الشيخ تميم
طبيعي بل وواجب أن تحتفي الصحافة السودانية وعموم السودانيين بزيارة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير “دولة قطر” الشقيقة في أول زيارة له للسودان بعد توليه مقاليد الحكم، فـ”قطر” بلد يحب السودانيين ويجلهم وسبقت منها الحسنى قولاً وفعلاً يوم أن تحولت بلادنا إلى ساحة لكل صاحب غرض وحاجة، ولعبت قطر أدواراً كبيرة في ملفات ساخنة وقضايا معقدة سياسية وغير سياسية لم تتعامل معها بانتهازية ولم توظفها إلا لصالح السودان الوطن فكسبت احترام الجميع وثقتهم.
الإسهام القطري رعاية وتمويلاً لمشروع السلام بدارفور يعد علامة مضيئة وسفراً قيماً وكتاباً ناصع البيان والتفاسير لماهية وحقيقة علاقات الإخاء، فـ(اتفاقية الدوحة للسلام) التي استظل تحتها (14) فصيلاً في جسم واحد بمسمى (حركة التحرير والعدالة) بقيادة “د. تجاني سيسي” لم تكن محض اتفاقية تنتهي مراسمها بحفل التوقيع، وإنما كانت مشروع عمل لصالح السلام ما يزال مستمراً يستقبل المؤمنين به من الحركات المسلحة ولا يردهم، وتتنزل برامجه الاجتماعية والتنموية في الإقليم الكبير بعطاء لم توقفه “قطر” أو تمتن به، ولم تطلب مقابله موقفاً وإنما قدمته من باب كرم الرجال وأهل الخلق فاكسبها ذلك تقديراً فوق تقدير.
إن “الشيخ تميم” إذ يحط رحله بالخرطوم إنما يزور وطنه ومواطنيه، ونحن في بلد يعرف أقدار الرجال ومقاماتهم، وفي يجل الأوفياء، وقد ظلت الخرطوم على مر التاريخ داراً تحتفي برموز الإسلام والعروبة، وبيتاً مفتوحاً ودار ود لكل القادة والزعماء وشعبنا من بعد شعب يعلي كثيراً من المواقف السياسية النبيلة التي تؤسس لها “قطر” وتحرص عليها بقدر احتفظت به وبمعايرة دقيقة بين منطلقاتها كبلد كبير وقائد وبين خصائص كل موقف واختصاص كل حكومة، وقد شهدنا كيف أنها وفي أشد أوقات العسرة وتوتر العلاقات العربية تقود السفينة بحكمة الكبار، فلا تمس شقيقاً بكلمة وموقف ولا تخلط الأوراق، فظلت وبقيت حريصة على التعاون والتواصل لم تفسد ودها مع أشقائها، بل على العكس كسبت مساحات من الاحترام إلا تفلتات من بعض الذين يظنون أن الإساءة إلى النبلاء مفخرة!
إن زيارة الشيخ تميم إلى الخرطوم سانحة لتجديد العزم من قيادة البلدين لترسيم لوحة عربية للتعاون والتواصل منزوعة الغل، تأكيداً على التشاور والتنسيق المستمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية، فضلاً عن سبل دعم وتعزيز علاقات الأخوة الوطيدة بين “السودان” و”قطر” وهو عين ما عبره عنه بيان سموه ليكون الأمر بأكمله تعاوناً لصالح الأمة العربية ولصحيح مطلوبات دعم المصالح المشتركة، فلتكن إذاً المسيرة متصلة، عمراناً وشراكة تفجر خيرات أرض السودان لصالح الأمة، ولتكن شراكة من أجل السلام والعدالة وصحيح الظن والمعتقد في الموقف السياسي طالما أن قاعدته أخلاقية ولا يعني بالضرورة أنك ضد الآخر آو تناهضه.