رأي

التضامن الإسلامي

} يتساءل المسلمون في كل أنحاء العالم: لماذا تبدو الدول الإسلامية مستسلمة لقدرها أمام “أوروبا”؟ منذ حرب أكتوبر 73 ما زالت “أوروبا” تخاف كلما تذكرت موقف الملك “فيصل”. لقد كان موقف الدول العربية بحجب البترول سبباً في قفز سعره أضعافاً مضاعفة، ومازال هذا السعر سارياً حتى الآن.
هل نحلم بموقف كهذا أو حتى قريباً منه هذه الأيام؟
أظن القراء كلهم يبتسمون الآن، المواقف الأخيرة للدول الإسلامية تقول إنها أعجز من اتخاذ موقف كهذا دفاعاً عن مصالح المسلمين، ما الفرق بين اليوم والبارحة؟ بالأمس كان لدينا وعي بأهمية ما لدينا من ثروات ولدينا وعي بأهمية ما لدينا من قوة، وكانت هنالك قيادة شجاعة ممثلة في الملك “فيصل” الذي أدرك أن “أوروبا” هي التي تحتاج للعالم الإسلامي ومع ذلك تساند “إسرائيل”، فقال قولته الشهيرة (ما دام يؤيدون إسرائيل فليذهبوا ويأخذوا البترول منها)، وكان قرار المقاطعة الذي نفذ بنسبة مائة بالمائة، ولم يتخاذل أحد بل تنافسوا في ذلك.
} الرئيس الأمريكي “نيكسون” وصف الملك “فيصل” بأنه أصبح أكثر الرؤساء العرب تطرفاً.
} منذ موقف البترول أصبح العرب أكثر قوة في مواجهة الغرب، واتخذوا بعد ذلك عدداً من المواقف أدت إلى قفز سعر البترول عدة مرات، وبفضل هذه المواقف تنعم الدول الخليجية بدخل لم تكن تحلم به. هل كان ذلك يحدث لو لم يصمم الملك “فيصل” على ذلك الموقف؟
} الآن هل تغيرت المعادلة أم الذي تغير هو عزمنا وإرادتنا؟ أصبحنا أكثر اعتماداً على الغرب، وبعد أن كنا ننوع في مصادر السلاح أصبح كل سلاحنا منه، لم تفكر دولة واحدة بتأسيس صناعة سلاح خاصة بها مع أن “الصين” و”الاتحاد السوفيتي” كانا على استعداد لمساندتنا في التحرر من هيمنة الغرب.
} الآن تأملوا ما يحدث للسودان، هل كل ذلك يحدث له لو أن لنا واحداً بالمائة فقط من عزم الملك “فيصل”؟ نحن الآن أكثر اعتماداً على الغرب، ولا نستطيع أن نجبره على اتخاذ أي موقف، وما علينا إلا انتظار نهاية قضيته.
لماذا لا نفكر في تفعيل منظمة العالم الإسلامي، إنها تضم أغنى الدول في العالم وتستطيع حشد العالم. صحيح يبدون ضعافاً وأكثر اعتماداً على الغرب، لكنهم لو أوتوا عزم الملك “فيصل” سيكتشفون أن هذا الغرب مجرد نمر من ورق، يبدو مخيفاً لكنه في حقيقته لا يستطيع عمل أي شيء أمام عزمنا وإرادتنا.
} إن ما يحدث للسودان الآن من مقاطعة لا داعي لها ما كانت لتحدث لو كنا موجودين ولدينا عزم وإرادة واحتملنا مقاطعة الغرب لنا لفترة أسابيع أو شهور. إن المعاملات الاقتصادية بين البنوك تجرأ الغرب على التدخل فيها وأصبح يصدر أوامره للدول العربية فتطيع دون نقاش.
نسي المسلمون إسلامهم فأنساهم الله أنفسهم. المطلوب الآن موقف شجاع من رئيس عربي واحد قبل أن يصل الموقف إلى المقاطعة الكاملة. ماذا يقول الرؤساء عندما يلاقون ربهم، هل يقولون شغلتنا أموالنا وأولادنا من الوقوف مع السودان. المطلوب الآن الدعوة إلى قمة اقتصادية يكون على رأس أجندتها ابتزاز الغرب. صحيح الدول الإسلامية الآن في وضع ضعيف، لكنها ستكون فرصة لوضع خطط التحرر من الهيمنة الغربية، وينبغي أن تكون هناك مواقف الآن تذكر الغرب أن التضامن الإسلامي حي.
} بدون ذلك على كل الدول الإسلامية توقع الأسوأ، اليوم السودان وغداً باقي الدول واحدة بعد الأخرى. إن الغرب يستفرد بكل دولة والبقية تتفرج، كما حدث عندما غزا التتار الدول الإسلامية، إذ كان الواحد منهم يقتل مسلماً ويأتي للعشرة الآخرين بعد أن يقتل عشرة في الصف والبقية تتفرج.
> سؤال غير خبيث
هل يظن ذلك “الكويتب” أنني سأرد على نكرة مثله فيشتهر، لماذا لا يسأل أسياده عن نبوغي؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية