تقارير

الوطني متفائل بطي الـخلافات .. الشعبي يطالب الرئيس بمنح الأمان والعفو العام والحريات

( الحوار الوطني) نغمة سياسية تدق في كل هواتف الأحزاب والحركات المسلحة وتطرب لها الحكومة في هذه الأيام، وينتظر الشارع السوداني لحنها لحل مشاكله الاقتصادية.
الخرطوم التي لم يغشها الربيع العربي على الطريقة السورية أو المصرية أو الليبية تبتدع طريقتها الخاصة في التغيير، بعد أن أعلن حزبا الأمة القومي والمؤتمر الشعبي عن دخولهما الحوار مع الحكومة من دون شروط، بينما تضع أحزاب أخرى من ضمنها الشيوعي والمؤتمر السوداني والبعث تحفظات من ضمنها تهيئة الأجواء، ووضعت الحركات المسلحة في دارفور ثلاثة مطالب لقبول مبادرة الرئيس «عمر البشير» لإجراء حوار وطني شامل داخل البلاد. وتضمنت الشروط إتاحة الحريات العامة، وإصدار العفو العام عن حاملي السلاح، بجانب وقف شامل لإطلاق النار.
حركات دارفور تنتظر الاستحقاقات.. الشيوعي والمؤتمر السوداني والبعث في صف التحفظات
وتتسارع الخطى بعد أن أعلن مساعد الرئيس، نائب رئيس المؤتمر الوطني «إبراهيم غندور»، عن تقارب الشقة بين حزبه وقوى المعارضة حول كيفية إدارة الحوار الوطني. وكشف أن لقاءً جامعاً بين الرئيس «عمر البشير» والأحزاب لتسمية شخصيات تدير الحوار. وأشار «غندور» إلى أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من اللقاءات مع قيادات القوى السياسية من أجل الاتفاق النهائي على كيفية إدارة الحوار وتحديد الزمان والمكان، بجانب كل الآليات المتعلقة به.
وقال: (الخلاف ليس بعيداً، بعض القوى ترى أن تكون إدارة الحوار من ممثلين للقوى السياسية في الحكومة والمعارضة، فيما يرى البعض الآخر، أن يدار من شخصيات مستقلة. وسيتم الاتفاق من خلال اللقاء الجامع لرئيس الجمهورية مع كل القوى السياسية).
ويرى أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي «بشير آدم رحمة» خلال حديثه لبرنامج (مؤتمر إذاعي) الذي بثته الإذاعة السودانية على الهواء مباشرة صباح أمس (الجمعة)، أن مبادرة رئيس الجمهورية للحوار الوطني التي طرحها من خلال خطابه في يناير الماضي ليست هي المبادرة الأولى، ويضيف متسائلاً: لكن ما هو المتغير الذي يجعل هذه المبادرة الرئاسية تختلف عن المبادرات الأخرى التي طرحت للتفاوض؟.. ويرد «بشير آدم رحمة» على سؤاله بالقول: لدينا أزمة اقتصادية لا يستطيع أحد أن ينكرها ولدينا مشاكل أمنية لا يستطيع أحد أن ينكرها، بالإضافة إلى التحولات الإقليمية التي جرت في دول الجوار مع ازدياد الضغوط الدولية – وهذه مسألة سياسية – بالإضافة إلى أن وضع المؤتمر الوطني ليس كوضعه السابق.
وزاد بالقول: لكل هذه المعطيات الداخلية والخارجية، جعلت هذه المبادرة المطروحة من قبل رئيس الجمهورية وهو في نفس الوقت القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونحن نعرف في كل البلاد أن القوات المسلحة هي تمثل قرني الاستشعار بالنسبة للوضع في الوطن ووحدته، ولذلك تأتي أهمية مبادرة الحوار من هذه النواحي. ونحن عندما درسنا كل هذه الأوضاع داخلياً وإقليمياًَ وعالمياً رحبنا بهذه المبادرة وذهبنا بقياداتنا للاستماع للرئيس «عمر البشير» في قاعة الصداقة، وكانت هذه أول مرة منذ (15) سنة – 1999م، لذلك نحن في تقديرنا أن الحوار هو الوسيلة الأنجع في ظل ظروف السودان الحالية من أي وسيلة ثانية ليغير النظام من وضعه. والحوار مهم لأنه ليس هنالك معادلة صفرية، بمعنى أن النظام لن يجد كل ما يبتغي بأن يستمر بنفس طريقته والمعارضة لن تجد نسبة (100%) مما تبتغيه.
وأشار «بشير» إلى أن الحوار سيقود الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة إلى نقطة وسطى لا توجد بها مصالح النظام بنسبة (100%)، ولا مصالح المعارضة بنسبة (100%) ولكن بها مصلحة الوطن.
وقال أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي إن اللقاء المعلن ما بين الرئيس «عمر البشير» والشيخ «الترابي» في بيت الضيافة بعد اللقاءات مع الأحزاب السياسية لمس من خلالها «بشير آدم رحمة» من خلال قراءاته بلغة الجسد واستماعه لكلمات الرئيس، أن هناك رغبة أكيدة من الرئيس – بل وقالها – إذا لم نتغير عن طريق الحوار أخشى أن نتغير بأسلوب آخر غير الحوار ويكون فيه ضرر على الوطن بما يدور حولنا. وأشار «بشير» إلى أن الرئيس كان متحمساً حماساً ظاهراً للتغيير بالإضافة إلى قيادات عليا أخرى في المؤتمر الوطني لديها الحماس. وأضاف بالقول: ولكن لا أنكر ولا أكون ساذجاً إن قلت إن كل أهل المؤتمر الوطني وعضويته على قلب رجل واحد، هنالك من يرفض هذا الحوار لأسباب شخصية، والرئيس صادق في هذه الدعوة ويرغب في التغيير خاصة وأنه أكثر من مرة قال إنه لا يود أن يترشح مرة أخرى. ولعله من ناحية شخصية إذا أراد الرئيس فعلاً أن يغادر، يريد أن يغادر والسودان في تلاحم وأمان وليس في فرقة وشتات.
ويقول رئيس المؤتمر السوداني «إبراهيم الشيخ» لـ(مؤتمر إذاعي): إن مبادرة رئيس الجمهورية للحوار منذ يناير الماضي أشار فيها إلى قضايا بعينها باعتبارها أزمة وتحتاج إلى حوار وعلاج.
ويضيف «الشيخ» بالقول: لدينا حصيلة من نقض العهود وعدم الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات ويجعلنا في موضع الشك والريبة من قبل دعوة الحكومة للحوار، ولا نستطيع أن نراهن على أي حسن نوايا، لأنه تعدى مرحلة حسن النوايا وأبرم وعقد اتفاقيات ولم يلتزم بها وتبلغ في مجملها (42) اتفاقية وأخل بها. والاتفاق الوحيد الذي نفذه هو اتفاق «نيفاشا» مع الحركة الشعبية، ولم ينفذه بالصورة المطلوبة والتي انتهت بفصل جنوب السودان.
ويضيف «الشيخ» بالقول: لا بد أن نتعلم بالتاريخ والتجارب ولا نستطيع أن نكرر الخطأ عدة مرات، ومنذ أن دعا رئيس الجمهورية للحوار الوطني في يناير لم يبدر من النظام ما يشير إلى أنه صادق وجاد في دعوته، بل سلوكه اليومي وأفعاله تؤكد عكس ذلك. ودونكم ما حدث في ندوة طلاب دارفور بجامعة الخرطوم، الحكومة لم تغير ذهنيتها ومواقفها. وما حدث من تداعيات ندوة (شمبات) وكنا قد كتبنا للأجهزة الأمنية أننا بصدد إقامة الندوة ولكنهم لم يردوا علينا، نحن لا يمكن أن نجني من الشوك عنباً.
ونبه «إبراهيم الشيخ» إلى أنهم لا يقفون ضد الحوار مع المؤتمر الوطني ويقول: لكي يكون هنالك حوار منتج ولديه قيمة ويفضي إلى حلول تطلع البلد من أزماتها، لا بد أن يشارك في هذا الحوار الجميع، ولا بد من وقف الحرب فوراً وسبق أن حدث ذلك في الترتيب لاتفاقية السلام الشامل، ولا بد من الحريات ومن ضمنها حرية الصحف، لا بد أن يتغير نمط التفكير ومنهج النظام، ولا بد أن تتوفر إرادته السياسية في اتجاه الحوار والتفاوض.
ويشارك أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر (الشعبي) «بشير آدم رحمة» رئيس المؤتمر السوداني «إبراهيم الشيخ» ذات الموقف الداعم لإفساح الحريات العامة. ويقول «بشير»: اتفق في مسألة الحريات لأنها مسألة أساسية حتى يكون هنالك حوار يقبل به الجميع. وأضاف: أظن حتى الرئيس في خطابه تحدث عن ذلك، وإنزال هذا الأمر من المؤمنين به إلى أرض الواقع.. تحدث الاختلافات، وأذكر أنني تحدثت مع د.»مصطفى عثمان إسماعيل» وقلت له: يا «مصطفى» (ما مكن تطرحوا حواراً ويحدث الذي حدث في جامعة الخرطوم).
فكان رد «مصطفى» أن خطأنا في المؤتمر الوطني أنهم لم ينقلوا هذا الكلام للأجهزة. ويواصل «بشير آدم رحمة» مطلوب من المؤتمر الوطني أن ينقل هذه الرغبة وهذا التأكيد للحوار للأجهزة المختلفة، والذي يلجأ للمسائل الأمنية دائماً ما يكون ضعيفاً سياسياً، ونحن لا نريد لهم أن يدخلوا الحوار وهم في مظهر الضعف، ونحن نريد أن يدخل حاملو السلاح في هذا الحوار ليكون جامعاً وحاملو السلاح يحتاجون إلى ثقة، ولذلك نحن في المؤتمر الشعبي طرحنا أن الحوار يكون داخل السودان، ولدينا قيادي التقى بالحركات المسلحة وأكد أنهم من حيث المبدأ لا مانع لديهم من الدخول في حوار، ولكن مسألة الحريات مسألة أساسية لكي يدخلوا للسودان ويطلعوا منه ويجتمعوا بأهلهم. ومطلوب من رئاسة الجمهورية أن تعلن وقف إطلاق نار وفتح ممرات للإغاثة بإشراك المجتمع الدولي، وهذه الحصيلة التي خرجنا بها من اتصالاتنا بالحركات المسلحة نبلغ بها «مصطفى عثمان إسماعيل و»إبراهيم غندور» ونقول لهما إذا كنتما تريدان أن ينجح هذا الحوار وقلبكما على السودان، ونحن متخوفون من اقتلاع هذا النظام بأي وسيلة أخرى غير الحوار، لأنها ستؤدي إلى مخاطر نراها اليوم في محيطنا الإقليمي وفي الدول العربية، وهذا هو السبب الأساسي وليس خوفاً من أي شيء.
وكشف «بشير» عن لقاء لقيادي من المؤتمر الشعبي بحركات دارفور وأضاف بالقول: لدينا خطوط مع الحركة الشعبية لم تنقطع ونحن نريد أن يأتي كل هؤلاء، ونحن متفائلون بحضورهم إذا تم وقف إطلاق النار وبسط الحريات وفتح الممرات الإنسانية وإعطائهم تأمين لقيادات الحركات، ليأتوا للخرطوم ويطلعوا منها حتى إذا اختلفت الحكومة معهم. والضمانات لا بد أن تصدر من رئيس الجمهورية شخصياً ومباشرة لأنها مسؤولية رئيس البلاد وتصدر من الأحزاب المشاركة في الحوار، حتى من ناحية أخلاقية إذا أخلت الحكومة بهذه الشروط كلهم يطلعوا. ويا حبذا إذا وجدت تعضيداً من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، حتى تأتي الثقة بين الحكومة والحركات المسلحة. ونحن لدينا تجربة في المائدة المستديرة عندما جاء «وليم دينق» من أنانيا (1) وكان ضد الحكومة للمشاركة في الحوار وأعطته الحكومة الأمان، وشارك وحاور ووقع السلام بعد أكتوبر، وحول حركة أنانيا (1) إلى حزب (سانو)، لذلك نحن لدينا تجربة ويمكن أن نعمل عليها، وهؤلاء سودانيون يحتاجون إلى وقف الحرب وإذا أردت أن ترقص تحتاج إلى شخصين.
وتقول حركة العدل والمساواة على لسان الناطق الرسمي باسمها «جبريل آدم»، إنها منفتحة تجاه كل قوى الإجماع الوطني والقوى السياسية السودانية ولها اتصالات وحوارات مفتوحة للجميع، ولكن ليس هناك أي لقاء مع أي من القوى السياسية بغية استكشاف المواقف. ويضيف «جبريل» بالقول :(حركة العدل والمساواة لها مذكرات تفاهم مع العديد من مكونات القوى السياسية السودانية في إطارها التنظيمي وفي إطار الجبهة الثورية السودانية، وستظل ممسكة بما تم التفاهم عليه في كل الأطر، ولم يحدث أي لقاء رسمي في «نيروبي» بين حركة العدل والمساواة وممثل للمؤتمر الشعبي، ولم نتطرق لأي شروط بغية المشاركة فيما يعرف بالحوار الوطني من عدمه.
وأضاف بالقول:( حركة العدل والمساواة لها موقف معلن للجميع تجاه ما يعرف بالحوار الوطني مرهون بإستحقاقات واجبة الدفع لا مساومة فيها، وينبغي على نظام المؤتمر الوطني الإيفاء بها قبل الحديث عن الحوار الوطني).
ويواصل «إبراهيم الشيخ» تأكيده على أنهم من حيث المبدأ يوافقون على الحوار ويقول: لا يوجد شخص عاقل أو تنظيم يرفض مبدأ الحوار، ونحن في وثيقة البديل الديمقراطي وضعنا من ضمن البدائل بعد أن تحدثنا عن سقوط النظام بالثورة الشعبية، أو ندخل مع النظام في حوار منتج عبر تسوية شاملة نصل فيها لكل الحلول. ولكن نحن نعتقد أن الحوار الجاري الآن هو حوار يتطلع إلى أن يبرم اتفاقيات مع جهات بعينها، اتفاقيات ثنائية، ونحن جلسنا مع السيد الإمام «الصادق المهدي» رئيس حزب الأمة القومي قبل (5) أيام وقال: النظام حريص على المؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي والباقي كله ساكت.
هنا تدخل «بشير آدم رحمة» ليقاطعه بالقول: (هذا كلام غير صحيح وبكل تأكيد). ورد «إبراهيم الشيخ» على «بشير آدم رحمة» دع «الصادق المهدي» ينفي ذلك ولست أنت، «الصادق المهدي» قال بعضمة لسانه إن النظام يتطلع إلى أن يبرم معنا اتفاقيات، وقلنا له نحن لا يمكن أن نمضي معك على هذا المنهج ولا بد من أن نشرك كل الأحزاب.
وأضاف بالقول: إن قلت هذا الحديث قاله «الصادق المهدي» في اجتماع مشهود ومحضور من أطراف عديدة جداً.
وواصل «إبراهيم الشيخ» قوله: هذا الحوار يتطلع إلى إبرام اتفاقيات مع جهات بعينها وحوار في مناخ غير ملائم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية