خطاب للحكومة
خطاب المشير”عمر البشير” رئيس الجمهورية للأمة السودانية أمس(الأحد) عبر مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي، يبدو وكأنه الجزء الخاص بالجهاز التنفيذي وعمل الدولة في ترافق وتزامن ومشروع الإصلاح السياسي، والحوار حول القضايا الوطنية المؤسسة لشراكة ايجابية في الحكم و المعارضة مع المكون السياسي العام بالبلاد. وقد ركز الخطاب بشكل صريح ولافت على الجانب الاقتصادي ودفع فيه بحزمة من العناوين والموجهات والمشروعات، كما تطرق للجانب الاجتماعي وطال العلاقات الخارجية وعرج على الإعلام، وإن أوكل أمر التفصيل في محوره للمؤتمر الذي تجري الترتيبات لعقده.
الخطوة الثانية التي سينتظرها الجمهور ستكون في تنزيل معاني الخطاب ومخرجاته في شكل قرارات وبيان أعمال على الواقع، فقد أقر الخطاب الرئاسي مثلاً بأن المجتمع والعلماء والعاملين الذين ينبغي أن يقودوا الدولة يحتاجون إلى دعم الدولة، وبالتالي فإن الاستفسار سيكون حول ماهية المقترحات والمعالجات الحكومية التي ستتنزل على هذه القطاعات، على صعيد دعم إعمال البحث العلمي وتهيئة بيئة العمل وجعل شورى العلماء وأساتذة الجامعات راجحة في كثير من الأعمال التي تتطلب اختصاصا ورأياً علمياً وفتوى، وكذلك ثمة تساؤلات الآن عن ماهية المقترحات لتقوية القطاع الخاص ليسهم كرافد قوي ومؤثر في إعانة الاقتصاد القومي وهكذا تتوالى الأسئلة ؟؟
في تقديرنا أن التوصل إلى قرارات وأعمال يراها الشعب هي المحك في اختبار الوثبة الحكومية، ولئن تفهم شعبنا بطء السير على صعيد الحوار السياسي لأسباب موضوعية أو غير موضوعية بناءً على حدة الخصومات السياسية وعلو مفاهيم الهواجس والظنون على حسن النوايا، فإن الأمر حين يتعلق بالجهاز التنفيذي فالسرعة يمكن أن ترتفع وتيرتها، لكون الجهاز الحكومي مرتباً ومنضبطاً ولأن البناء التنفيذي يسهل فيه اتخاذ القرار والتنفيذ أكثر من جهة الفعل السياسي. ولهذا فالمطلوب أن تترجم الحكومة خطاب الرئيس إلى قرارات وهيكلة وقرارات أهم ما فيها أن تلقى سبيلها للتنفيذ دون مطل ودون قتل، كما يحدث مع كثير من النفرات والمبادرات السابقة.
“البشير” ذكر حرفياً أن الأولويات يجب توجيهها لخدمة الإنسان السوداني، لتعمق الإيمان في نفسه وتنمية قدراته البشرية، للنهوض به اقتصادياً، من أجل ترقية حياته وحمايته اجتماعياً، بإشراكه في وضع وتنفيذ سياسات إدارة شؤون البلاد بأولويات قائمة على ميزان العدل بين المركز والولايات، بمعايير التنمية المستدامة والمتوازنة. وهذا حديث طيب وحتماً لا خلاف حوله وسيجد قبولاً بين الناس ولا أفضل من هذا، وطالما أنه قول أتى من رئيس الجمهورية والرجل الأول فإنها توجيهات واجبة النفاذ والتنفيذ، وأيما تلكؤ بشأنها أو ارتداد عنها للعكس يجب أن يجد الردع والحسم، لأن تعويق مثل هذه المبادرة يعني ببساطة أن هناك جهات تعمل ضد هذه البلاد وشعبها.
ترتيب ديوان الدولة وفتح شرايين الخدمات فيها والعمل، وانطلاق الجهاز التنفيذي إلى واجباته وفق رؤية وإستراتيجية، أمر من شأنه أن يطور الشكل العام للبلاد ويعيد الثقة في كثير تراجع واهتز.