رأي

كهرباء متوفرة وشوارع مظلمة

تلاحظون أن معظم أعمدتي تتحسر على أيام زمان. وكيف أننا رغم الفقر كنا نوفر كهرباء لكل شوارعنا. وكيف أن شوارعنا كانت نموذجاً للنظافة. وكانت إضاءتها بنسبة مائة بالمائة.
بالإمكان أن نعيد شيئاً من ذلك وليس الأمر بهذه الصعوبة.. لماذا لا يكون لكل حي بلدية تهتم بشؤون النظافة.. والإضاءة.. ولماذا لا تعود للخدمة المدنية عافيتها فيكون لكل حي مراقب للنظافة من موظفي الدولة، هذا أصلاً عمله. إن أسرار النجاح الماضي أن موظف الخدمة المدنية في أي حي يستمر عمله حتى لو كان خارج الدوام، ويستطيع تحرير القضايا للمخالفين، هذا بنشر الوعي بأهمية النظافة ويجعل كل أبناء الحي رقباء طوال اليوم على أمور النظافة.
لماذا تظل بعض الشوارع الجانبية مظلمة.. بالإمكان التغلب على ذلك بأن نبدأ برنامجاً للإضاءة لا يكلف الناس ولا الدولة مبالغ كبيرة، مثلاً أن تحدد مناطق معينة تكون الإضاءة فيها طوال الليل. المناطق قرب المساجد بإمكانها الاستفادة من كهرباء المساجد شبه المجانية لتنعم بالكهرباء طوال الليل، وليس كما هو حاصل الآن. الآن نجد أن الشارع الرئيسي به إضاءة قوية، بينما الشوارع الفرعية غارقة في الظلام. لماذا لا نحدد أعمدة معينة تكون كهربتها مستمرة طوال الليل. أو المساجد في الأماكن العريضة التي تتوفر لها الكهرباء بسعر مخفض، ولكل مسجد هناك إمام يراقب ذلك طوال الليل. لماذا لا يكون ذلك عملاً رسمياً بدلاً من طوعي، بالإمكان جعل كهرباء المساجد مجاناً مقابل تشغيل الإضاءة طوال الليل.
البعض لا يحس بأهمية هذا العمل إلا إذا جاء آخر الليل إلى شارع مظلم، واحتمال حدوث جريمة اعتداء عليه باستغلال الظلام. خلال العيد أحسست بأهمية هذا العمل. خلال عطلة العيد كانت موظفة تمر في شارع عند الساعة الثامنة. وهي اعتادت العودة من عملها في هذه الساعة، لم تستطع هذه الموظفة السير نحو منزلها الذي يقع على بعد مئات الأمتار لأنه غارق في الظلام، لأن الدكان الذي كان يضيء الشارع غابت إضاءته، لأن أصحابه ذهبوا في الإجازة وأغلقوا الإضاءة، حتى المسجد المجاور لم تكن به إضاءة. وكانت النتيجة أن الموظفة ظلت تتحرك في خوف شديد من أن يهاجمها أحد، وأوشكت على استدعاء أحد أفراد أسرتها بالهاتف الجوال فقط ليصطحبها حتى المنزل. ولم ينقذها من هذا الموقف إلا الركض لتتجاوز المنطقة المظلمة.
إن كثيراً من المسؤولين يقيمون في أحياء راقية، وبالتالي لا يحسون معاناة الناس.. وحتى الذين لا يقيمون في أحياء راقية زودت مساكنهم ومساكن جيرانهم بالإضاءة الخارجية.
الكهرباء متوفرة ولكن هنالك سوءً في التوزيع. بعض الأحياء مضاءة بالكامل والأخرى محرومة من الإضاءة، في الإمكان اقتسام الكهرباء كما ذكرنا في هذا العمود وخاصة في فترات الأعياد أيام الإجازات، بدلاً من أن يكون أحد الأحياء مضاءً بالكامل وبالإمكان إضاءته بنسبة (80%) ونقل الإضاءة إلى الشوارع المظلمة.
ويلاحظ أن الميادين لا أحد يهتم بإضاءتها في الأحياء الشعبية، لذا تجدها تسبح في الظلام بمجرد هبوط الليل. لماذا لا تخصص منازل محددة تزود بالكهرباء مجاناً مقابل إضاءة لمبات في الشارع؟
معظم الجرائم التي تتم يكون للظلام دور أساسي فيها، فاللص لا يسرق إلا في الظلام وكذلك قاطع الطريق. لماذا لا نضيء شوارعنا دون انتظار الحكومة.
> سؤال غير خبيث
كانت هناك أحياء راقية تنعم بخدمات الكهرباء طوال الليل. هل لا زالت هناك أحياء راقية.؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية