رئيسة حركة القوى الجديدة (حق) "هالة عبد الحليم" لـ (المجهر):
قالت رئيسة حركة القوى الجديدة (حق)، إن ما يحدث الآن في السودان جزء كبير منه جاء على خلفية ما حدث في “مصر”، وما وصفته بالانهيار الذي تعرض له النظام هناك، بما يشبه انهيار الاتحاد السوفيتي السابق؛ الأمر الذي شكل ضربة كبيرة لحركات الإسلام السياسي. ورأت أن الاصطفاف الأيديولوجي بين حزبي (المؤتمر الوطني) و(المؤتمر الشعبي) مدفوع بالهزيمة ذات الآثار العميقة وبعيدة المدى التي تلقاها تيار الإسلام السياسي عموماً و(الإخوان المسلمين) خصوصاً، سواء في كل من مصر أو تونس. ورأت أن الحوار الذي يطرحه (الوطني) الآن من الممكن أن يحل الكثير من المشاكل بشرط أن يكون منتجاً، على أن ينطلق من أرضية فيها نديّة.
(المجهر) استنطقت “هالة” عن قضايا الراهن السوداني.. فماذا قالت؟!
} لماذا ترفض حركة (حق) الحوار مع (المؤتمر الوطني)؟
– هذا الحديث غير صحيح، ولا يوجد شخص يدعي أنه سياسي يرفض الحوار. نحن مع مبدأ الحوار، ونعتقد أنه من الممكن أن يحل الكثير من المشاكل، ولكننا مع الحوار المنتج، المنطلق من أرضية فيها ندية. لا يمكن على سبيل المثال أن أحاور والسلاح موضوع على رأسي، وفي ظل قانون يمكن أن يضيق عليّ، ولا يمكن أن أحاور في ظل عدم وجود إعلام يعكس وجهة نظري، وذلك لأني أحاور بالإنابة عن قطاع واسع من الشعب السوداني، وبالتالي فلا بد أن تنعكس وجهة نظري لهؤلاء الناس الذين أحاور بالإنابة عنهم، لأن ذلك يعمل إضاءات، فالإعلام مهم جداً. وهنالك أشياء أساسية ومهمة، نحن لم نتحدث عن أشياء عميقة، نحن نتحدث بأنه، ولكي يكون الحوار منتجاً، فلا بد أن تهيأ له الأجواء، بحيث أكون نداً لمن أحاوره، وبالتالي فإن توصيل الرأي والأمان على الأقل يعتبران أمرين مهمين هنا؛ لأن مثل هذا الحوار ينطلق بين طرفين لا يقفان على أرضية مشتركة بينهما.
} ألا تشكل محاور الرئيس “البشير” الأربعة التي طرحها في خطابه أرضية مشتركة للحوار؟
– كيف أحاور وفقاً لهذه المحاور، وهناك قوانين مقيدة، لا تستطيع معها أن تقول شيئاً، كما يوجد تقليص للقنوات الفضائية، ومن الممكن أن أحاور ولكن سيكون هذا حواراً غير منتج، وأعتقد أن مثل هذه المسائل جُربت مع المؤتمر الوطني، ونحن لا نحتاج إلى الدخول في تجربة جديدة تضاف للمسائل الكثيرة الموجودة. فلنفرض أننا جلسنا وتحاورنا وتوصلنا لمخرجات كثيرة، ثم ماذا بعد ذلك، ستظل مخرجات الحوار كواحدة من المخرجات السابقة في “نيفاشا” و”أبوجا” و”القاهرة” و”الشرق”..الخ، وستوضع مخرجات هذا الحوار (على الرف) مع الاتفاقات السابقة، وحتى يكون هناك شيء مختلف فلا بد أن نصر هذه المرة على أن نحاور من أمر مشترك.
} ما هو المطلوب إذاً حتى يكون الحوار مثمراً وبناءً؟
– أعتقد أن هنالك أشياء بيد النظام..
} مقاطعاً: (مثل ماذا)؟
– أن يلتزم بدستوره الذي وقعه، ولم تأت به المعارضة، فهذا يكسب الأجواء ثقة، بالإضافة لحرية الإعلام وضمانات بعدم الاعتقال لأسباب سياسية، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات. ونحن كأحزاب لا بد أن تتاح لنا مخاطبة جماهيرنا عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وبإعلامنا نحن، وذلك يعتبر أمراً أساسيا، (يعني أجي طالعة من الحوار أقيف في ميدان المولد دا وأقول لي جماهيري حصل وحصل وحصل)، وإذا لم أستطع فعل ذلك فإن ذلك يظل حواراً غير منتج.
} بعض المراقبين يرون أن ما يجري هو توجه دولي للوصول لتغيير ناعم للنظام عبر الوسائل السلمية؟
– طبعاً الضغوط الأجنبية موجودة، ولكن أؤكد إذا كنا نحن لدينا فعل على أرض الواقع فلن تستطيع قوى دولية فرض رأيها على الفعل السياسي الداخلي في السودان، ودونك تجربة “بشار الأسد” في سوريا، سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، علماً بأني أختلف معه جداً وكنت أتمنى ذهابه تحت هذا المخطط، إلا أنه في الواقع الفعلي تجد أن كل العالم وقف ضده عبر مخطط محكم، إلا أنهم لم يستطيعوا تغيير شيء على الأرض.. لم يستطيعوا تغيير النظام لأن الفعل على الأرض كان دائماً ما يتحكم..
} مقاطعاً: هذه مقارنة ربما لا تكون مناسبة مع الحالة السودانية.. ففي سوريا النظام مسنود بدعم دولي من “روسيا” وإقليمي ممثل في إيران؟
– لا يوجد اختلاف عن هنا، فدولتان داعمتان للسودان يمكن إيجادهما..
} ولكن “روسيا” دولة عظمى وحليف قوي لسوريا؟
– “روسيا” ما عادت عظمي، والنظام السوري لم يبق نتيجة للدعم الروسي، ففي ليبيا ذهب “القذافي” في نهاية المطاف. المخططات الدولية لا تستطيع تغيير النظام إذا كان هناك فعل حقيقي من أهل البلاد ذاتها، فإذا ما ملك السودانيون زمام أمرهم وكانت لديهم عقيدة يتوجهون حولها، وبرنامج متفق عليه، فان البرامج الدولية ستفصل وفقاً لما هو موجود، والفاعل الدولي دائما ما يفصل أشياءه وفقا لما هو موجود، ونحن حينما يوجد لدينا على الأرض فعل سياسي يغير موازين المجتمع الدولي فلن يستطيع أن يمرر علينا أية مؤامرات مهما عظمت.
} هل هنالك نية لترميم العلاقة بين أحزاب التحالف عقب تداعيات الحوار مع الحكومة؟
– عملياً فإن أي حزب بات موقفه مختلفا، وعملياً باتوا ليسوا جزءاً من الإجماع أولئك الذين وافقوا على الحوار..
} من هم؟
– (الأمة القومي) و(الشعبي)، فمن وافق على الحوار بلا شروط لم يعد جزءاً من الإجماع، والأخير له قراراته التي خرج بها حول الدعوة للحوار، ونحن لا نتحدث عن شروط، فمن يضع شروطاً للحوار هو عاجز، ونحن ليس لدينا شيء نخاف منه، ويمكن أن نتحاور حتى مع الشيطان، ولذلك أنا ضد كلمة (شروط).. نحن مع تهيئة الأجواء للحوار.
} هل أحدث ذلك شرخاً حقيقياً في جسم التحالف؟
– بالتأكيد يضعف ذلك المعارضة، ونحن كنا نريد من كل الفاعلين في الساحة أن يتوحدوا لمواجهة نظام (الإنقاذ)، لكن إذا خرج البعض فإن ذلك يعتبر أمراً مؤسفاً، ويضعف التحالف، لكن هذه ليست نهاية الإجماع، فنحن نعتقد أن فاعلية الإجماع تكمن في وحدته وليست في عدده، المهم في ماذا نفعل نحن، فإذا كان الفعل قوياً وأنت قليل العد تكون أفضل من أن تكون كثير العدد وفعلك غير فاعل.
} سبق أن قمت بوساطة؟
– نحن قمنا بوساطة في سبيل الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل حتى لا يفقد التحالف جزءاً من فاعليه، والوساطة نفسها كانت واحدة من العقبات العديدة التي اعترضت التحالف، وكنا نتمنى أن نمشي بكل فصائلنا موحدين لمجابهة (الإنقاذ)، لكن إذا باتت هذه المسألة عملياً غير ممكنة فعلينا أن نواجه الواقع، وأن نعد نفسنا بطريقة جديدة لمواجهة نظام الإنقاذ، وعندما كانت الحكومة نبذل جهوداً لتجذبهم إليها، نحن كنا نبذل جهوداً حتى لا يذهبوا إلى الحكومة.
} هل أحدث خطاب الرئيس اختراقاً في صفوف المعارضة ؟
– نحن اعتدنا أنه كلما تجمعت المعارضة يقوم “المؤتمر الوطني” برمي الموضوع على الطاولة، وهو طبعاً لا يريد الحوار، لكن مجرد أن يرمي به فإن ذلك يشق المعارضة ما بين رافض وموافق، وهذه لعبة قديمة درجوا عليها، ونحن هذه واحدة من من الأشياء التي قلناها إبان المصالحة.
} هل يصعب عليك دور المصالحة الآن؟
– كل يوم هما يعيدان الحسابات – (الأمة والشعبي) – لأن الحزبين لديهم تجارب مريرة مع النظام ومعرفة وثيقة به، ولا أعتقد أنه من السهولة أن ينحرطا في حوار مع النظام، وذلك لأن ما يجري ليس حواراً على الحقيقة، إنما النظام يريد إلحاقهم به، وليحكموا الناس بمنهج جديد، لذلك ما يجري هو محاولة لإلحاق المعارضة بالنظام.
} في ظل هذه الوقائع كيف تنظرين لمستقبل التحالف؟
– مستقبل التحالف ما زال يكمن في وحدته وفي فاعليته الكبيرة وسط الجماهير، فان كانت كبيرة أعتقد أنه يستطيع أن ينجز ما لم يتخيله في وقت قصير، كل المطلوب هو وضع خطة وهدف واضحين، ونحن لدينا ما نفعله والأمل موجود.
} (المؤتمر الشعبي) سبق أن عبر عن استيائه مما سمَّاه إسقاط شرعية الرئيس المعزول “محمد مرسي” في مصر؟
– ما يحدث الآن في السودان جزء كبير منه هو على خلفية ما يحدث في مصر، فالهزة والانهيار الذي يشبه انهيار (الاتحاد السوفيتي) السابق، تعرض له النظام نظام الإخوان في مصر، وهذا شكل ضربة كبيرة جداً، وبالتالي السودان كان مطلوباً منه أن يصبح الحديقة الخلفية لهذا النظام، وهذا الاصطفاف الآيديولوجي مدفوع بالهزيمة ذات الآثار العميقة وبعيدة المدى التي تلقاها تيار (الإسلام السياسي) عموماً والإخوان المسلمين خصوصاً، سواء في ” مصر” أو “تونس” ليتداركوا آثار ذلك الإنهيار في ظل الأزمات العميقة التي دخل فيها النظام والفشل الذريع في إدارة الحكم، وبضغوط متعددة داخلية وخارجية، يتم بناء التحالف الجديد لقوى (الإسلام السياسي) لدعم إخوتهم في الشمال وفي المنطقة.
} هل تعنين أن ثمة ضغوط خارجية تدفع بهذا الاصطفاف؟
– النظام في مأزق، فهناك من لا يستطيع، نتيجة بعض الضغوط، إلا توفير القواعد الخلفية للإخوان المسلمين في مصر، وفي الوقت ذاته هو يدرك أنه من الهشاشة بحيث لا يستطيع تحمل عواقب هذا الموقف صراعاً مع النظام الجديد في مصر، وهذا التحالف الآيديولوجي السوداني مطلوب لمساعدة النظام على الخروج من هذا المأزق.
} ما هي النتيجة المتوقعة نتيجة لذلك؟
– على صعيد الأزمة الوطنية، فسيؤدي هذا التحالف إلى (فركشة) قوى الإجماع الوطني، كما سيكون واجهة للنظام لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، وجبهة موحدة لمفاوضة الجبهة الثورية بعد محاصرتها إقليمياً وإضعافها.
} ما هو رأيكم في مبادرة جامعة الخرطوم؟
– لم تصلنا دعوة رسمية.. سمعنا بهذه المبادرة عبر الصحف، ولم نعرف الجهة المنظمة ولا أجندة الحوار.
} لماذا أنتم (نايمين في الخط) وبات نشاط المعارضة ينحصر في أحزاب الأمة والشعبي والشيوعي؟
– هذا تركيز الإعلام المبني على النظرية القديمة، فالإعلام السوداني لا يختلف عن الحكومة، وبات واجهة أخرى لها، حيث يحاول تحويل الأشياء، لكننا نعتقد أننا ناشطون في أوساط كبيرة جدا، ونحن نعتقد أن تحركاتنا وسط الشباب لها أثرها الكبير، وأعتقد أن هناك قصداً لتغييبها عن الإعلان، ولكن لا تعتقد أننا نائمون.