الديوان

مدينة «الدندر» .. دهشة طبيعية ورقعة جغرافية ساحرة

مدينة “الدندر” بولاية “سنار” سحر وجمال يمشي، فقد حملت المدينة كل مواصفات الحسن وهي تستقبل زوارها بالخضرة والأزاهير وتظلل سماءها برذاذ المطر ويحتضنك أهلها الذين يشكلون نسيجاً اجتماعياً فريداً يضم كل القبائل السودانية في تضامن قل أن يوجد في رقعة، ويتجسد هذا التضامن في انصهار الثلاث طبقات في طبقة واحدة، المزارعون، والتجار (الجلابة)، وصغار المزارعين (من يزرع أرضه الصغيرة التي تنتج ما يسد رمقه أو أجير في أراضي الجلابة)، وطبقة من لا يملك أرضاً ولا تجارة ويعتمد في معيشته على (ضراعه).
حنين جاء بالشيخ “زايد آل نهيان” زائراً
إذا وصلت إلى مدينة “الدندر” في أي وقت تشعر بالدفء من بساطة أهلها والأمان الذي تراه في الترحيب، وإذا قدر لك زيارتها لن تنسى أهلها الطيبين وشعورهم الإنساني تجاه الغريب.
داخل المدينة أحياء عريقة كالحي الشرقي أقدم أحياء المدينة الذي يحتضن منازل سكانها الأوائل ومنزل الناظر “بشير” الذي زاره الشيخ “زايد آل نهيان” حاكم إمارة “دبي”، وعندما رآه قال عنه الشيخ “زايد”: (هذا شيخ عرب نقي)، ومنه انتقلت النظارة إلى أبناء عمومه أبناء الناظر المنصور، والحي الغربي والشمالي والجنوبي وعدد من الأحياء الصغيرة، حي الأملاك وحي السلام وبها عدد كبير من القرى التي تحيط بها من كل الجوانب، وأشهر قرى “الدندر” “أبو هشيم” التي كانت مركزاً في عهد الحكم التركي المصري و”العزازة” التي يمر بها الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى (محمية الدندر).
(محمية الدندر) سحر لا يوصف
السياحة اقتصاد مستديم في كثير من بلدان العالم و(محمية الدندر) مرفق سياحي متجاهل.. وتم إعلانها محمية قومية في أوائل العام 1935م والوصول إليها براً من مدينة “الدندر” التي تبعد عنها حوالي (7) ساعات في الصيف بطريق ترابي وتطول إلى أسابيع في الخريف، ويجري بها نهران “الرهد” و”الدندر” وهما موسميان، وتعتبر فترة الصيف من أجمل الفترات التي يمكن أن تزور فيها المحمية ذات الموقع الفريد والطبيعة البكر، حيث تغطيها السهول ذات الحشائش والنباتات بجانب البرك وملتقيات الأنهار. وتملك المحمية أكبر تنوع أحيائي في شمال أفريقيا خط الاستواء، وأهم الحيوانات بها (الجاموس الأفريقي) و(وحيد القرن) و(الأفيال) و(النمور) و(الغزلان) ولا ننسى ملك الغابة (الأسد)، وبها حوالى (270) نوعاً من الطيور النادرة والمستوطنة والمهاجرة مثل (دجاج الوادي) و(الغرنوق) (النعام) و(البجع الأبيض)، وبها (32) نوعاً من الأسماك. وأنت داخل المحمية التي تبعد عن الخرطوم مسافة (300) ميلاً تندهش لطبيعة الأرض الخلابة، ويأتيك إحساس المغامرة والمتعة باكتشاف أعظم مملكة للحيوانات والطيور.
من يحمي المحمية من القطع الجائر؟
(محمية الدندر) برغم الاعتراف بأهميتها الاقتصادية والسياحية، إلا أنها تعاني من الصيد الجائر للحيوانات والقطع الممنهج للأشجار رغم يقظة قوات حماية الحياة البرية المكلفة بحمايتها، ويصل أحياناً الاصطدام بين القوات البرية والصيادين إلى تبادل إطلاق النار، وكذلك تعاني من توغل الرحل بأغنامهم داخلها وحشائشها الغزيرة تتيح لأنعامهم التوالد أكثر من مرة في السنة، وهذا التوغل موجود بكثرة رغم الغرامات الهائلة التي تستقطع منهم إذا وقعوا تحت أيدي القوات البرية، فواقع الحال يحتم على الحكومة المركزية الاهتمام بالمحمية لأنها تعكس تنوعنا السياحي.
التغني بجمال الدندر
بُعد شعراء “الدندر” عن محيط المدينة الحديثة حال دون التغني بجمالها ويركز معظم شعرائها على شعر الدوبيت الذي يمتدح الأنعام والنساء مختلطاً بثراء المدينة التي تهطل الأمطار بها خمسة أشهر في العام بغيث متواصل، وهذا الشاعر “الفرجوني” يرثي الناظر “منصور العجب”:
الله من تجاريح الزمن وآلامو
والله من هذا الخبر الوصلن كلامو
مات ود العجب قمراً مضوي ظلامو
مات الشامخة فوق رأس الملوك أعلامو
< همسة أخيرة
الدندر مرضع طفولتنا
ومرتع شبابنا
مبعد عذاباتنا
وأفراح سعادتنا
أنا الدندر درة وطني المعطار
طبيعة تخلف القلوب والأبصار
زراعة وسياحة وراحة للزوار
أسود ونمور.. كرم يشبه الأشجار

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية