مجرد سؤال

الفحم والبصل و( الثوم والشمار)

قابلت عن طريق الصدفة أحد مصدري الزيوت في زمن السودان كان ينتج كمياتٍ كبيرة من الزيوت تكفي داخلياً ويتم تصدير الفائض.
سألته مازحة وأنا أعرف تماماً الحال ( وين بعد الزيوت ) قال لي : ( اتجهت للفحم ) وهو يقصد أنه أصبح مصدراً للفحم، وأنا أعرف جيداً حاجة العديد من الدول للفحم خاصة التي تنتشر الشيشة في مطاعمها وقهاويها… هنأته بالمهنة الجديدة وانصرفت لحالي وانصرف هو الآخر.
ولكن يبدو أن الأمر لم ينتهِ، لأنني بعد ذلك ومن حب الاستطلاع الصحفي عرفت أن السودان أصبح يصدر الفحم بكميات كبيرة . حمدت الله على هذه النعمة الكبيرة وقلت الله كريم ( نعم ما عندنا قمح نصدره ولا منتجات زراعية ولا قطن أحسن نصدر الفحم ). وتحسرت بعد ذلك على الغابات التي ذهب جلها مع الانفصال.. ( البترول ذهب وحتى الغابات ذهبت مع الانفصال ) وتناسينا الكلمات الجميلة التي كانت تحكى عن غابات الجنوب وعن أشجار الفواكه ( منقة وموز والأناناس لا تربال ولا حراس )…هذه الأشياء الجميلة ستصبح تاريخاً للأجيال القادمة.
رغم ذهاب معظم الغابات مع الانفصال فإن هذا يمكن تعويضه بحجز المزيد من الغابات … فالغابات وأشجارها وثمارها مطلوبة عالمياً كشجر الهشاب والصمغ والتبلدي والعرديب وغيرها من المنتجات الغابية الهائلة … فالأرض السودانية مؤهلة لإنتاج كل شيء ولكننا لم نستغلها الاستغلال الأمثل.. عندنا النيل والأرض والإنسان الذي يزرع ويعرف كيف ومتى يزرع.
لدينا كميات هائلة من الثروة الحيوانية المعروفة بخلوها من الأمراض بشهادة منظمة الأوبئة العالمية والصحة العالمي، ولكن صادراتنا مازالت دون المطلوب بكثير … الدول تعرف جيداً قيمة المواشي السودانية، سواء كانت حية او مذبوحة ولكن صادرنا ضعيف جداً.
أراضينا الزراعية ممتدة ولكن لم نزرع المحاصيل ذات الفائدة والتي تعود لنا بالقيمة المضافة، قلصنا مساحات القطن والحبوب الزيتية وبدأنا نزرع محاصيل أخرى لا قيمة لها.  وخرجنا من الأسواق العالمية التي كانت تصفق للصادر السوداني عندما يرسو على موانيها.
حتى الفحم الذي بدأنا في صادره احتجزت بواخره في الميناء… لماذا ؟؟ لا ندري .. من الذي أوقفه ؟؟؟ برضو ما عارفين ولا ندرى .. المهم حجزت وكفى.
إذاً ما هو دور وزارة التجارة باعتبارها الجهة المسؤولة مسؤولية تامة عن الصادر وتذليل كافة العقبات التي تواجهه .. فالأمر بحاجة للجلوس لمعرفة الأسباب وتذليلها إن وجدت مشاكل، فإذا أردنا صادراً منساباً وبصورة متواصلة علينا بتذليل كافة العقبات التي تعترض طريقه وهو كالاستثمار تماماً، فالاستثمار في السودان لا يمكن أن ينطلق ما لم نحل معوقاته والتي أولاً نزاع الأراضي ونزع الأراضي التي منحت للاستثمار، ومضى عليها الكثير من الزمن ولم يتم استغلالها والاستفادة منها … علينا أن لا نجامل في ذلك.. فالمجاملة سبب الدمار.
فقبل أن نوقع عقد الاستثمار علينا أن نضع الشروط في حالة عدم الاستغلال ثم نوقع العقد على بركة الله. والله تعالى يقول في الآية رقم ( 1 ) في سورة المائدة ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )، فعدم الوفاء بالعقود التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها ضرورية للطرفين، وإذا أخل أحد الأطراف بالعقد فعليه أن يقبل العقوبة المنصوصة في العقد الذي أبرم بينهما.
الدين الإسلامي به كل شيء فالذي يوقع بنا الضرر هو المجاملة ونعمل ألف حساب للذين لا يوفون بالعقود.
وأخيراً نقول لوزارة التجارة أطلقي عنان الفحم وأفسحي المجال واسعاً لبقية الصادرات الأخرى. وقبل ذلك لابد من تذليل كافة المشاكل والعقبات … فالدول التي تنقصنا كثيراً من ناحية الإمكانيات الزراعية مشت كثيراً، فلابد من الوصول للقمة ليتربع السودان اسمه عالياً في الأسواق العالمية. ونفخر جدا بـ ( صنع في السودان ) ( وإنتاج السودان )، حتى وإن كان فحماً وبصلاً وثوما وشماراً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية