوا وجالوا وطرق كل منهم أبواب مكاتب الدولة والشركات الخاصة بحثاً عن العمل الشريف فلم يجدوه.
مشروع (تسمين العجول) مولته (مؤسسة التنمية الاجتماعية) وبرعاية (محلية كرري) التي وفرت المقر الملائم لقيامه. ولعل تجربة هؤلاء في (تسمين العجول) تكون دافعاً لآخرين أن يحذوا حذوهم ويشرعوا في مطاردة المشاريع حتى يجدونها، وأن يبذلوا كل ما في وسعهم لإنجاحها.
(المجهر) التقت بعدد كبير منهم واستفسرتهم حول هذه التجربة التي تعد أولى ونادرة لعدد كبير منهم إن لم يكن جلهم، خاصة الفتيات فعددهن كبير رغم مشقة العمل وبعده إضافة إلى مهدداته ونجاحه. استمعنا أولاً لقصصهن المشوقة وحكاياتهن مع المشروع الذي يسير بخطى جيدة رغم المخاوف والتحديات.
بداية تحدثت لنا “سلمى النجيب نور الدين” – خريجة زراعة عن تفاؤلها رغم إحساسها المختلط عن الوضع الراهن قائلة: إنها تعمل بالتغذية العلاجية والعمل بالمشروع أفضل بكثير من(العطالة) وانتظار صفوف الوظائف، وأكبر مشكلة تواجهنا هي الترحيل، إضافة إلى عدم وجود الكهرباء، أتمنى نجاح المشروع وأن تكون هناك دورات أخرى متاحة، وأشكر والدي لتشجيعه لي ومساندته.
أما “مدينة إدريس” – إنتاج حيواني – فقد عبرت عن خوفها قائلة: نحن نخشى من مرور الوقت دون تسويق لأنها ستعود بالخسارة على المشروع، ثم الخوف من عدم ثبات المشروع نفسه.
“هيام محمد عثمان” – بيطرة حياة برية وأسماك – قالت: كنت أعمل في مشروع أسماك في حاضنة المحس (كترانج)، لكن قضت على الأسماك مجموعة من (الطيور المهاجرة)، وبالتالي فشل المشروع وخرجنا منه دون تعويضات.
أما “إبراهيم علي محمد” – إنتاج حيواني تحدث قائلاً: هذا المشروع نتاج لعمل المحلية بالتعاون مع (مؤسسة التنمية التعاونية) و(وزارة الزراعة والثروة الحيوانية) مع دعم من حكومة الولاية للخريجين.
كما تحدثت إلينا بحماس “تسابيح حسين هاشم” – إنتاج حيواني قائلة: أول مرة أعمل في مجالي، وطبيعة هذا العمل والتخصص عموماً قاسية، لكنه أصبح حياتنا وأحببناه.
الخريجة “انتصار بشير”، فهي من (كلية الشريعة والقانون) قالت كان يحدوني البحث عن أي عمل يرضيني وعملت بالمشروع في التغذية ونلت بعض التدريب من زملائي ولا أشعر بالندم لعدم ارتدائي (روب المحاماة والوقوف أمام المحاكم) لأرتدي (ملابس الحقل)، كلها حلول لبعض مشاكل الحياة.
أما “آيات الصادق” – إنتاج حيواني 2009م – فقالت: هذا المشروع وفر لي فرصة عمل كخطوة مبدئية دون توقف وبحث عن عمل، والعمل هنا يتم عبر لجان بوضع يوم لكل لجنة، وعلى سبيل المثال (اللجنة الفنية) تقوم بمتابعة الماء وكمية (العليقة) و(أكل العجول)، عدا لجنة (الإشراف الصحي) فيجب تمثيلها يومياً ويوم (السبت) تجمع فيه التقارير ومتابعة عمل اللجان.
أما “بكري محمد سليمان” ـ هندسة مدينة – فقال: قدمت مع الخريجين الـ(50) ولم تكن هنالك تجربة سابقة لي ووفقنا في البداية.
ممثل الخريجين “مهدي غازي” – خريج تقنية صحية طبية- بدأ حديثه قائلاً: لدينا جمعية ائتمانية ساعدت في توفير التمويل الذي من شروطه أيضاً وجود جمعية هي (الخيرات)، ونريد أن نسمو بالفكرة ليس فقط للشراء، بل لمخاطبة اتحاد المواشي والاستثمار وولاية الخرطوم عبر الجمعية، خاصة أن الوالي تعهد بأن يكون هنالك تسويق على الرغم من أنه حصل بيع لبعض العجول التي تم تسمينها ونعتبرها بداية موفقة، كما أننا نحسب نسبة الخسارة (صفر) إذا سارت الأمور كما نتمنى.
وعن نجاحات وتحديات المشروع الذي بدأ في 22 فبراير يؤكد “مهدي” قائلاً: إنه في شهر أبريل الجاري يتوقعون نجاحاً للمشروع، وإن دور (مؤسسة التنمية الاجتماعية) تحديد الدورة المقبلة، فضلاً عن أننا نطمح للوصول لارتباط بين (وزارة الزراعة والثروة الحيوانية) للتوسع في العمل.
وعن مدى الاستفادة من (المسلخ) و(المستشفى البيطري) اللذين يقربان جداً من مقر المشروع أضاف وجود (المسلخ) ساعدنا في الوزن والذبح والسلخ للزبائن، وهنا تعهدت المحلية بتوفير ميزان للعجول.
مدير المشروع “محمد عمر” تحدث عن المشروع قائلاً: إن أهدافه تشغيل الخريجين بإيجاد فرص عمل لهم وهو مشروع استثماري قدم من قبل الولاية الموقع تابع لـ(محلية كرري) ووفرت فيه المياه والحراسة الأمنية، فنياً يستغرق (تسمين العجول) من (60_90) يوماً لتكون جاهزة للذبح، والآن (50%) منها جاهزة وبدينا في العرض والشراء الآن.
أما “عوض محمد” خريج شريعة وقانون فقال: لدينا طموح بأن يكون هذا المشروع مشروع المستقبل، وهو تجربة جديدة لا نستطيع أن نحكم عليها الآن إلا بعد انقضاء الفترة الأولى.
وأوضح “إيهاب عبد المجيد” – خريج تجارة وإدارة أعمال – وهو من فئة المعاقين، أن مهمته بهذا المشروع الإشراف الصحي في أيام محددة لي مع مجموعة الإشراف، تعلمت حتى (مسك العجول) لإعطائها الجرعة رغم إعاقتي.
أما الطبيبة البيطرية “تهاني إسماعيل” فأوضحت عن دورها قائلة: لدينا جرعات أساسية للعجول طاردة للديدان وتساعد في التسمين نعطيهم (ملتي فيتامين) لفتح الشهية و(الاندازول) للوقاية من الأمراض، وأضافت: الحمد لله حالتهم الصحية العامة جيدة جداً، ونقوم عادة بكتابة تقرير أسبوعي عن وضعهم الصحي وتفادي الإسهالات والجروح، والآن لعدم وجود ميزان بالنظر فقط هم بحالة ممتازة، ألوانهم ناصعة وجلدهم ناعم، وأوزانهم في زيادة كبيرة بمعدل اليوم كيلو.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية